في إحدى الحلقات الأولى من مسابقة ما يسمى جزافا سيتكوم للافاطمة يتصنع أحد الأطفال القهقهة حتى تبدو أضراسه الخلفية، كل ذلك بعد أن شاهد لقطة من لقطات للافاطمة، ثم يتدخل أحد أبطال السلسلة عزيز سعد الله فيلقي على أسماع المشاهدين سؤال الحلقة الذي لا يعدو أن يكون إلا طفوليا أيضا.. قهقهات الطفل وإن بدا واضحا أنها صفراء لا من القلب تعكس حقيقة أن سلسلة للافاطمة في طبعتها الثالثة لا تستحق غير ضحك الأطفال الذين يمكنهم أن يقهقهوا على أبسط الحركات وأكثر الكلام سذاجة من شبيه ما يعرض في السلسلة. ربما تكون للافاطمة أكثر البرامج الرمضانية إثارة للجدل بين المشاهدين والمهتمين على حد سواء، فمنذ أن بثت على القناة الثانية (دوزيم) لأول مرة في رمضان قبل سنتين، أثيرت حولها انتقادات واسعة، ما لبثت أن اتسعت أكثر عند العام الثاني للسلسلة خاصة بعدما راجت معلومات عن الحجم المالي الضخم الذي خصصته إدارة نور الدين الصايل المخلوع من على رأس القناة الثانية، وهو الحجم المالي الذي لم يعكس أبدا سلسلة هادفة فكاهية حقة، بل أبان عن سيتكوم هش ومصطنع على مستوى أداء ممثليه وبسيط في مضمون حواراته وساذج في المرمى الذي تخرج إليه عقدة كل حلقة، والأفدح من هذا وذاك الطريقة التي يتم وفقها اختيار أسئلة المسابقة المرافقة للسلسلة والتي تحمل عنوان إلا قلعتي شنو، حيث تطرح أسئلة لا تتجاوز مستوى السطحية التي تضحك على أفهمة المشاهدين أكثر ما تسرق منهم ضحكة صافية. أصحاب السلسلة صموا آذانهم عن كل انتقاد وأصروا على المزيد من تسويق وترويج التفاهة باسم الفكاهة للمرة الثالثة، فعرضوا طبعة للافاطمة هذا العام بشكل منسوخ عن الأجزاء السالفة، لا تغير على مستوى الشخصيات ولا على مستوى المضمون ولا على مستوى فكرة البرنامج ككل التي لا تعدو أن تكون أفكارا مشتتة، فكل حلقة قائمة بذاتها وفكرتها دونما انسجام مع التي سبقتها أو تليها، ناهيك عن أن جل الممثلين لم يخرجوا من جلابيبهم التي ارتدوها في الجزئين السابقين فأعادوا الأدوار نفسها وأعادوا معها الحركات والإماءات والأساليب الضاحكة، في نظرهم، نفسها دون أن تتبدل أو تتحسن، مما جعل السلسلة في طبعتها الثالثة أكثر من سابقاتها مللا ما دام المشاهد يعرف مسبقا عند مستهل كل حلقة نهاية الحلقة. كل شيء إذن لم يتغير، اللهم إلا إضافة بعض الشخصيات الثانوية والتي ألصقت لبعضها ألقاب تنم عن درجة السطحية التي تطبع السلسلة، تلك الألقاب من قبيل الجنجلان على سبيل المثال. مثلما أنه يمكن ملامسة التغير على مستوى الديكور، فبيت للافاطمة أعيدت صباغته مجددا فأصبح بلون مغاير للون البيت الذي ظهر في الجزء الثاني من السلسلة، كما أن محل بيع أشرطة الفيديو الذي في ملكية للافاطمة تحول، بشكل فجائي لا مقدمات له، إلى محل لبيع الحلويات، بطابع عصري انعكس على طريقة لباس صاحبة المحل التي طلقت ألبستها التقليدية، كما كان حالها في الجزئين الماضيين، وأضحت بأردية عصرية مغايرة. ليظل، على العموم، طابع التكرار هو الغالب على السلسلة طالما التغيرات التي طرأت جاءت سطحية أيضا، لم تمس جوهر فكرة البرنامج التي ارتأى المشاهدون أن تكون في طبعتها الثالثة لهذا العام أكثر نضجا وعمقا، يمكن أن تلامس قضايا الناس بقالب فكاهي ممتع يسترق الضحكة من أفواه المشاهد لا يزيدهم غما على غم. يونس البضيوي