المغرب يتأهل لربع نهائي دوري الملوك على حساب اليابان    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    أسعار الذهب تواصل الارتفاع    أجهزة الرقابة المالية تبحث في امتلاك أجانب عقارات فاخرة بالمغرب    تصنيف "تكلفة المعيشة" يضع 3 مدن مغربية بين الأغلى في قارة إفريقيا    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    ارتفاع حاجيات الخزينة إلى 14 مليار درهم مع بداية العام الجديد    عدد القتلى يرتفع في زلزال الهيمالايا    بعد الفراغ السياسي في كندا.. مطامع أمريكية بضم البلاد إلى ولاياتها    وزير الصحة في مواجهة انتقادات حادة بسبب إلغاء صفقة عمومية ب180 مليون درهم    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    صادم.. التدخين يقتل 12.800 مغربي سنويا    انطلاقة برنامج 'محاضرات علمية' الموجه لسجناء قضايا التطرف والإرهاب    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    جمهورية غانا تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية" الوهمية    التدخين يكلف المغرب 5 مليارات درهم سنويًا ويتسبب في آلاف الوفيات المبكرة    فرق التجهيز تتدخل لإزالة الثلوج عن محاور طرقية بإقليم الحسيمة    الصين: ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال منطقة التبت إلى 95 قتيلا    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    برلماني يفضح تورط مصحات خاصة في التلاعب بملفات التعويض عن المرض ويطالب بتحقيق عاجل    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    إجمالي الاستثمارات في الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل للفترة (2024-2030) يقدر بحوالي 30 مليار درهم (بنعلي)    عاصفة ثلجية قوية تشل حركة أوروبا    الدولي المغربي عبد الرزاق حمد الله يصبح الهداف التاريخي لكأس الملك السعودي    محمد صلاح يرد على كاراغر ساخراً: "بدأت أعتقد أنك مهووس بي"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    عامل الحسيمة يتفقد تقدم أشغال مشاريع طرقية كبرى في الإقليم    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    الرحلات الجوية تعود إلى مطار دمشق    المتصرفون المغاربة يستنكرون التمييز ويدعون إلى إصلاح عاجل لنظام الوظيفة العمومية    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    لبنان.. القوات الإسرائيلية تبدأ الانسحاب من الناقورة وهوكستين يؤكد التزام "كل الأطراف" باتفاق وقف النار    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    الرئيس الفرنسي يشيد "بالطموح غير المسبوق" للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مقاطعة أم انهيار: غياب ممثلي «جمهورية تندوف» في الخارج عن ندوة «لحمادة» للعلاقات الخارجية    الشعب يفرح بالمطر والحكومة أيضا..    المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات وكأس العالم للطهاة    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومنطق الأبوة هو الأحسن
نشر في التجديد يوم 08 - 10 - 2003

جاء في مقال بجريدة الأهرام الدولي ليوم السبت الماضي، بعد الإفراج عن كرم زهدي رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية ومعه حوالي ألف شخص من كوادر هذه الجماعة، أن رجال أمن الدولة المصريين لا يتعاملون مع هؤلاء الشباب المتسرع وكأنهم أعداء شخصيون لهم، ولكن بالعكس يحاولون احتواءهم وحمايتهم من أنفسهم وبالطبع حماية البلاد. ويضيف صاحب المقال أن هناك تنسيقا يتم أو ربما تم بالفعل بين المسؤولين في إدارات السجون وأمن الدولة والوزارات المختلفة لتوفير فرص العمل لبعض المفرج عنهم، وذلك بالتدريب على بعض أعمال النجارة والغزل والسباكة والحدادة لضمان تكسبهم من مهنة حرة، بل هناك رجال أعمال وعدوا بتوفير بعض الوظائف لعناصر تتيح لها شهاداتها الجامعية استيعاب متطلبات تلك الوظائف. وقامت أجهزة الأمن بتوفير مساكن لمن أفرج عنه ولم يجد أسرة تنتظره أو مسكنا يأويه.
هذا الكلام الذي نستشهد به هنا لا يخص دولة من العالم المتقدم، بل هي دولة عربية، كانت أول دولة تنشأ على أرضها أول حركة إسلامية بعد سقوط الخلافة العثمانية وهي حركة الإخوان المسلمون، وقطعت أشواطا امتدت لعقود من الزمن بين مد وجزر وكر وفر في تعاملها مع الحركات المتفرعة عن الحركة الأم، ونصبت محاكم وسقطت أرواح كثيرة وزج بشباب غفير في غياهب السجون، بل ذهب ضحية هذا العنف المتبادل رئيس دولة مصر الراحل أنور السادات. وبعد كل هذه المدة يبدو أن أجهزة الأمن هناك تمرست في معالجة نوازع التطرف والتنطع والميل نحو استعمال العنف في مجال التدين من قبل بعض الشباب المتحمس، وإن كان رد تلك الأجهزة في وقت من الأوقات عنيفا وشرسا. ومع ذلك يمكن أن نسجل في الآونة الأخيرة أن المسؤولين المصريين قاموا بعملية جبارة وهي كسر حاجز الخوف والتوجس والريبة، وتجاوزوا عقدة هيبة السلطة المسيطرة على عقول رجال الأمن، هذا العمل هو فتح حوار واسع مع زعماء الجماعة الإسلامية داخل السجون، ووصلت معهم في نهاية المطاف إلى اتفاق متبادل على نبذ العنف ومراجعة المواقف المتشددة، وهيأت الأجواء داخل المعتقلات لتفسح المجال أمام تواصل أعضاء الجماعة
فيما بينهم من أجل مطارحة شاملة للأفكار.
لكن يبدو على عكس من ذلك أن سلطات الأمن بالمغرب لها وجهة نظر أخرى تختلف عما وصلت إليه مصر التي عانت أكثر من بلدنا من ويلات العنف، حيث يتبين أن المعالجة الصارمة والأحكام القضائية القاسية هي السبل المعتمدة الآن للقضاء على رياح التطرف التي بدأت تهب على بلادنا. والتجربة أثبت وتثبت أن العنف لا يولد إلا العنف وأن التشدد في الأحكام لا يولد إلا الكراهية، وأن دعاة الاستئصال من هذا الجانب يقوي دعاة الاستئصال من الجانب الآخر. وإن ظهر ببلادنا نزوع لدى بعض الشباب إلى التطرف واعتماد أساليب الإكراه في دعوة الناس إلى الالتزام بتعاليم الدين، وهي بطبيعة الحال فهومات خاطئة وبعيدة عن الفهم السليم للتدين، فإن ذلك يكشف عن مسؤولية الجميع في تحمل الآثار السلبية لذلك، كما عبر عن ذلك جلالة الملك في إحدى خطبه. فمن جهة هناك فراغ واضح تتركه الدولة في تأطير تدين المواطنين، ومن جهة أخرى نجد مسؤولية العلماء والحركات الإسلامية العاملة في الميدان بتركها بعض جوانب الساحة الدعوية فارغة أمام انتصاب بعض الجهلة كأئمة ودعاة وتصديهم للإفتاء والتكلم باسم الدين. والدولة أمام غيابها شبه المطلق في ممارسة وظيفة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، فهي بالمقابل تفتح الباب على مصراعيه أمام دعاة الفتنة والميوعة والتغريب ليحتلوا مواقع متقدمة ومتنفذة في وسائل الإعلام والسلاليم الإدارية، وليمرروا برامجهم التخريبية والتمسيخية لهوية المغاربة. وأمام هذا التطرف اللاديني سينبت أيضا تطرف ديني قد يكون ما حصل ويحصل هذه الأيام بعض تجلياته. فالمعالجة الشمولية لأي ظاهرة كيفما كانت هي السبيل الوحيد لتصحيح الأفهام وتقويم الاعوجاج. لذلك نقول إن معالجة ظواهر التكفير ونوازع التنطع بالمغرب لن يكون إلا بفتح باب الحوار والتواصل ومقارعة الحجة بالحجة، ولم لا أن يكون السجن أو الإذاعة أو التلفزة أو الجرائد مسرحا لذلك. فالانحراف في مجال التدين لا يقوم إلا بالعلم، واستعمال العنف ضده واستصدار الأحكام القاسية تجاهه سيؤجج من نار الفتنة.
مازال الوقت كافيا أمام السلطات المعنية بالمغرب لتدارك الموقف والعدول عن النظرة الأحادية في تدبير شؤون الأمن بالبلد، والمبادرة إلى تبني مقاربة شمولية في تصحيح الأعراض الشاذة. والمحاكمات التي تشهدها بلادنا هذه الأيام كشفت أن بعض رجال الأمن، بل حتى بعض القضاة ورجال الصحافة والإعلام لما يحيطوا علما بما فيه الكفاية بواقع الحركات الإسلامية بالمغرب والتمييز بينها، مما جعلهم يسقطون في بعض الأخطاء أو الطرائف التي تضحك الأموات قبل الأحياء.
فإذا كانت مصر قد سبقتنا في هذا المجال وجربت طرقا عديدة في التعامل مع بعض الظواهر المنحرفة، فلم لا يستفيد رجال الأمن عندنا من الخبرة المصرية وبالتالي تحطيم هواجس الخوف والعنهجية والتعامل مع الشباب من منطلق الأبوة لا من منطلق العداء، والخوف على مستقبلهم وتبني مشاكلهم وتصحيح فهومهم بدل قطع رؤوسهم، أم أن فاقد الشئ لا يعطيه، وما تجربة مصر عنا ببعيدة..
عمر العمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.