ما بين 2005 و 2012 بدأت رحلة النساء داخل المجالس العلمية المحلية، ثمان سنوات تطور خلال تواجد النساء داخل الحقل الديني لدرجة يقول من يشتغل في الميدان من الرجال إن أهم ما تقوم به المجالس العلمية يتجسد في الأنشطة والبرامج التي تشرف عليها النساء. نساء المجالس العلمية هن عالمات، معلمات، واعظات، محفظات، مرشدات، يشتغلن على الخصوص مع نساء المدينة والقرية، الأميات والمتعلمات، الشابات والعواجز، مع الأطفال والمراهقين، أنشطتهن لا تنحصر في أماكن بعينها، فهن يشتغلن في المؤسسات التعليمية، في المساجد، في الإصلاحيات في دور الشباب، والمراكز الثقافية، في المستشفيات والسجون والخيريات... في سنة 2005 أحدثت الخلايا المكلفة بشؤون المرأة وقضايا الأسرة في المجلس العلمي الأعلى وفي المجالس العلمية المحلية، وعلى مدى ثمان سنوات من العمل انضوى تحت هذه الخلايا ما يزيد على ألف امرأة، في البداية كان عدد النساء في المؤسسة العلمية 36 امراة، واحدة في المجلس العلمي الاعلى و 35 بالمجالس العلمي المحلية، لكن مع توسيع عدد المجالس العلمية المحلية سنة 2009 بإحداث مجلس علمي بكل عمالة وإقليم أصبح عدد النساء الأعضاء بالمجالس العلمي المحلية 77 امرأة إلى جانب ثلاث نساء عضوات في المجلس العلمي الاعلى. المجالس العلمية المحلية تتكون من ثمان أعضاء: سبعة رجال وامراة واحدة هي رئيسة خلية المرأة وشؤون الأسرة، وفي إطار هذه الخلية تشتغل العديد من النساء المتطوعات، فداخل الخلايا النسائية تشكلت عدة لجن مختصة كلجن الوعظ والارشاد ولجن تحفيظ القرآن الكريم، ولجن محو الأمية ولجن المرأة والأسرة والطفولة والشباب وغيرها مثل مراكز للاستماع والتوجيه الاسري والاستشارة الدينية، وهؤلاء النساء يتوفرن على تكوين علمي متنوع، إذ تضم هذه المجالس العلمية في الغالب متطوعات من ذوات الشهادات الجامعية والشهادات العليا في العلوم الشرعية وتخصصات أخرى ومنهن أيضا نساء التعليم والطبيبات والمهندسات والمتخصصات في علم النفس وعلم الإجتماع. لماذا امرأة واحدة وسبع رجال في الغالب توجد في كل مجلس علمي امرأة واحدة بشكل رسمي إلى جانب سبع رجال، فيما باقي النساء متطوعات، لكن عدد من العالمات ممن التقتهن «التجديد» ياملن في الرفع من عدد النساء في المجالس العلمية وهو الرأي الذي يشاطرهن فيه رجال هذه المجالس من العلماء، وحجتهم في ذلك أن الخلايا النسائية هي أنشطة ما في المجالس العلمية، وهي التي تشتغل في كافة الاتجاهات وتستهدف الفئات الأكثر هشاشة وهن النساء والاطفال، وهذه الفئة هي الأكثر تفاعلا وإقبالا على أنشطة المجالس العلمية والأكثر حضورا في دروس الوعظ والإرشاد وحفظ القرآن الكريم ومحو الأمية الدينية، وبالتالي فتعيين امرأة واحدة في كل مجلس علمي أمر لا يعكس الأثر الحقيقي الذي تتركه النساء العالمات والواعظات في المجتمع، وتقول إحدى العاملات في الحقل الديني ل»التجديد» «في البداية لم يكن للنساء وجود في الشأن الديني والآن لا أحد يستطيع إنكار عطائهن وبالتالي ندعو المجلس العلمي إلى توسيع القاعدة النسائية في المجالس العلمية بشكل رسمي» هذه الأمل تتقاسمه عدد من النساء العالمات والواعظات والمرشدات. نشاط نساء المجالس العلمية شمل الحواضر والضواحي المهمشة والقرى، واستهدف الأطفال والشباب بالمؤسسات التعليمية ومراكز الأحداث وذوي الاحتياجات الخاصة، وتستمع نساء المجالس العلمية إلى مشاكل الفئات الهشة في المجتمع وتقدم التوجيه والنصح اللازم لها، كما أنهن ينظمن العديد من الموائد المستديرة واللقاءات التواصلية التي يؤطرها مختصون بالمؤسسات التعليمية ومدارس التعليم العتيق ودور الشباب والداخليات ومراكز التعاون الوطني، كما تنخرط الخلايا النسائية في النشاط الاجتماعي الإحساني وتنظم قوفل تواصلية إلى القرى بهدف محو الامية الدينية وتبليغ الأساسي من الدين. «من أين نبدأ» في سنة 2009 اجتمعت العالمات والمرشدات والواعظات بالصخيرات في إطار اللقاء الوطني الأول للعالمات والواعظات والمرشدات، وصادقن على خطة عملية لتطوير أدائهن، وتهدف هذه الخطة، التي تحمل عنوان «من أين نبدأ بعد الرجوع إلى الميدان»، إلى تعميق فهم التزام المؤطرة بالثوابت، وبلوغ التغطية في التأطير الديني للنساء، على الأقل، حدها الأدنى في الأفق القريب، وكذا التنسيق بين الفعاليات المتدخلة في التأطير الديني للنساء، من عالمات وواعظات ومرشدات. كما تسعى هذه الخطة، بالأساس، إلى تفعيل دور المجالس العلمية المحلية في تدبير التأطير الديني للنساء بشكل أكبر، والرقي به عبر إيجاد أدوات علمية معدة على حسب الاحتياج، والانفتاح على معارف إنسانية جديدة، وخلق أدوات للتواصل بين مكوناته. نماذج متنوعة من أهم الانشطة التي نظمتها الخلايا النسائية للمجالس العلمية، الدورات الإرشادية التأهيلية للمقبلين على الزواج تهدف إلى توعية المقبلين على الزواج وتذكيرهم بالقيم الأخلاقية الإسلامية والأحكام الشرعية المرتبطة ببناء الأسرة، وتثقيف المقبلين على الزواج وتزويدهم بالآداب الإسلامية الصحيحة في شتى مجالات فضاء الأسرة، ورفع مستوى الوعي القانوني بمتعلقات مؤسسة الزواج والآثار المترتبة عليه. خلية النساء بتطوان تنظم كل رمضان المعتكف الرمضاني بأحد المساجد إذ تتطوع مرشدة بالحضور في المسجد خمسة أيام في الأسبوع من الفجر إلى العصر من أجل تحفيظ القرآن للنساء، وقد حفظت عدد من النساء ما بين 5 و 25 حزبا. بمدينة شفشاون، أحدث المجلس العلمي المحلي، في إحدى المؤسسات التعليمية الهدف منه تعزيز الانتماء للوطن ومعرفة الحقوق والواجبات وترسيخ الهوية المغربية الإسلامية والحضارية، إضافة إلى أنشطة توعوية بتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني.