أشاد علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني أمس بجهود الرئيس الأمريكي جورج بوش في دعم عملية السلام في السودان مؤكداً التزام بلاده بتحقيق التنمية الشاملة، في وقت أعلن الدكتور حسن الترابي زعيم حزب “المؤتمر الشعبي المعارض” عزمه زيارة الولاياتالمتحدة، وأوروبا معلناً أنه سيلتقي جون قرنق زعيم حركة التمرد الجنوبية في احدى الدول الأوروبية، مؤكداً ان قرنق لم يطرح فكرة انفصال جنوب السودان. وأن الذي طرحها هو رياك مشار احد مساعديه. وقال علي عثمان محمد طه خلال اجتماعه في الخرطوم امس بمدير وكالة المعونة الأمريكية اندرو ناتسيوس “ان السلام صار خياراً استراتيجياً لا رجعة عنه مرة اخرى الى الحرب". وأوضح وزير الشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد الذي حضر اللقاء للصحافيين ان ناتسيوس اطلع طه على خطط وبرامج المعونة الأمريكية لدعم المتضررين والنازحين بدارفور وشرقي السودان بجانب خططها وبرامجها للتنمية والاعمار لمرحلة ما بعد السلام”. وأضاف الوزير ان طه أكد ضرورة اتفاق واضح بين الحكومة السودانية والمعونة الأمريكية بشأن المساعدات الأمريكية خلال مرحلة ما بعد السلام. وذكر ان مدير المعونة الامريكي تعهد بمضاعفة العمليات الانسانية لدعم النازحين والمتأثرين بالحرب والفيضانات بشرق السودان وفي دارفور غربي البلاد. وأوضح ان المعونة الامريكية قدمت 16 ألف طن من المواد الغذائية للمتضررين وتعهدت بزيادة ذلك في المستقبل. وكان مدير المعونة الامريكية قد وصل الخرطوم الاحد الماضي في زيارة تستغرق خمسة ايام لبحث اوجه التعاون المشترك وما حققه برنامج المعونة الأمريكية الانساني بالسودان بجانب بحث الخطط المستقبلية عقب التوقيع على اتفاقية السلام واحتياجات البلاد لاعادة الاعمار والتنمية والوقوف على اوضاع النازحين في ولاية دارفور. إلى ذلك اتهم الدكتور حسن الترابي الحكومة السودانية باخفاء بنود اتفاقها مع حركة التمرد الجنوبية واعتبارها مفاوضات السلام سراً، وحكراً عليها وعلى الحركة”. وقال الترابي في مقابلة مع وكالة “انباء الشرق الأوسط” المصرية امس “ان الانفصال سبة في جبين اهل شمال السودان المسلمين". ونفى وجود أي شروط او تعهدات معينة لاطلاق سراحه، كما نفى ايضا وجود اي ضغوط من قبل الادارة الأمريكية لهذا الغرض. وأوضح ان هناك بلدين عربيين من شبه الجزيرة العربية كان يلحان على الحكومة لاطلاق سراحه، احدهما دولة قطر، لكنه رفض ذكر اسم الدولة الأخرى. واستدرك قائلا “ان الخارجية الأمريكية دانت اعتقالي ليس لطفاً ورحمة بي وانما لنقد الحكومة السودانية ونظامها الاسلامي والأمريكان حاليا يقدمون السلام على الديمقراطية رغم انه لا سلام من دون ديمقراطية وهم يعلمون ان الارادة الشعبية هي التي ستتولى السلطة في السودان وبالطبع هم يكرهون وصول الاسلاميين للسلطة مثلما حدث في الجزائر وتركيا وبالتالي فهم قد يودون ان أبقى في سجني، خاصة انهم كانوا يتهمونني بالارهاب فيما مضى". وحولما اذا كان يؤيد قيام ثورة جديدة في السودان لتولي مقاليد الحكم مثلما أيد ثورة “الانقاذ”، قال الترابي: "انا تحدثت كثيراً عن مخاطر الثورات فهي قد تكون ضرورة، غير انها دائما تأتي بالهدم وبالقتل. وانا ضد سياسة الاغتيالات". وحول رأيه في ما يحدث في ولايات دارفور من عمليات سلب ونهب مسلح، قال الترابي “ما يحدث ليس نهباً وما يحدث هو عمليات نهب بين قبائل عربية بدوية وأخرى ليست عربية، وهي قبائل مسلمة هويةً وليست لها ثقافة الدين، وغالباً ما يطلق على المعارضين من امثالهم صفات شائنة وهم لا يعتدون إلا على أموال وممتلكات الحكومة ولا يمسون اموال أو ممتلكات او ارواح المواطنين. وهم ضد السلطة وليسوا ضد المواطنين". وعما اذا كان قرنق يسعى الى الوحدة، قال الترابي: "لم يطلق قرنق كلمة انفصال. الذي اطلقها هو رياك مشار بعد ان لم يوف له بالعهود التي قطعتها له الحكومة. وكل الرسائل التي جاءتني من قرنق لا تشير الى انفصال وبغض وكره. ولكنه مظلوم كما يظلم الابن من ابيه، ولا يريد ان يشق البيت ولكنه قد يثور وقد يخرج من البيت حيناً". وبشأن قراءته للتدخل الامريكي في مفاوضات السلام السودانية، قال: “اهمية افريقيا بالنسبة لأمريكا ثانوية غير انها تريد ان تحفظها مثل المعادن والبترول، وامريكا ذات نزعة امبريالية شابه على العرب والافارقة والاوروبيين والآسيويين فهي رجل اكبر طاغ وسياسة امريكا الخارجية ليست ديمقراطية". وأشار الى انها تمارس ضغوطا على المتفاوضين وهي التي تحكم منطقة جبال النوبة فضلاً عن الجنوب، وهي التي تسوس العالم وترسم له سياساتهم. وعن الجولة الخارجية التي سيقوم بها، قال الترابي: “الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر دعاني للزيارة مثلما قمت من قبل بزيارة امريكا وهي الزيارة التي عاقبوني عليها في السودان بضربي ضرباً مبرحا على رأسي ولكنني هذه المرة أحاول تأمين نفسي". وحول الدول الأوروبية الاخرى التي سيزورها، قال" "سأزور كل دول اوروبا. فأنا سأتحدث الى الاوروبيين كما كنت قديما اتحدث للعرب والجاليات العربية"، مضيفاً انه سيلتقي قرنق في احدى تلك الدول. صحيفة "الخليج" الإماراتية، عدد الأربعاء 28/10/2003