عندما تلتفت منظمات توزيع شهادات الاعتراف بامتلاك ثقافة السلام المؤممة لنظام دولي استكباري لطبعة غير مسبوقة في تاريخ بني آدم... إلى أحد المسلمين في هذا العالم، وتقرر أن لمنحه هذا الاعتراف وتشهد له بأن خلايا دماغه وعصارة أعصابه مؤهلة لانتاج وتسويق ثقافة السلام بالمقاييس المعتمدة دوليا... وعندما يكون هذا الكائن الملتفت إليه في هذه اللحظة بالذات، إيرانيا أولا، مسلما ثانيا، امرأة ثالثا!! فلاشك أن صفارات الإنذار ضد التشويش على نزاهة التفكير تنبعث من كل جنبات الإنسان الطبيعي... لكي يأخد احتياطاته الضرورية والكافية لفهم أسباب اجتماع هذا الثالوث في توجيه الاختيار وتوقيته على السواء... إن تاريخ منح جوائز السلام في هذ العالم يكشف عن وجود تدبير ينسجم مع منطق من يتصورون أنهم قادة العالم وسادته، وليس بالضرورة مع ما يتصل بالسلام ومفاهيمه الإنسانية النبيلة المتعارضة من سياسات الاستكبار والظلم الجارية تفاصيلها في أغلب بقاع هذا العالم الحزين... فشيرين عبادي، كما يعلم من سيرتها المنشورة توا، بعد قرار تلميعها ومنحها الجائزة، لم يسطع لها نجم لا في سماء السلام ولا في أرض الحرب... وهي في كل الأحوال امرأة يموج العالم بالملايين من أمثالها... حتى عندما نقبل أن نضالها وحركتها المجتمعية كانت حقوقية بامتياز...!! وحول قضايا ذات صلة بالمجتمع الإيراني بامتياز أيضا..!! إن حالة التجاوب الساذج التي عبرت عنها تصريحات ومواقف بعض المسلمين والمسلمات، والمومنين والمومنات، (من النخب الحقوقية والإعلامية المفكرة في العالم الإسلامي) لا يمكن فهمها خارج منطق التعويض النفسي عن سيل الإخفاقات المتواصلة لهذه النخب في فهم طبيعة الصراع المندلع على سطح هذا الكوكب المنهك بالوقاحة والسذاجة في نفس الآن... لقد سال مداد كثير حول تأكيد تشبع الإسلام بثقافة السلام وبراءته من العنف وتقديم آخر الأدلة على ذلك باستحضار عظمة هذه الجائزة السلامية الكبرى الممنوحة لامرأة مسلمة!! والانتشاء بعالمية هذا الاعتراف!! إيران اليوم قطعة جبن مستدعاة لمائدة الكبار المتوحشين... وحفل الباليه الذي يسبق عمليات شحذ السكاكين وقطع الأجزاء وتوزيعها والتلذذ بابتلاعها، يمر حسب الطقوس الإرهابية، بعمليات تحرش حقوقية وتفتيشية واقتصادية وسياسية وإعلامية وثقافية... يساهم كل خادم في تنفيذها حسب الطلب وفي الوقت المناسب...! إن كاميرات المنظمات المانحة للجوائز لم تبصر منذ حوالي خمسين سنة امرأة فلسطينية واحدة من اللواتي شردن وعذبن وناضلن من أجل السلام في فلسطين!! إن هذه الكاميرات لا تلتقط سوى النساء المناضلات ضد ثقافة شعوبهن وهوية بلدانهن... فهن وحدهن من يتم الاحتفاء بهن في الملتقيات ولهن وحدهن تنفتح بيسر استديوهات أكبر القنوات ولهن وحدهن تخصص المجلات الناعمة أطول الحوارات وأجمل الصور!! ولهن وحدهن تهدى جوائز السلام!! إن المناضلين الشرفاء والمناضلات الشريفات هم/هن من يعتذرون عن الجوائز المشبوهة المعروضة عليهم... خاصة عندما تكون شعوبهن مهددة في سلامها من طرف سادة هذه المنظمات وشياطينها المتحركين على الخشبة بعد أن كانوا إلى وقت قريب يتحركون من خلف الستار... لن تدخل شيرين عبادي سجل سلام الشعوب وإن دخل سجل سلام المنظمات المانحة... لأن احتضان الوقاحة المعولمة للسذاجة العالمثالثية هو العنوان الكبير لهذه الخطوة الصغيرة. الحبيب شوباني