في ظل موجة «الربيع الديمقراطي» الذي يخيم على المنطقة العربية، وأمام توقعات بفوز الإسلاميين في الجزائر وصعدوهم إلى الحكم على غرار ما حصل في كل من المغرب وتونس ومصر، وحدوث تغيير في الحياة السياسية للبلاد، أعادت انتخابات 10 ماي الجزائرية نفس الخريطة السياسية، وعززت مقاعد حزب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي. حيث أعلن وزير الداخلية أول أمس في ندوة صحفية نتائج الانتخابات، حصل الحزب الحاكم فيها على المرتبة الأولى ب 220 مقعدا من أصل 462 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني، يليه حليفه في الحكومة حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي نال 68 مقعدا، وحصل الإسلاميون بكامل مكوناتهم على 59 مقعدا فقط. وتعليقا على نتائج الانتخابات الجزائرية وتأثيرها على سياساتها الخارجية إزاء المنطقة المغاربية، قال سعد الركراكي أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بسلا، إن النتائج لن يكون لها تأثير لأن رئيس الدولة والبرلمان والحكومة ليس لهم تأثير في رسم خريطة السياسة المحلية والدولية، مشيرا أن الجنرالات المتشبثين بالسلطة هم الذين يقررون في البلاد «وبالتالي سياسة الجزائر اتجاه المغرب لن تتغير طالما نفس الأشخاص في السلطة». من جهته اعتبر تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ما وقع في الجزائر مسألة حفاظ على الوضع القائم، مشيرا أن النتائج لن تغير شيئا في الإستراتيجية الكبرى للبلد سواء تعلق الأمر بالوضع الداخلي أو علاقاتها مع دول الجوار، وقال الحسيني في تصريح «التجديد»، إن نجاح الجبهة إضافة إلى التجمع يؤشر على أن الوضع سيستمر في اتجاه هيمنة المؤسسة العسكرية التي تؤطر الجبهة، مؤكدا أن مسألة فتح الحدود أصبحت محط ارتباك خاصة أن الملاحظين كانوا يرون أن وصول الإسلاميين إلى الحكم هو من سيسهم في فتح الحدود، وتوقع أن تستمر الجزائر في مواقفها المتصلبة اتجاه قضية الصحراء المغربية. وبدوره، أكد محمد ضريف المحلل السياسي، أن تصويت الجزائريين على الحزبين اللذين يشكلان التحالف الحاكم لن يؤدي إلى تغيير في السياسة المغاربية للجزائر، وقال في حوار ل»التجديد»، يظهر أن هناك ثوابت تحكم السياسة الخارجية الجزائرية ترتكز أساسا على مناهضة الحق المغربي في استكمال وحدته الترابية. أما فيما يتعلق بملف الإرهاب، اعتبر المتحدث، أن التحولات التي تعرفها المنطقة المغاربية وكذلك منطقة الساحل جنوب الصحراء، خاصة بعد سقوط نظام القذافي ووصول الأسلحة إلى مجموعات سواء كانت ذات توجه انفصالي أو توجه ديني، ستدفع الجزائر إلى إعادة النظر في خياراتها من إقصاء المغرب من أي مشاركة على مستوى مواجهة الحركات الإرهابية في المنطقة، مضيفا أنها ستكون ملزمة إلى التراجع عن سياساتها تحت الضغط الغربي.