أكد نشطاء سوريون أن الجيش السوري جدد قصفه العنيف على حي بابا عمرو في حمص، يوم الأحد 26 فبراير 2012 كما تعرضت بلدة حلفاية في محافظة حماة لقصف مماثل خلف عشرات القتلى والجرحى، وذلك بعد مقتل 109 أشخاص بنيران قوات الأمن والجيش السبت الماضي. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 65 شخصا قتل على الأقل، أول أمس، في يوم شهد استفتاءً على مشروع دستور جديد وسط إعلانات متضاربة من السلطة والناشطين حول حجم المشاركة، ووصفته تقارير صحفية أجنبية ب»المهزلة»، فيما ازداد حجم المظاهرات بالعاصمة دمشق اتساعا. وقالت الهيئة العامة إن معظم قتلى أول أمس سقطوا في حمص وحماة وكان بينهم خمسة أطفال. وتحدثت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن قصف على حمص متواصل لليوم ال24، مستهدفا حي باب عمرو الذي سقط فيه أغلب قتلى هذه المدينة أول أمس. وأظهرت صورٌ بثها ناشطون آثار قصف مدفعي تعرض له الحي صباح أول أمس وفق ناشطين تحدثوا عن قصف متواصل على أحياء أخرى كالحميدية وكرم الزيتون. وقالت شبكة «شام» إن القصف استؤنف صباح أمس على حي بابا عمرو وحي الإنشاءات القريب. وقال الناشط محمد الحمصي لوكالة «رويترز» متحدثا من حمص إن القصف العنيف بدأ على الخالدية وعشيرة والبياضة وبابا عمرو والمدينة القديمة فجرا. وأضاف أن الجيش يطلق النيران من الطرق الرئيسية على الأزقة والشوارع الجانبية، وتحدث عن تقارير أولوية تشير إلى سقوط قتيلين في منطقة السوق. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن حي بابا عمرو تعرض طوال أول أمس للقصف براجمات الصواريخ مع تحليق للطيران الحربي فوق مدينة حمص. وقال ناشطون سوريون إن مجزرة مروعة ارتكبتها، أول أمس، عناصر الجيش الموالية للأسد في منطقة جبل الزاوية بمدينة إدلب. وأعلن الناشطون أن 27 جثة مشوهة تم تجميعها في أحد المراكز العسكرية التابعة للجيش النظامي بعد نقلها من قرى العرقوب وأبلين وكورين. وتعد منطقة جبل الزاوية معقلا حصينا للجيش السوري الحرّ الذي تحوّل إلى ذراع عسكرية للثورة المندلعة ضد نظام الأسد منذ مارس الماضي، وفق ما أفادت صحيفة «الشرق الأوسط» أمس. وأفادت مصادر سورية عدة بأن الجيش النظامي اقتحم بلدة أعزاز بريف حلب تحت رصاص كثيف من الرشاشات الثقيلة بشكل عشوائي على المدينة، مما أسفر عن مقتل أحد أبناء البلدة وإصابة آخرين. وفي بلدة الجرذي بدير الزور، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن أعدادا كبيرة من الدبابات برفقة الجيش السوري والشبيحة حاصروا البلدة بغية اقتحامها. وفي حلفايا بمحافظة حماة، قالت لجان التنسيق المحلية إن ثمانية أشخاص قتلوا، أربعة منهم ما زالوا تحت الأنقاض، في حين جرح عشرات جراء استمرار القصف المدفعي من قبل جيش النظام، وانهيار عدد من المنازل فوق رؤوس ساكنيها. كما تحدثت لجان التنسيق المحلية في سوريا عن رصد تعزيزات عسكرية من جهة المنطقة الصناعية شرقي مدينة حماة، تزامناً مع إضراب كامل لأهالي المدينة رداً على الاستفتاء. كما أظهرت صور بثت على مواقع الثورة السورية على الإنترنت خروج مظاهرة مسائية في حي البياضة في مدينة حمص. وردد المتظاهرون عبارات تأييد وتضامن مع أهالي حي بابا عمرو الذين يتعرضون لقصف الجيش السوري. كما طالبوا برحيل نظام الرئيس بشار الأسد وجميع أعوانه فورا عن السلطة. اتساع الاحتجاجات وفي العاصمة دمشق، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن عن ثلاثة شبان قتلوا بالرصاص في كفر سوسةبدمشق، وهي منطقة تحتضن عددا من أبرز مراكز الأمن والاستخبارات. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن إن المظاهرات يتسع مداها في دمشق وحلب و»النظام يستخدم كل الوسائل لقمعها». واقتحم الأمن والشبيحة، أول أمس وفق ناشطين، حي القدم بدمشق وداهموا المزارع وبعض المنازل، بعد قيام الأهالي بإضراب شامل. كما شهد حي العسالي بدمشق إضرابا شلّ حركة السير ووسائل النقل. وعكس ريفها، تتسع المظاهرات ببطء في دمشق ذاتها. وشهدت العاصمة الأسبوع الماضي مظاهرة هي الأولى حجما، شارك فيها الآلاف، وكان مسرحا لها منطقة المزة التي تحتضن عددا من السفارات والبنايات الرسمية. "استفتاء مزيف" وعلى وقع قصف البيوت على رؤوس ساكنيها وسقوط القتلى والجرحى، شهد، أول أمس، تنظيمَ السلطات استفتاء على مشروع دستور جديد، اعتبرته نقلة في تاريخ البلاد، وسخرت منه المعارضة والناشطون وخرجت العديد من المظاهرات للتنديد به ومن المتوقع أن تكون السلطات قد كشفت عن نتائجه أمس. فقد أعلنت قوى المعارضة مقاطعتها للاستفتاء “لأنه ملطخ بالدم وهو صنيعة النظام، إضافة إلى أنه يأتي والسلطات ضاغطة على الزناد”. ودعت إلى المقاطعة. وجاء على صفحة “الثورة السورية” على “فيس بوك”، تحت شعار “مقاطعة الاستفتاء”، “نظام بلا شرعية، دستور بلا شرعية”. وأعلنت لجان التنسيق المحلية وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي رفضهما للاستفتاء، في بيانين منفصلين. وأعربت اللجان عن رفضها للمشاركة ورفضها للدستور، ودعت إلى الإضراب، مشيرة إلى أن العديد من القرى والبلدات تجاوبت، تزامناً مع خروج مظاهرات في حمص ودير الزور وحماه وإدلب ودرعا وريف دمشق. واعتبرت هيئة التنسيق أن المشاركة في الاستفتاء “خيانة للثورة والثوار ودماء الشهداء”، مشيرة إلى أنها تعني الاعتراف بالنظام. ومن حمص، قال عضو الهيئة العامة للثورة هادي العبد الله “الاستفتاء نوع من الحوار، ولا حوار مع القاتل”، وأضاف “نعرف ألا انتخابات نزيهة يمكن أن يقوم بها النظام. المواطنون يعرفون أن الأمر مثير للسخرية”. وتابع “لا منزل في حمص إلا وفيه قتيل أو جريح أو مفقود أو معتقل، فكيف يذهب أفراده إلى الاستفتاء؟”. وذكر أنه تجول في الأحياء “الهادئة نسبياً”، القصور والخالدية والقرابيص وجورة الشياح والبياضة. وقال إنها “واقعة نسبياً تحت سيطرة الجيش الحر. لا يوجد إنسان في الشارع، كل شيء مقفل، ولا يوجد مركز اقتراع، فكيف الأحياء التي تشهد قصفاً؟”. وقال نشطاء إن الأمن أوقف أشخاصاً غامروا بالخروج لشراء طعام في حمص وصادر هوياتهم، وأبلغهم أن بإمكانهم استردادها في مراكز اقتراع. وقال محمد الحمصي إنهم يريدون إجبار الناس على التصويت في “الاستفتاء المزيف”. وقال عمر من بابا عمرو إنه لن يدلي أحد بصوته. وتبقى أغلب وسائل الإعلام الدولية المستقلة ممنوعة من تغطية الأحداث الجارية في سوريا والاحتجاجات التي ينكر النظام حجمها، ويصفها بمؤامرة أجنبية تنفذها «عصابات مسلحة».