أكد زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي ل “الخليج”، في منزله بعد إطلاقه أمس (الاثنين) ان اطلاقه تم بضغوط مارستها “الحركة الشعبية” بزعامة العقيد جون قرنق، وبفضل الأحداث التي يشهدها اقليم دارفور (غرب). وقال إنه لن يتراجع عن مبادئ انطلق منها “مهما كانت القرارات والأسباب والظروف”. وزاد: “سنمضي في طريقنا من أجل السودان استكمالاً للحريات وعودة مشروع السلطة إلى الشعب”. وكانت الطريق المؤدية إلى منزل الترابي في ضاحية المنشية (شرق الخرطوم) قد غصت بأنصاره ومهنئيه بعد اعلان الاذاعة والتلفزة الحكوميتين قرار الرئيس السوداني الفريق عمر البشير أمس اطلاق جميع المعتقلين، بمن فيهم الترابي الذي كان قيد الاعتقال منذ نهاية فبراير/شباط 2001 اثر توقيع حزبه (المؤتمر الشعبي) مذكرة تفاهم مع حركة قرنق. وقال مقربون إلى الترابي انه على رغم سنوات الحبس ظل محتفظاً بروح الدعابة، إذ قال لمرافقيه عند ابلاغه قرار الرئيس السوداني اطلاقه أمس: “لنسرع قبل ان تغيّر أمريكا آراءها”، في غمزة لا تخفى من قناة رضوخ تلاميذه السابقين لنفوذ الولاياتالمتحدة اثر احداث سبتمبر/أيلول 2001. وتردد في الخرطوم ان علي عثمان طه النائب الأول للبشير، وكان الرجل الثاني في الحزب الحاكم قبل انشقاقه عن الترابي، مغيب عن قرار اطلاق الترابي، وان البشير اتخذ القرار رغم معارضة متنفذين في حكومته يرون ان وقته لم يحن بعد. وشاع في مجالس الأنس في العاصمة السودانية ان البشير قال لمقربين إليه: “الأمريكيون يضغطون والوسطاء والأجهزة المختصة، لكننا أولاد بلد وسنفعل ما تمليه ضمائرنا”. وقال الترابي ل “الخليج” أمس انه لن يتراجع عن مبادئ انطلق منها سواء أأطلقت الحكومة سراحه أم أبقته رهن الاعتقال. وأضاف: “نحن منطلقون من مبادئ لن نحيد عنها مهما كانت القرارات والأسباب والظروف، وسنمضي في طريقنا من أجل السودان استكمالاً للحريات وعودة مشروع السلطة إلى الشعب هذا ما سنفعله ونعمل من أجله”. وأضاف: “نحن نعمل بأصل الإسلام، وهو ان الحرية للجميع حتى لمن يهاجم الدين نفسه، وأن الشورى ملزمة وأن نحكم نحن الجهاز التنفيذي ولا يحكمه طاغوت أصلاً، وأن العهود ملزمة، سياسية كانت أم تنفيذية”. وأشار الترابي إلى انه اختلف من قبل مع الحكومة على هذه القضايا. وقال: “أصبحنا نتحدث في الندوات العامة وكان ذلك خطراً عظيماً، لذلك سدوا عليّ الأبواب والحرية وعلى الصحف والإعلام والأحزاب حتى تُحتكر السلطة لجهة واحدة ثم لفرد واحد في نهاية الأمر”. وزاد: “الآن الضغوط العالمية على السودان بالذات من قوى جنوبية وغربية في السودان دفعت إلى توازن القوى، وهذه هي المعادلة التي أدت إلى الإفراج عنا”. وأردف: “سنكمل المعادلة في إطار مبدأ إعادة الشورى”. وأكد الترابي: “ان المبادئ هي محور خلافنا مع الذين في السلطة الآن، وليس الأمر خصومات بين أفراد. الأمر اجابة عن اسئلة: هل الحرية لكل الناس؟ هل يحق للآخرين تشكيل أحزابهم كما يشاؤون أم لا؟ هل الشورى ملزمة بأن يحكم السودان نفسه حكماً محلياً أم اقليمياً أم يحكمه أفراد أو عصابات أو أحزاب؟ وهل يلتزم الناس بالنصوص التي يكتبونها سواء أكانت اتفاقيات سياسية أم دستورية؟”. وقال: “إرادة الشعب هي التي تقدر المصائر. هذه هي القضايا، وإذا اتفقنا على أي أصول مع المؤتمر الوطني القديم أو حزب الأمة أو الاتحاديين أو مع الحزب الشيوعي أو مع كل الأحزاب، فيمكن ان نجتمع”. وأضاف الترابي ل “الخليج”: “كل الشعب يعمل للحرية، ولا يمكن الحديث عن توزيع الثروة والسلطة أو أي من القضايا بمعزل عن الشعب، لأن الثروة ثروته والسلطة سلطته، ولا بد ان يشارك كل الشعب. لذلك الإرادة ليست إرادة حكام، وإنما إرادة شعب. الآن هنالك معركة بين قوى سياسية، والكثير من هذه القوى تريد الحرية. سنعمل مع بعضنا بعضاً من أجل الحرية. وإذا قامت الحرية فسنترك الخيار للشعب كي يختار من يريده، فهو صاحب الحكم، يقدم من يقدم ويؤخر من يؤخر. نحن مع مبدأ الحريات والمبادئ التي يتفق عليها الشعب وملتزمون المبادئ الدستورية التي يقرها. ورداً على سؤال من “الخليج” عن مغزى توقيت اطلاقه، قال الترابي: “ان التوقيت يجري الآن في السودان جنوباً. فقد كان يمكن أن يطلق سراحي بعد أيام، لكن الآن الموازنات هي التي تتم في الجنوب. وأنا تردني أخبار المفاوضات، وأعرف انهم يتحدثون عن إطلاق سراحي، وعن حريات الناس، ونعرف ان حقوقهم حتى لو كُتبت على الورق فلن تكون ذات قيمة، لأنه يمكن تمزيق الورقة غداً وتحدث الخيانة. لكن الآن هنالك قوى شعبية موجودة تعمل من أجل الحريات”. وذكر الترابي انه مر أولاً على دار الحزب قبل منزله ليؤكد وفاءه للمبادئ التي سُجن من أجلها. وأعلن إبراهيم السنوسي القيادي المخضرم في حزب الترابي ان الأمين العام ل “المؤتمر الشعبي” سيعقد اليوم (الثلاثاء) مؤتمراً صحافياً يشرح فيه خطط الحزب المستقبلية ومواقفه من القضايا المطروحة في الساحة السودانية. وأكد ان الشرطة رفعت الحراسة عن دور الحزب وعن صحيفته التي قال انها ستستأنف صدورها اعتباراً من غدٍ (الأربعاء). الخرطوم عماد حسن وبليغ حسب الله (صحيفة "الخليج" الإماراتية 14/10/2003)