المرض الخبيث أو كما يطلق عليه المغاربة بالعامية «المرض الخايب»، إنه مرض السرطان الذي يزعج راحة المصاب به ليتجاوزه إلى المحيطين به ليجرب مدى صبرهم وصمودهم.وفي حالات الزوجين يكون الامتحان أصعب، فهل كل الأزواج يقفون إلى جانب بعضهم في حالة إصابة أحدهم بمرض السرطان أم أن التخلي يكون أسهل السبل، وفي حالتها كيف يكون شريك العمر الذي لم يصبح شريكا في بعض الحالات. وما هي التأثيرات النفسية عندما يصاب أحد الزوجين بمرض قض مضجع الكثيرين. «التجديد»حاولت الاقتراب من بعض الحالات وهذه التفاصيل: هروب بين مدينتي طنجة والرباط تقطع (س. ع)ذات ال 47 سنة مسافة المعاناة من مرض سرطان الثدي من أجل العلاج بمستشفى مولاي عبد الله بالرباط منذ سنة 2009، حاملة معها هموم الفقر والحسرة على حياة زوجية أصابها الوهن بعد الإصابة بالداء الخبيث. حكت (س. ع) ل «التجديد» عن معاناتها بعد إصابتها بالمرض إذ لم تواجه المرض وحده وهي التي لم يكتب لها إنجاب أولاد خلال حياتها الزوجية، وهي تتحسر عن الفقر الذي يحيط بها وعن زوجها الذي ما إن سمع بإصابتها بالسرطان حتى لاذ بالفرار عند أهله وتركها تصارع ألم المرض والفقر والوحدة. عملت (س.ع) 9 حصص من العلاج الكيميائي بمستشفى مولاي عبد الله ، ولا تزال تتابع العلاج، ولكنها تقول: «أعيش تحت رحمة كرم الكرماء ومساعدة أهلي، وهذه الجمعية (جمعية جنات) التي توفر لي المأوى أثناء فترة العلاج بالرباط، أما أشغال البيت فإن قريباتي هن من يتكلفن بذلك لأنني لم أعد أقدر على القيام بذلك. وفاء (ز . ه) أم لثلاثة أبناء أصيبت منذ سنة بالسرطان ولم يتخل عنها زوجها بل كان يرافقها تعاني من سرطان الرحم، بل وسرطان الرئة وهي تحمد الله أن زوجها لحد الساعة لم يتخل عنها بل يرافقها ويقوم بما يمكنه تجاه البيت والأبناء رغم أن مهنته مياوم، تقول هذه السيدة التي أتت إلى العاصمة جهة الغرب الشراردة من أجل تلقي العلاج. تتنهد (ز. ه ) وهي تحكي عن معاناتها مع المرض لكنها مع ذلك لم تخف فرحها بكون شريك حياتها بقي إلى جانبها ولم يتخل عنها في محنتها، خصوصا وأنها تسمع عن أم لخمس طفلات تركها زوجها وذهب ليعيش حياة جديدة مع زوجة ثانية. ولم تنس (ز. ه ) أن تشكر جمعية جنات التي توفر لها ولغيرها من النساء الإيواء في فترة الاستشفاء. جنات خديجة القرطي سيدة في العقد السادس من عمرها سخرها الله للنساء المريضات بالسرطان اللواتي أصابتهن الفاقة أو تخلى عنهن أزواجهن توفر لهن الإيواء على الأقل في فترة العلاج بالرباط. زارت «التجديد» رئيسة «جمعية جنات لإيواء مرضى السرطان» ببحي يعقوب المنصور بالرباط التي فكرت في فتح بيتها لإيواء النساء المصابات بداء السرطان بعد معاناة زوجها من هذا الداء إلى أن وافته المنية للاطلاع على أحوال المصابات فكان منها الترحيب وتوفير كل المعلومات المطلوبة. بلغ عدد المستفيدات سنة 2011 ما مجموعه 451 امرأة فيما استفادت حوالي 598 امرأة سنة 2010 توفر لهن الجمعية الإيواء والإطعام بمساهمة المحسنين. تأسست الجمعية سنة 2008 لتقوم بإيواء المصابات بداء السرطان وعائلاتهن من مدن بعيدة والتكفل بهن إلى أن يتم شفاؤهن وعودتهن إلى بيوتهن. رأي المستشار عبد العزيز الغازي استشاري العلاج النفسي قال ل «التجديد»: «عندما تصاب المرأة بمرض مزمن أو خطير كيفما كان فإنها تعيش حالة الصدمة النفسية، وهذه الصدمة تجعل شخصيتها وجميع توازناتها النفسية تهتز، بأسرتها وصديقاتها وجسمها، وتصبح كأن زلزالا هز كيانها، لذلك فهي تحتاج إلى استشارة أخصائي نفسي ليشرح لها وضعها ويوجهها كيف تتصرف في هذه الحالة مع نفسها ومع محيطها، بل إن حتى الزوج والأبناء يتأثرون نفسيا بإصابة الزوجة. وبخصوص موقف الزوج تجاه مرض زوجته فإننا نجد مواقف متباينة، فهناك الزوج الذي يتذكر العلاقة الحميمة التي ربطته بزوجته والمعاملة التي كانت تعامله قبل إصابتها بالمرض، وسلوكه يكون غالبا حسب نوع المعالة التي كانت عليها الزوجة قبل المرض، وفي الغالب الأعم نجد الزوج على قدر زائد من العطف تجاه ما قدمته الزوجة قبل مرضها من إحسان، أما إذا كانت العلاقة قبل المرض غير جيدة فمن المحتمل جدا أن يتم تلكؤ الزوج، إلا أنه في الغالب الأعم يكون عطوفا. وينبغي الإشارة إلى أنه في حالة إصابة أحد الزوجين بمرض مزمن أو خطير فإنه ليس الوحيد الذي يحتاج إلى استشارة ودعم نفسي وإنما كذلك شريك الحياة الذي يشرف على متابعة علاجه والمثل المغربي المعروف مفاده أن «اللي مقابل المريض هو المريض»، إلا أن هذا في الواقع لا نجده بالشكل المطلوب في المستشفى العمومي المختص في علاج السرطان مع الأسف الشديد. مواقف ومن خلال عمله السابق في مستشفى مولاي عبد الله بالرباط المختص في علاج السرطان، يقول عبد العزيز الغازي، فإن حالات النساء المصابات بالسرطان تختلف حسب مواقف الأزواج من مساندة زوجاتهم، وهنا دور المعالج النفسي يكون حسب موقف الزوج، فإذا كان الزوج مساندا لزوجته في محنتها، فإن العلاج النفسي يقتصر على معاملة المريضة مع ذاتها ومع مرضها وتقبله وتكييف معاملتها لمحيطها حسب طاقتها الجديدة دون إحساس بالنقص تجاه الحالة التي هي فيها، ودون مقارنة مع حالة قوتها قبل المرض. أما في حالة تخلي الزوج فإن الدعم النفسي هنا يزداد ويعلم المرأة كيف تواجه الحالة التي هي فيها وتقبلها وتركيز الاهتمام على تقوية شخصيتها لمواجهة الوضع، وإن كنا لا نتفق على تخلي أحد أطراف الزواج عن الآخر لأن المرض قد يصيب الزوجة كما قد يصيب الزوج أو الأولاد، وهو ليس اختيارا يميل إليه طرف الحياة الزوجية بإرادته. والزوج في غالب الأحيان نجده حين إصابة زوجته يصاب بحالة من الارتباك تجاه زوجته وتجاه أبنائه وواجبات أسرته التي كانت فيها المرأة تتمتع بكامل قواها الجسدية، وأمام هذا الارتباك ينبني موقف الزوج على مدى قدرته على التكيف مع الوضع وتدبير الجهود حسب الحالة.