صوتت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب في وقت متأخر من ليلة أول أمس (الاثنين) بالإجماع على مشروع قانون "مكافحة الإرهاب"، بعدما تم إدخال تعديلات على النص الأصلي للمشروع. والواضح أن الأحداث الإجرامية التي تعرضت لها مدينة الدارالبيضاء ليلة الجمعة الماضية، مثلما كان لها تأثير بالغ على نفسية الشعب المغربي قاطبة، كان لها الأثر ذاته على مواقف الفرق البرلمانية، أدى بها إلى اختيار موقف الإجماع على مشروع قانون مكافحة الإرهاب. واعتبر بهذا الخصوص مصطفى الرميد، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن "تصويت حزبه بالإيجاب على المشروع هو موقف سياسي، بينما يظل تحليله الأول للنص، الذي كان يؤسس للموقف المعارض للحزب من هذا المشروع، سليم وثابت"، مضيفا في تصريح ل"التجديد" أمس (الثلاثاء) أن "المشروع كان سيمرر في جميع الأحوال ما دمنا نظل معارضة تمثل الأقلية". وزاد الرميد شارحا موقف حزبه الجديد من المشروع بالقول "إننا أردنا بتصويتنا بالإيجاب أن ندفع أي تأويل وأي خلط يمكن أن يسعى بعض المغرضين أن يوقع فيه عموم المواطنين، كما أردنا أن نوجه رسالة لكل إرهابي مفادها أن المغرب يظل جبهة واحدة في مواجهة الإرهاب، لا فرق فيها بين أغلبية ومعارضة". وصوت فريق العدالة والتنمية بالإيجاب على بعض فصول قانون "مكافحة الإرهاب"، ورفض التصويت على فصول، فيما امتنع في أخرى. وهمت التعديلات التي جاءت بها الحكومة والأغلبية والفرق الأخرى المفهوم الجديد للإرهاب، إذ اعتبر القانون في المفهوم المعدل "الأفعال الإرهابية إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف". وعوض هذا المفهوم العبارة السابقة التي اعتبرت الأفعال الإرهابية كل "مس بالأمن العام". كما أضحت مجموعة من التعاريف أكثر دقة بحسب مشروع القانون المعدل، فاستبدلت كلمة "مس" ب"اعتداء" على سبيل المثال لا الحصر. أما بخصوص قضية التفتيش خارج الأوقات المحددة في المسطرة الجنائية فإنها أضحت مشروطة بأن لا تكون إلا في حالة الاستعجال وفي الصفة الاستثنائية وبحضور ممثلي النيابة العامة. وفيما يتعلق بالحراسة النظرية، والتي كانت محط جدل داخل لجنة العدل والتشريع, فإن تعديل الحكومة لم يكن كبيرا, إذ قلصت هذه المدة من 14 يوما إلى 12 يوما، بعدما كانت اقترحت في وقت سالف تقليص المدة إلى عشرة أيام. بالمقابل، ما زالت الشبكة الوطنية لمناهضة مشروع قانون "مكافحة الإرهاب" على موقفها الرافض للمشروع والمطالب بسحبه من البرلمان. وفسر عبد الحميد أمين، المنسق العام للشبكة، ذلك بقوله في تصريح هاتفي ل "التجديد" إنه "لا حاجة لبلادنا لقانون مكافحة الإرهاب، بدليل أن الأشخاص الذين قاموا بالعمليات الإرهابية الأخيرة بالدارالبيضاء ستتم محاكمتهم وفق القانون الجنائي المغربي، وليس هناك أي فراغ قانوني في هذا الإطار يحول دون محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم". وأضاف أمين أن "هذا القانون مهما أدخلت عليه من تعديلات فستظل هنالك عدة تراجعات عن المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن "هذا القانون لن يحد من العمليات الإرهابية، ما دام الذين يصممون على قتل أنفسهم من أجل أهداف يخططون لها لن يردعهم قانون جديد متعلق بالإرهاب"، مثلما أن هذا القانون الجديد، وفق تعبير منسق الشبكة الوطنية، على عكس ما هو منتظر "سيرهب المواطنين وكذا القوى السياسية التي تستعمل الوسائل الشرعية لتغيير الأوضاع في البلاد". يشار ختاما إلى أن الشبكة الوطنية لمناهضة مشروع قانون "مكافحة الإرهاب" ستعقد اجتماعا بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مساء الجمعة المقبل، لتدارس برنامج يتماشى مع الأوضاع الجديدة التي خلفتها الأعمال الإرهابية الأخيرة بالدارالبيضاء. يونس البضيوي