تضاءلت الآمال بشأن إمكانية نجاح خطة السلام التي طرحها المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان، مع حلول الموعد النهائي لانسحاب القوات الحكومية السورية من المناطق المدنية أمس الثلاثاء. في وقت أسفرت فيه هجمات قوات بشار الأسد، أول أمس، عن سقوط 160 قتيلا في مناطق سورية عدة، وامتدت جرائمها إلى ما وراء الحدود السورية، مما دفع أنقرة إلى التحذير ووصف المهلة التي تضمنتها خطة كوفي عنان بأنها “لاغية”. وتنص خطة عنان على بدء الانسحاب (أمس) في تمام الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي «03.00 بتوقيت غرينتش»، يتبعه وقف لإطلاق النار في غضون 48 ساعة. ورغم ذلك، دفعت موجة أعمال القتل التي يشنها نظام بشار الأسد منذ يوم السبت الماضي المجتمع الدولي إلى التشكك في التزام حكومة الرئيس السوري بخطة «عنان». ومع انتهاء المهلة التي حددتها خطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية ل«وقف العنف»، في ظل عدم وجود مؤشرات على الهدنة، تسارعت وتيرة الجهود الدبلوماسية في أكثر من اتجاه على الصعيد الدولي, بشأن الوضع في البلاد. وفي هذا السياق, طار وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو أمس لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف, في الوقت الذي تتعرض فيه روسيا لضغوط مكثفة من أطراف عربية وغربية من أجل حملها على الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للالتزام بمهلة العاشر من أبريل. بدوره، أجرى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مباحثات في بكين، أول أمس، مع استمرار الخلافات بشأن التعاطي مع الأزمة السورية, لكن البلدين أكدا على ضرورة لعب دور بناء. ودعا المتحدث باسم الخارجية الصينية ليو ويمين الحكومة السورية والأطراف المعنية بالأزمة إلى احترام التعهدات بوقف إطلاق النار وسحب القوات من المدن، وطالب المجتمع الدولي ب»التريث ومنح عنان مزيدا من الوقت». ومن المتوقع أن يكون عنان قد زار تركيا أمس، كما كان معلنا، حيث سيتفقد أوضاع اللاجئين السوريين على الحدود مع سوريا، قبل أن يتوجه إلى طهران لإجراء مشاورات مع المسؤولين الإيرانيين، اليوم، بشأن الملف السوري. وسيقدم بعد ذلك تقريرا إلى مجلس الأمن عن مدى التزام دمشق بالمهلة الأولى لوقف العنف. وتمهيدا لتقويم الالتزام بهدنة الأممالمتحدة، وصل رئيس فريق مراقبي الأممالمتحدة رئيس أركان القوات المسلحة النرويجية الأسبق الجنرال روبرت مود إلى دمشق، ومن المنتظر أن يصل إلى سوريا أيضا فريق مكون من 250 مراقبا أمميا. ومن جهته، وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول أمس، نداء أخيرا إلى النظام السوري لوقف الهجمات على المدنيين وذلك قبل ساعات من انتهاء المهلة المحددة لسحب قواته وأسلحته الثقيلة من مدن البلاد. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نسيركي: إن «الأمين العام كرر الطلب من الحكومة السورية أن توقف فورا أعمالها العسكرية التي تستهدف المدنيين، واحترام الالتزامات التي وعدت بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان». وأضاف: إن «الجدول الزمني للوقف الكامل للعنف الذي صادق عليه مجلس الأمن يجب أن يحترم من الجميع من دون شروط». تهديد تركي إلى ذلك، وقبل أن يتوجه إلى بكين، لوح طيب رجب أردوغان باتخاذ بلاده خطوات جديدة لم يكشف فحواها، في حال تواصل القتل في سوريا بعد انتهاء مهلة العاشر من أبريل لانسحاب القوات السورية من المدن بموجب خطة عنان. وتتحدث تقارير صحفية تركية عن إمكانية إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع سوريا، خاصة في ظل استمرار تدفق اللاجئين السوريين على الأراضي التركية حيث فاق عددهم 24500. ومن جانبه، قال ناجي كورو نائب وزير الخارجية التركية إن المهلة التي تنتهي (أمس) الثلاثاء «بلا جدوى» وإن مرحلة جديدة ستبدأ. وكان وزير الدفاع التركي عصمت يلماز قد أعلن في وقت سابق أن أنقرة أنهت كافة استعداداتها بشأن موضوع سوريا، مشيرة إلى أنها مستعدة لكافة الاحتمالات، وتعهد بأن الاستعدادات العسكرية لا تعني التوجه للحرب. وقال يلماز في حديثه لصحيفة (وطن) التركية نشرته الأحد الماضي: «يجب على الدولة أن تضع كافة السيناريوهات السيئة المحتملة بعين الاعتبار وتفكر في اتخاذ كافة الاستعدادات». وأضاف الوزير التركي: «نحن نطالب بإرساء السلام ولا يوجد لنا أي طلب آخر، ويجب أن نكون مستعدين لكل شيء من أجل تأمين السلام». قتلى جدد على الأرض، تواصلت جرائم النظام السوري وامتدت إلى دول مجاورة، أول أمس، مما أسفر عن مقتل لاجئين اثنين في تركيا وإصابة 19 آخرين ومقتل مصور تلفزيوني في لبنان. واستدعت وزارة الخارجية التركية القائم بالأعمال في السفارة السورية بأنقرة وطالبت بوقف جميع هذه الهجمات. وذكرت وكالة أنباء “الأناضول” الرسمية أنه تم توجيه “التحذير الضروري”. وفي الداخل، ذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن 160 شخصا قتلوا برصاص قوات بشار الأسد، معظمهم في ريف حماة وحلب وحمص. في حين صعد جيش النظام من عملياته العسكرية في عدة مناطق. وأشار نشطاء إلى وقوع «مجازر» في بلدتي اللطامنة بريف حماة وتل رفعت بريف حلب، ومدينة حمص راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء. وأمس صباحا تعرضت عدة بلدات في ريف حلب شمالي سوريا لقصف من قوات النظام، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك في اليوم الذي يفترض أن تسري فيه مهلة وقف إطلاق النار وسحب الآليات الثقيلة من الشوارع بموجب خطة عنان. وأشار المرصد السوري في بيان إلى «عدم تسجيل أي تحركات أو انسحابات للقوات السورية على الأرض».