يتخوف الفاعلون من الصعوبات التي تحيط بالمالية العمومية، خصوصا في ظل ارتفاع الدين العمومي، وكتلة الأجور التي فاقت 90 مليار درهم، وتكاليف صندوق المقاصة (50 مليار درهم) وتفاقم العجز المالي وعجز الميزان التجاري، وفي ظل هذه المؤشرات المقلقة يرى مراقبون أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في تدبير المالية العمومية، لاسيما إصلاح القانون التنظيمي للقانون المالي وإعادة النظر في تدبير المالية العمومية. المالية العمومية وجدت الحكومة الحالية إرثا كبيرا على مستوى المالية العمومية، خصوصا أن عجز الميزانية بلغ 6,1 في المائة خلال السنة الماضية، والأغلفة المالية الكبيرة التي رصدت لكل من صندوق المقاصة وكتلة الأجور والعجز الهيكلي للميزان التجاري. وفي ظل هذه الإكراهات، فإن كلفة الفساد والاحتكار تؤثر على المالية العمومية بالإضافة إلى أن أهم قوانين المالية العمومية مازالت لم تعرف إصلاحات ويتعلق الأمر بالقانون التنظيمي للمالية، و قانون الصفقات العمومية، والقانون الخاص بتمويل الاقتصاد الوطني. وأكدت جمعية الاقتصاديين المغاربة ضرورة إعادة هيكلة النظام البنكي والمالي على أساس قطبية رباعية: القطب المالي العمومي؛ القطب المالي البديل الذي يراعي الخصوصية المغربية؛ القطب المالي التقليدي؛ قطب التمويلات الصغرى. وطالبت الجمعية باعتماد وإنجاز إصلاحات عاجلة بالنظر إلى المخاطر المحدقة بالمالية العمومية على المديين القريب والمتوسط، من خلال عقلنة النفقات العمومية (الإدارة، القطاع العمومي والجماعات المحلية)، ومراجعة نظام المقاصة الذي يعد أحد منابع اقتصاد الريع (الوسطاء واللوبيات)، وإصلاح صناديق التقاعد، وإرساء نظام جبائي عادل ومحفز. وخلصت المذكرة إلى أن الحكومة الجديدة مدعوة لتقديم أجوبة ملائمة فيما يخص الحكامة وإشكالية تخليق الحياة العامة والاقتصادية. ويرى عدد من المحللين أن طرق صرف الميزانية بالمغرب تعتريه العديد من الاختلالات، وهو ما يتضح جليا من خلال التجاوزات التي سجلها المجلس الأعلى للحسابات في تقاريره السابقة، حيث إن مالية العديد من الوزارات والمؤسسات والجماعات المحلية تعرف طرق صرف غير قانونية. والأمر لا يقف عند هذا الحد بل إن غياب المساءلة تبقى الحلقة المفقدوة في هذه المعادلة. من جهته، أكد فوزي لقجع مدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية أن حوالي 19 قطاع وزاري انخرط في التفعيل التدريجي للبرمجة المتعددة السنوات، وهناك حولاي 22 مهمة افتحاص الأداء من طرف مفتشية العامة للمالية. وفيما يخص نجاعة أداء التدبير العمومي، اعتبر فوزي أن يجب أن يعد قانون المالية على أساس برمجة متعددة السنوات وإعداد جميع الوزارات لبرمجة متعددة السنوات على مدى 3 سنوات يتم تحيينها سنويا، بالإضافة إلى توزيع أمثل للموارد وانسجام الأولويات والتحكم في التكاليف. وشدد على ضرورة ربط النفقات العمومية بتحقيق النتائج واعتماد التقييم والمحاسبة. واعتبر أنه فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية المنظمة للمالية العمومية، يجب اعتماد نظام المحاسبة على أساس الاستحقاق وإقرار مبدأ صدق المحاسبة، وإضفاء طابع المحدودية على الاعتمادات الموظفين وإشراك الإدارات في إنجاز ت التوقعات ككتلة الأجور وتنفيذها في علاقة مع تدبير موظفيها، ومنع تفعيل تدابير مراجعة الأجور التي لم تكن موضوع توقع. القانون التنظيمي للقانون المالي أكد النائب البرلماني عبد اللطيف برحو، أن القانون التنظيمي للمالية «أصبح متجاوزا»بل إنه يشكل عائقا أمام ممارسة المؤسسات الدستورية لاختصاصاتها وفق قواعد النجاعة والفعالية وتقييم الأداء وحسن مراقبة التدبير العمومي. ويرى برحو أن إصلاح المالية العمومية يتطلب عددا من الشروط، منها ضرورة اعتماد المنهجية الشمولية والمندمجة للإصلاح واعتماد آلية تقييم السياسات العمومية، إضافة إلى ضرورة مراجعة منظومة متكاملة من النصوص التشريعية المرتبطة بتدبير المالية العمومية. ويبقى حضور البرلمان في رسم معالم الميزانية ضعيفا. واقترح فوزي قبول التعديلات المقتحرة على مشروع القانون المالي التي تكون على شكل إعادة توزيع الاعتمادات المرصودة لبرامج في حدود الأغلفة المالية المتوقعة برسم فصول الميزانية. مقتضيات جديدة تهم المقتضيات الدستورية الجديدة في مجال تدبير المالية العمومية أساسا المسؤولية المشتركة للحكومة و البرلمان في الحفاظ على التوازن المالي للدولة (الفصل 77) و ضرورة إغناء القانون التنظيمي للمالية للمراقبة البرلمانية حول قانون المالية (الفصل 75 )والمسطرة الجديدة للتصويت على قانون المالية(الفصل 75) و البرمجة المتعددة السنوات (الفصل 75) وإيداع الحكومة لقانون التصفية سنويا لدى البرلمان و ذلك خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون(الفصل76) وانعقاد جلسة برلمانية كل سنة مخصصة لتقييم السياسات العمومية (الفصل 101)بالإضافة إلى الجهوية الموسعة. وفي ظل هذه المقتضيا الجديدة، فإن الحكومة مدعوة إلى إعادة النظر في السياسة المالية، والعمل على تجاوز الاختلالات التي تربك التنمية الاقتصادية. واعتبرت وزارة المالية أن محاور إستراتيجية إصلاح الميزانية تتمثل في 3 نقط مهمة، ويتعلق الأمر بتعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي وتقوية شفافية المالية العمومية وتعزيز دور البرلمان في مناقشة الميزانية.