كشَف تقرير لجنة التحقيق المستقلّة في الأوضاع بسوريا، التابعة للأمم المتحدة، عن أن الأوضاع في البلاد تبدلت بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع تزايد العمليات التي يقوم بها الجيش الحر، مما جعل الوضع يشبه أكثر فأكثر «العصيان المسلح». وأضاف التقرير: «نتيجة تدفق ما يعتقد أنها كميات جديدة من الأسلحة إلى الحكومة والمجموعات المناهضة لها فإن الوضع قد يتفاقم خلال الأشهر المقبلة، ويجب على المجتمع الدولي ألا يتقاعس عن القيام بجهد قوي من أجل إنهاء العنف». ورصد التقرير التزايد الكبير في رقعة انتشار القوات المعارضة للحكومة السوريّة وتزايد قوتها، مشيراً إلى أن العمليات التي يقوم المعارضون بها في بعض المناطق «تتطور على صعيد الفاعليّة والتنظيم». كما أشار إلى أن المقاتلين يواجهون قوات الحكومة في عدة جبهات، ويشتبكون معها في «مواجهات مباشرة» ويهاجمون نقاط التفتيش والمنشئات العسكريّة. وتابع التقرير بالقول عن المقاتلين المعارضين: «لقد ظهرت خلال الأسابيع الماضية قدراتهم المتزايدة على الوصول إلى الأسلحة المتطورة والاستفادة منها، كما يستخدمون المتفجرات المحلية الصنع ضد قوافل الجيش وقوات الأمن،» مشيراً إلى أن هذه التفجيرات أدت لحصول أضرار جانبية أصابت المدنيين في حالة واحدة على الأقل، دون أن تحددها. ويلفت التقرير إلى أن القوات المعارضة للحكومة نجحت في «تحدي سلطاتها» في محافظات دمشق وحمص وحماه وإدلب وحلب. وبشأن مجزرة الحولة، قال التقرير إن اللجنة لم تتمكن من إجراء تحقيق كامل نظراً لعدم قدرتها على دخول سوريا، لكنه أشار إلى أن «مجموعات مؤيدة للنظام قد تكون مسؤولة عن مقتل الكثيرين»، في إشارة إلى ضحايا المجزرة الذين تجاوزا المائة قتيل، ما دفع العديد من الدول الغربية إلى سحب ممثليها الدبلوماسيين من سوريا. كما ذكر التقرير أن معظم حالات الاستهداف في سوريا كانت تحصل على خلفيات سياسية بين المجموعات المؤيدة للنظام وتلك المعارضة لها، ولكنه أشار إلى أن الاعتداءات على خلفية طائفية بدأت تحصل بصورة متزايدة. صمود الثوار في السياق ذاته، أعرب الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري المعارض، برهان غليون، عن اندهاشه من صمود ثوار سوريا، بعد زيارته السريعة للجيش الحر بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي، مشيرا إلى أنه تجول في المدينة بسيارة تحمل شعار الجيش السوري الحر. وأوضح غليون، في اتصال مع شبكة «سي إن إن»، أنه تمكن من تجاوز الحدود والدخول إلى سوريا حيث اجتمع مع عناصر من الجيش السوري الحر والمعارضة، مشيداً بشجاعة عناصرهما وسط حالة الدمار الكبير في المنطقة. وقال غليون: «معنويات العناصر مرتفعة جداً جداً، وهم على استعداد للموت من أجل حريتهم، المشكلة الأساسية التي تواجههم هي القصف المستمر من الدبابات والطائرات، وهو ما يصعّب معركتهم نظراً لعدم امتلاكهم للأسلحة الثقيلة». وتابع غليون بالقول: «لقد تحررت العديد من البلدات والمدن من قبضة النظام، وتجولت في إدلب بسيارة تحمل شعار الجيش السوري الحر». ورفض غليون التقارير التي تشير إلى ضعف التنسيق بين قوات المعارضة، قائلاً إن العناصر «موحدة للغاية وتتعاون مع بعضها». وأضاف: «رغم نقص عمليات التسليح الجدية، فإن المقاتلين يجمعون السلاح من المعارك والهجمات التي يخوضونها مع القوات الحكومية، وهم يعملون بشكل شديد التنظيم، وهناك تنسيقيات تتعاون بالمجالات الطبية والاجتماعية والسياسية.. أنا ببساطة مندهش». من جانب آخر، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 15800 شخص، قتلوا خلال عام ونصف العام من الانتفاضة السلمية ضد النظام. وقال المرصد إن وتيرة العنف في سوريا بلغت مستويات قياسية مع سقوط ما معدله أكثر من 100 قتيل يوميا خلال يونيو الجاري. وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن عدد القتلى في سوريا منذ انطلاق الاحتجاجات منتصف مارس 2011 وصل إلى 15804 قتلى. وقتل 4681 شخصا منذ إعلان وقف إطلاق النار في الثاني عشر من أبريل وفقا لخطة المبعوث المشترك كوفي عنان من بينهم 1197 قتلوا منذ إعلان تعليق عمل المراقبين في 16 يونيو الجاري. وأضاف عبد الرحمن أن الشهر الأخير، من 26 ماي وحتى 26 يونيو، كان الشهر الأكثر دموية منذ بدء الاحتجاجات وقتل فيه 3426 شخصا. وتابع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الأسبوع الأخير هو الأسبوع الأكثر دموية وقتل فيه 916 شخصا. وأول أمس، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 103 أشخاص قتلوا، من بينهم 16 طفلا في إدلب، فيما يقول ناشطون إن الجيش النظامي السوري يواصل قصف حمص وريفها، وإن قوات النظام استهدفت مدينة الحولة في محافظة حمص بالدبابات والرشاشات الثقيلة.