بعد يومين من النقاش خلال خمس جلسات، لدراسة مجموعة من القضايا والمواضيع التي تنظم المساطر المتعلقة بالتحكيم والوساطة في جميع الميادين المدنية والتجارية والإدارية، أنهى المؤتمرون مساء الخميس 19 أبريل 2012 أشغال المؤتمر الدولي الأول حول «التحكيم والوساطة الإتفاقية» الذي احتضنه رحاب الكلية متعددة التخصصات بأسفي بتلاوة ستة عشر توصية. أهمها وضع مدونة خاصة بالتحكيم والوساطة الإتفاقية من شأنها توضيح وشرح وتحديد المسؤوليات، إلغاء الفصل 321 من قانون المسطرة المدنية، إعادة النظر في المعايير الدولية للتحكيم، إضافة إمكانية استئناف الحكم الأولي القاضي بعدم اختصاص هيأة التحكيم المنصوص عليها بالفصل 327 من قانون المسطرة المدنية، إعادة النظر في طرق الطعن العادية من خلال القواعد والإجراءات في مجال التحكيم الدولي، وضع قانون منظم لعمل مراكز التحكيم والوساطة الإتفاقية بالمغرب، وإصدار نص تنظيمي يحدد لائحة الوسطاء. وشارك في أشغال هذا المؤتمر الدولي بأسفي؛ قضاة ومحامون، وأساتذة باحثون في مجال القانون، ينتمون لعدد من الجامعات المغربية ومن دول صديقة وشقيقة كليبيا، تونس، الجزائر، موريتانيا، اليمن، السعودية، فرنسا وسويسرا. وناقشت الجلسات، الوساطة وسيلة جديدة لحل المنازعات محاولة للفهم، والتحكيم مدخل لفهم الإتفاق ميثاق التطبيق، والبعد الدولي للتحكيم، والقضاء والتحكيم أية علاقة، والخامسة حول مسائل خاصة في التحكيم. يذكر أن اشغال المؤتمر الذي حضره مستشار الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني تميزت بافتتاحها بحفل تكريم الأستاذ «جعفر حسون «رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش سابقا وعضو سابق بالمجلس الأعلى للقضاء وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الذي اعتبره أحد القضاة قيمة إنسانية متميزة ورمزا من رموز الحركة الإصلاحية في النظام القضائي، في حين اعتبر لبداوي نائب رئيس المجلس البلدي الإحتفاء به في أسفي شرف كبير للمدينة وأهلها. ومن جهته أشار عبد العزيز العماري رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب إلى المحنة التي تعرض لها حسون بسبب نزاهته وعمله من أجل استقلالية القضاء. وقال خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال المؤتمر؛ إن المغرب نجح في معادلة صعبة على درب ترسيخ التوجه الديمقراطي في وقت عرفت العديد من الأقطار العربية حراكا حيث استطاع القيام بإصلاحات حقيقية والحفاظ على الاستقرار الذي ساهم فيه الجميع. وطالب العماري من منظمي المؤتمر أن يرفعوا توصياتهم لتكون بين يدي المشرعين. مؤكدا أن فريق العدالة والتنمية كأكبر كثلة في مجلس النواب الحالي يتطلع إلى مثل هذه التوصيات التي من شأنها أن تسهم في تطوير قوة الفريق الاقتراحية على مستوى تطوير الترسانة القانونية. وفي كلمته عبر جعفر حسون عن سعادته بتكريمه بأسفي المجاهدة وإعطائه وساما علميا رفيعا يوشح صدره في لقاء علمي مرموق وسط باقة عطرة من خبراء وجهابذة الفكر القانوني على الصعيد الوطني والدولي على حد تعبيره. وقال في كلمة مؤثرة لقد «لحقني الظلم والجور الذي لم يكتف بفصلي من منصب القضاء ومن وظيفة بالمعنى السامي للوظيفة ورسالة نبيلة أحببتها وأخلصت لها ومارست مهامها بفكري ووجداني حتى أنكر علي انتمائي وانخراطي في صنوها وشقيقتها مهنة المحاماة ثم لاحقني في حقي في ممارسة السياسة كمواطن واعترض على ترشيحي لمنصب نيابي في البرلمان. كنت دائما أسعى إلى تحقيق صفة القاضي بكل ما تحمله من القيم والعدل في الحكم والجرأة في الحق والذود على الحقوق والحريات وأتشبث باستقلال القضاء كمبدإ وعقيدة راسخة لا تتزحزح وإذا كان ذلك كلفني ما كلفني فأنا اليوم في هذا الموقف المهيب قد هان علي كل ما لقيته في سبيل ذلك وأنا أرى وأحس وأشعر بهذا الإحتضان الشعبي الكبير. إن هذا الإحتفاء وهذا الدعم هو رسالة إلى كل القضاة الشرفاء التواقين إلى الإنعتاق يؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم وأن بإمكانهم المراهنة على هذا الاحتضان الشعبي».