أدان مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (فرع كندا) في تصريحات خاصة لشبكة إسلام أون لاين.نت الثلاثاء الماضي قيام إحدى الصحف المحلية الكندية مؤخرًا بنشر كاريكاتير ساخر من الشهادة في سبيل الله والحور العين، مطالبًا الصحيفة بالاعتذار، وبنشر العديد من الرسائل الإلكترونية الغاضبة من تصرف الصحيفة والتي انهالت عليها من الجالية الإسلامية بكندا. يأتي ذلك تواصلاً لردود فعل الجالية الإسلامية بكندا الغاضبة والتي تمثلت في قيام العديد من أئمة المساجد الكندية في خطبة الجمعة الأخيرة بالتنديد بهذا الكاريكاتير الذي اعتبروه انتهاكا للأديان بصفة عامة وجريمة في حق الإسلام بصفة خاصة. وكانت صحيفة تورونتو صن الكندية قد نشرت في 2003/7/24 كاريكاتيرًا لشيخ يحيي عدي وقصي نجلي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على عملهما البطولي في قتالهما القوات الأمريكية حتى الظفر بالشهادة -على حد تصور الرسام- ويهنئهما بالحور العين اللاتي ظهرن عرايا من الثياب وترتدي إحداهن نقابا على وجهها بينما تكشف عن كامل جسدها. ويقول الشيخ موجهاً كلامه لعدي وقصي في الكاريكاتير الذي رسمه آندي دوناتو المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين: مرحبا بكما عدي وقصي في الجنة.. هنيئا لكما أولى زوجاتكما من الحور العين الكثيرة. من جهته، أعلن رياض سلوجي المدير التنفيذي لفرع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في كندا كير المتخصص في الحقوق المدنية وقضايا التمييز ضد المسلمين عن تنديد منظمته الشديد بالكاريكاتير. وقال ل إسلام أون لاين.نت الثلاثاء: لا أذكر أن كاريكاتيرا نشر من قبل في هذه الصحيفة أو غيرها كان بمثل هذا التهكم، لكنه لم يستبعد أن يكون هذا الرسام قد نشر في صحف أخرى غير تورنتو صن كاريكاتيرات مسيئة للإسلام ولم تعلم بها منظمة كير. واعتبر أن الكاريكاتير يحمل إساءة واضحة لعقيدة المسلمين في اليوم الآخر بسبب تصويره للحور العين بهذا المنظر. وأشار إلى أن صحيفة تورنتو صن سبق أن نشرت مقالات وأعمدة بها تعليقات تحمل بعض الإهانات للعرب والمسلمين لكنها لم تكن بمثل الشدة التي كان عليها الكاريكاتير. غضب عارم وعن ردود الفعل في أوساط الجالية الإسلامية حول الكاريكاتير، قال رياض: إن كير تلقت الكثير من الخطابات والرسائل الإلكترونية التي تعبر عن مشاعر الغضب تجاه السخرية التي صورها الكاريكاتير، كما تلقت صحيفة تورنتو صن رسائل مماثلة. وأشار رياض إلى أن مجلس كير وجد أن أنسب الوسائل للرد على إساءات الصحيفة للإسلام هو مطالبة الصحيفة بنشر رسائل الجالية الإسلامية التي تلقتها كير، خاصة أن رسم الكاريكاتير يتمتع بحرية صحفية بالغة في التعبير والتصوير وهناك المئات من الثغرات التي يمكن للرسام أو للصحيفة الخروج منها ودفع أي اتهام. وفي هذا الصدد، قال: يجب على الصحيفة أن تنشر تعليقات القراء على الصورة أو المقال، ومن الصعب أن يتجاهلوا مئات من الخطابات والرسائل. كما أوضح أن كير نصحت الجالية الإسلامية بتورنتو بأن يرتبوا لاجتماع عاجل مع مجلس إدارة صحيفة تورنتو صن لمناقشة أمر هذا الكاريكاتير. جريمة في حق الإسلام كما أثار الكاريكاتير غضب العديد من أئمة المساجد الكندية، فقد أدان الشيخ شعبان محرم إمام مسجد الرشيد -أقدم المساجد الرسمية في أمريكا الشمالية- الصورة التي اعتبرها جريمة في حق الإسلام والمسلمين، وطالب بتصدي المسلمين لهذه الهجمة الشرسة على الإسلام عبر وسائل الإعلام المختلفة. ودعا الشيخ محرم في خطبة الجمعة الأخيرة الجالية الإسلامية إلى التصدي عبر وسائل الإعلام المختلفة لهذه الهجمة الشرسة على الإسلام التي تستهدف وجودهم وتعتزم طمس هويتهم. وأضاف الشيخ محرم: على الجالية الإسلامية أن تتفاعل إيجابيا مع كل ما يكتب ويقال عن الإسلام والمسلمين، وأن تدعم أعمال المركز الإسلامي وعلى قمته بناء المدرسة الإسلامية التي تحفظ للأجيال القادمة هويتها وتجعلها قادرة على نشر وحمل رسالة الإسلام. وسيلة خبيثة وانتهاك للأديان من جهته شدد الشيخ تامر أبو السعود إمام مسجد المدرسة الإسلامية بالمركز الإسلامي الكندي بمدينة أدمنتون على أن كاريكاتير الصحيفة الكندية يمثل انتهاكا واضحاً لحرية الأديان، ويدعو إلى التفرقة بين أواصر المجتمع الكندي؛ حيث إن المسلمين جزء لا يتجزأ من المجتمع الكندي، واحترام عقيدتهم حق يكفله القانون. ووصف الكاريكاتير في خطبة الجمعة الأخيرة بالوسائل الخبيثة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، وبأنه محاولة لإساءة العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. كما أوضح الشيخ أبو السعود أن تعاليم الإسلام ترفض الإساءة إلى أي ديانة، وأنه لا يجوز للمسلم أن يتخذ من الديانات السماوية شماعة يعلق عليها أخطاء الآخرين. وتساءل الشيخ أبو السعود مستنكراً: لماذا لم يهزأ رسام الكاريكاتير دوناتو من أمريكا حينما أتت بصدام حسين إلى الحكم؟ أين كانت أمريكا حينما اضطهد الشعب العراقي لأكثر من 20 سنة؟ لماذا لم يتهكم دوناتو من الهجوم الأمريكي على العراق الذي أودى بحياة الآلاف من الأبرياء تحت مزاعم الإطاحة بنظام صدام؟. وطالب في نهاية خطبته الصحيفة بأن تتقدم باعتذار رسمي يصحح هذا المفهوم الخاطئ عن تعاليم الإسلام، وأن تتم محاكمة رسام الكاريكاتير الذي لم يراع مشاعر الآلاف من المسلمين في كندا بل وفي العالم كله. وكان الشيخ يوسف القرضاوي قد أصدر فتوى منشورة علي شبكة إسلام أون لاين.نت أكد فيها أنه لا يجوز في الرسوم الكاريكاتورية السخرية من فرد معين، مستشهداً بقول الله تعالي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} (الحجرات: 11). لكنه أشار إلى أنه إذا كانت السخرية بمثل الرسم الكاريكاتيري تحمل نقداً لفكرة باطلة أو لوضع ظالم أو لسلوك منحرف فلا مانع من ذلك، باعتباره أداة من أدوات التوجيه، ولكن في حدود الأدب الإسلامي العام وبقدر الحاجة. وكانت آخر إحصائيات سكانية قد كشفت عن أن الإسلام أسرع الأديان انتشارا في كندا؛ حيث ارتفع عدد المسلمين في البلاد خلال ال10 سنوات الماضية ليصل إلى 579 ألف نسمة في عام 2001 أي 2% من إجمالي سكان كندا بعد أن كانت نسبتهم تقل عن 1%. إعداد: عبد الرحمن الهرتازي