وسط اتهامات بوجود مؤامرة غربية لإجهاض الثورة الشعبية في سوريا المناهضة للحكم الديكتاتوري لنظام بشار الأسد، رفضت فصائل سورية معارضة نتائج اجتماع جنيف، فيما اعتبرت بعضها أنه يعطي نظام الأسد رخصة إضافية لقتل السوريين، مجددة مطالبتها باللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، في وقت وجدت فيه المرأة السورية نفسها مجبرة على حمل السلاح لمواجهة «ذئاب» النظام التي تنتهك عرضها انتقاما ولتقاتل في الوقت ذاته بجانب أخيها الرجل. وأكدت الهيئة العامة للثورة السورية في أوروبا، أن اجتماع المؤتمر الدولي لمجموعة العمل حول سوريا، والذي انعقد نهاية الأسبوع في جنيف، يعتبر مؤامرة للقضاء على الثورة السورية، وإعادة إنتاج نظام بشار الأسد وفق الرؤية الغربية والروسية. وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للثورة السورية بسام جعارة في مقابلة خاصة مع تلفيزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن النتائج التي تمخض عنها مؤتمر جنيف الدولي حول سوريا يعد محاولة جديدة للقضاء نهائيا على الثورة السورية، وذلك بمباركة أمريكا وروسيا والأطراف الغربية. وأضاف جعارة: «الأطراف الدولية المشاركة في حل الأزمة السورية يجبرون المعارضة على الدخول فى حوار وتفاوض مع نظام وحشي سقطت شرعيته بشكل فعلي، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا وسط عمليات تعذيب واعتقال وقتل آلاف المواطنين، ما يجعل التعايش والحوار مع هذا النظام مستحيلاً». وأردف أن الأيام القادمة ستشهد ممارسة ضغوط دولية على أصدقاء الشعب السوري لإجباره على قبول الحوار مع نظام بشار الأسد، وربما يتصدر تلك الضغوط تقليص المساعدات بكافة أشكالها خاصة السلاح للمعارضة السورية ومحاصرة الحراك الشعبي. وأوضح المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للثورة السورية: «لن تستطيع أية جهة السيطرة على الثورة السورية ومحاصرتها أبدا، خاصة بعد أن استطاع الجيش السوري الحر وقوى المعارضة تأمين احتياجاتها من السلاح والأموال اللازمة، لتوفير الغذاء والدواء وعمليات الإغاثة». وكان المجلس الوطني السوري، أكبر الفصائل السياسية المعارضة لنظام الأسد، قد رفض نتائج اجتماع جنيف، واعتبرها غامضة وعاجزة عن الوصول إلى آلية التنفيذ. وقالت بسمة قضماني المتحدثة باسم المجلس، أول أمس: «البيان الختامي للاجتماع يوحي على ما يبدو ببعض العناصر الإيجابية». وأضافت: «تبقى عناصر مهمة مبهمة جدًّا، والخطة غامضة جدًّا لرؤية تحرك حقيقي وفوري، وما تم التوصل إليه في جنيف يفتقد إلى آلية أو جدول زمني للتنفيذ». وكان الاجتماع قد توصل إلى ما وصف بخطة لنقل السلطة في سوريا، تشمل وقف العنف، وتشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء من السلطة الحالية في سوريا، ولكن الخطة لم تدع إلى تنحي رئيس النظام السوري بشار الأسد، كما تطالب الولاياتالمتحدة وبريطانيا.وقال هيثم المالح أحد الشخصيات المعارضة البارزة: «هذا الاتفاق مضيعة للوقت». وأضاف أنه لن يجلس مع بشار الأسد أو من وصفهم بأعضاء نظامه «القتلة». قتل متواصل يأتي ذلك، فيما لا تزال القوات التابعة لنظام بشار الأسد تقتل وتدمر وتحرق في محاول يائسة لإخماد الثورة، فقد حصدت نيران عصابات النظام، أول أمس، 91 شخصا معظمهم في محافظة ريف دمشق التي تشهد منذ أيام هجوما عنيفا من وحدات الجيش النظامي وسلاحه الجوي. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 24 شخصا في دمشق وريفها و12 في حلب وعشرة في كل من درعا وإدلب وحمص وثمانية في دير الزور وستة في حماة وواحد في الحسكة. وأفادت شبكة شام أن قوات الأمن والشبيحة اقتحمت مساء حي نهر عيشة في دمشق بالعتاد الكامل وبسيارات مجهزة بأسلحة رشاشة، وذلك في تصعيد تشهده دمشق وريفها كان من نتيجته عشرات القتلى. وبث ناشطون سوريون صورا للمروحيات وهي تقصف مدينة زملكا، كما قصفت الحوامات اليوم مدينتي عربين وحمورية وبلدتي مسرابا ومديرا في ريف دمشق، وأعلن الناشطون مسرابا منطقة منكوبة حيث تتعرض لقصف مدفعي عنيف هي وحمورية وحرستا وسقبا. السلاح للمواجهة ولمواجهة وحشية قوات النظام، أعلنت مجموعة من الثوار في العاصمة دمشق عن تشكيل كتيبة عسكرية جديدة أطلقت على نفسها اسم المقداد بن عمرو وتتبع كتائب الصحابة، وقال المتحدث باسم الكتيبة إن مهمتها هي حماية المتظاهرين العزل والدفاع عن المدنيين. كما أعلن ضباط منشقون عن تشكيل المجلس العسكري لمحافظة حلب والذي يضم كافة التشكيلات العسكرية في حلب وريفها، وتلا بيان التأسيس العميد الركن عبد الله عمر زكريا، ويضم المجلس عقيدين ومقدما ورائدا ونقيبا وأربعة ضباط برتبة ملازم أول. من جانب آخر، لم يجد حرائر سوريا بُدًّا من حمل السلاح والانضمام إلى المعارضة المسلحة؛ وذلك للدفاع عن أنفسهم بعد عمليات الاغتصاب البشعة التي تعرضت لها السوريات على أيدي ميليشيات وعصابات بشار الأسد. وبثت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أول أمس، مقاطع فيديو تُظهر مجموعةً من السيدات السوريات وهن يحملْنَ السلاح الآلي وال «آر بي جيه»، ويعلِنَّ انضمامهن إلى صفوف المعارضة المسلحة، للدفاع عن أنفسهن من عمليات الاعتداء بكافة أشكالها. وأفاد ناشطون، بأن عمليات تسليح النساء تندرج تحت ما يُسمى ب»الخط الأمني» والذي يعد بمثابة تشكيلات أمنية للدفاع عن أنفسهن، خاصةً بعد وقوع حالات اغتصاب للنساء من قبل ميليشيات النظام. وكانت مجموعة نساء من مدينة حمص، قد أعلنت في وقت سابق عن تشكيل كتيبة، أطلقوا عليها اسم «بنات الوليد»، كأول تنظيم نسائي مسلح مناهض للنظام في سوريا. وفي مقطع فيديو بثه ناشطون على شبكة الإنترنت، قالت سيدة تتوسط مجموعة من نحو عشر نساء منتقبات: «نحن مجموعة من حرائر حمص قمنا بتشكيل كتيبة بنات الوليد». وقالت السيدة التي كانت تقرأ البيان عن أسباب تشكيل هذه الكتيبة: «الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري عامة والحرائر خاصة، والتهجير القسري للمدنيين العزل من قبل العصابات الأسدية وإجبارهم على ترك منازلهم وسرقة ممتلكاتهم، وعمليات القنص المستمرة للشعب السوري الحر من قبل الشبيحة والمرتزقة الإيرانيين وعناصر حزب الله». وأكدت في نهاية البيان المقتضب أن الكتيبة «لا تنتمي لأي تنظيم أو جهة متشددة». وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها نساء سوريات عن تشكيل «كتيبة» ذات أهداف ومهمات محددة. وأكد تقرير أصدرته الأممالمتحدة مؤخرًا أن نظام الأسد يرتكب جرائم اغتصاب وقتل على أساس طائفي. كما اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش عصابات النظام السوري باللجوء لاغتصاب النساء وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد الرجال والنساء والأطفال كسلاح للضغط على الثوار السوريين. وأكدت المنظمة الحقوقية أنها سجلت 20 واقعة خلال مقابلات داخل سوريا وخارجها مع 8 ضحايا، بينهم 4 نساء، وأكثر من 25 شخصا آخرين على علم بالانتهاكات الجنسية، من بينهم عاملون في المجال الطبي ومحتجزون سابقون ومنشقون عن الجيش ونشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.