السلام عليكم، إخوتي، ميزان ربنا سبحانه وتعالى في رفع أقدار الخلق وخفضه مغاير ميزان البشر تماما، إذ عند البشر يكون بالحسب والنسب والمال والجاه والحكم والقدرة والسطوة، كما أن شأنه سبحانه وتعالى في رفع ذكر الإنسان وقطعه لأمر عجيب، وهو مغاير كذلك لما عليه موازين الناس وتقييماتهم، وقد بصرنا الله تعالى وأنعم علينا بميزان نزن به أقدار الناس عند الله تعالى، وهذا هو ميزانه وتقييمه، ومن ذلك بصيرة قوله تعالى:}يأَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى. وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم. إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبير{، فالله تعالى العليم الخبير بقلوب الناس وما يشع منها من أنوار معرفة كماله وجماله وجلاله وما يختلج ويفيض من نفس العارف المتقي لله من محبة ورغبة ورهبة، فيرتفع بهذه المعرفة العظيمة قدر الله عند العبد، فَيَرْفَعُ الله قدر عبده بمقدار ارتفاع قدر الله في قلب العبد نفسه، ويا لها من مفاعلة ومخالقة ومعاملة بين العبد وسيده، فمقدار العبد بيده في قلبه، بقدر ما يعلو شأن الله وعظمته في قلب العبد بقدر ما يعلو قدر العبد عند الله، فيعلي الله قدره عند الناس، إذ أزِمَّةُ قلوب العباد بيد خالقها وسيدها، إخوتي فمن رفع الله قدره بين الناس لعلو قدر الله في نفسه كمالا وجمالا وجلالا فهذه هي الرفعة الحقيقية، ولا يمكن للدنيا ومن فيها ولو اجتمعوا أن يحطوا من قدر من رفع الله ذكره ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وذلك لارتفاع وعلو شأن ذكر الله في نفس وبصيرة العارف بالله تعالى، وقد قال الله تعالى عندما أراد أن يمتن على أعرف الناس به ومن علا الله في نفسه علواً يليق جلاله وكماله، فأعلا الله له ذكره في العالمين، وذلك في بصيرة قوله تعالى لنبيه وخليله وخير الناس أجمعين: }وَرَفَعنا لَكَ ذِكرَكَ{، نعم ومن كان عاقلا ونهج سبيل نبينا واتخذ القرآن الكريم صراطاً مستقيماً وبصيرة، رفع الله قدره وذكره في حياته وبعد انتقاله عند ربه، وهذا بارز في بصيرة قوله تعالى: }لَقَد أَنزَلنا إِلَيكُم كِتابًا فيهِ ذِكرُكُم. أَفَلا تَعقِلون{..نعم فيه ذكرنا وعلو قدرنا عند ربنا، فهل من مستبصر؟! فاللهم ارفع قدرنا عند انفسنا وعند الناس بارتفاع قدرك العظيم في قلوبنا حتى نحجب عن قدر غيرك فلا يعظم عندنا إلا قدرك العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله والحمد لله رب العالمين..