أعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن فرض عقوبات على السودان بسبب الأزمة الجارية في دارفور سيضر بالموقف، وسيعقد من جوانب المشكلة، في الوقت الذي عارض فيه متمردون سودانيون فرض عقوبات على بلادهم، مؤكدين أن الضرر الأكبر من هذه العقوبات سيقع على الشعب السوداني، وخصوصًا سكان دارفور وليس الحكومة السودانية. وقال آدم النور مساعد رئيس حركة تحرير السودان المتمردة في دارفور: إن الحكومة لن تتضرر من هذه العقوبات بقدر الضرر الذي سيقع على الشعب السوداني بما فيه أهالي دارفور أنفسهم. وحذر النور في كلمة في ندوة نظمتها صحيفة الأهرام المصرية بمقرها في القاهرة بالتعاون مع منتدى مصر والسودان الإثنين الماضي، من مخاطر فرض عقوبات على السودان والتدخل الأجنبي في شؤونه، معتبرًا أن ذلك بداية الطريق لتقسيم السودان. واتهم مساعد رئيس حركة تحرير السودان مصر والجامعة العربية بالتقصير تجاه التحرك لحل المشكلة في دارفور حتى انفجرت الأوضاع وأصبحت خارج السيطرة، مثلما حدث في جنوب السودان عندما نأت الدول العربية بجانبها عن الوضع هناك. وقال الدكتور أحمد عبد الحليم، سفير السودان بالقاهرة، إن التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على السودان لم يعطِ الحكومة الفرصة الكافية لتنفيذ وعودها للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان خلال زيارته الأخيرة للخرطوم، بأن تحقق الأمن والاستقرار خلال 90 يومًا. ودعا عبد الحليم الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي للقيام بالتحرك السريع من أجل منع أي قرار سلبي ضد السودان، ومساعدة الحكومة في استعادة الأمن في دارفور، وتسهيل مهام المنظمات الدولية لتوصيل الإغاثة للمتضررين، واستئناف المفاوضات مع المتمردين بدون شروط مسبقة. وأشار إلى أن الحكومة السودانية شرعت بالفعل في إجراء محاكمات فورية لكل من تورط في أعمال قتل أو عنف في دارفور، سواء كان من ميليشيا الجنجويد أو من غيرها، بهدف استعادة الأمن وفرض السيطرة الكاملة على المنطقة. ويتهم متمردو دارفور الحكومة السودانية بإهمال المنطقة، وتسليح مليشيات الجنجويد العربية، وتنفي الخرطوم هذه الاتهامات، وتتهم قوات المتمردين بمهاجمة المباني الحكومية، وقتل موظفي الحكومة، وخطف الأطفال وإجبارهم على القتال ضد القوات الحكومية. وقد قدمت الولاياتالمتحدة إلى مجلس الأمن نسخة معدلة من مشروع قرارها حول أزمة دارفور آملة أن يتم التصويت عليه قبل نهاية الأسبوع، فيما أعلنت فرنسا تضامنها لاحتواء الأزمة المندلعة غربي السودان. وقالت مصادر أممية إن الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن ناقشوا النسخة الأمريكية المعدلة أول أمس، ويتوقع أن يدرسوها أمس على مستوى الخبراء ثم السفراء لمتابعة مناقشاتهم حول المشروع. وجرت النقاشات وسط سعي أمريكي حثيث لكي يتم التصويت قبل نهاية الأسبوع على النسخة الجديدة لمشروع القرار الذي يختلف اختلافا طفيفا عن النسخة السابقة التي طرحت الخميس الماضي، وأدخلت عليها تعديلات لغوية تلبية لطلب مختلف الدول الأعضاء. وأبقت النسخة الجديدة على جميع العناصر الواردة في النسخة السابقة وخصوصا المطالبة بأن تعتقل الخرطوم وتحاكم الأشخاص المسؤولين عن أعمال العنف والقتل في دارفور، وذلك تحت طائلة اتخاذ تدابير جديدة في حق الخرطوم قد تصل إلى فرض عقوبات على حكومتها. وفي مقابل السعي الأمريكي المحموم لاستصدار قرار أممي ضد السودان، أعلن وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه تضامن باريس مع الخرطوم في مواجهة الأزمة، معربا عن أمله في أن تطبق الحكومة السودانية التزاماتها ولا سيما منها نزع سلاح المليشيات الذي يجب تنفيذه. وأكد بارنييه الذي يوجد حاليا بمنطقة الأحداث أن تلك القضية لا يمكن حلها بمعزل عن السودان أو ضد السودان وإنما مع السودان، مشددا على ضرورة إيجاد طريق للحوار لاحتواء أزمة دارفور. وقد استهل رئيس الدبلوماسية الفرنسية أمس زيارته للإقليم والتي تستمر ثلاثة أيام بلقاء أعضاء مهمة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للاتحاد الإفريقي وبزيارة أحد مخيمات اللاجئين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وقال وزير الزراعة السوداني رئيس وفد المفاوضات مع متمردي دارفور مجذوب الخليفة أحمد في أعقاب اجتماع طارئ لمجلس الوزراء قبل يومين إن الحكومة ستشرع في تقوية خطابها السياسي الرافض لأي تدخل خارجي، وإبلاغ المجتمع الدولي برفض التدخل في شؤون دارفور. وأضاف أن الحكومة ستقابل أي جندي أجنبي يطأ أرض السودان بما يناسبه، مؤكدا أن الحكومة ستعقد لقاءات مع قيادات القوى السياسية المتحالفة والمعارضة لتوحيد الجبهة الداخلية، وستطلق سراح معتقلين وتدعوهم للحوار. ولم يستبعد أن تتحاور الحكومة مع المعارض الدكتور حسن الترابي. وفي السياق نفسه قال مسؤول سوداني كبير إن حكومة الخرطوم تعتزم إطلاق سراح زعيم حزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي المعتقل بتهمة تحريض متمردي دارفور، والذي يرقد حاليا في المستشفى. وأوضح وزير الزراعة مجذوب الخليفة أنه سيتم الإفراج أيضا عن جميع أعضاء حزب المؤتمر المعارض في أقرب وقت ممكن. ولم يحدد المسؤول موعد الإفراج عن الترابي (72 عاما) وأعضاء حزبه على وجه الدقة. وكانت السلطات الأمنية اعتقلت الترابي مع أعضاء آخرين من حزبه في مارس الماضي بتهمة تحريض المتمردين في إقليم دارفور غربي البلاد.