هلل إعلام الاتحاد الاشتراكي للقرار التاريخي الذي صدر عن مجلس الاممية الاشتراكيةالتي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي بحضور وفد عن حزبي العمل و ميرتز الصهيونيين،و اعتبر قادة الاتحاد الاشتراكي صدور القرار بمثابة"إنجاز تاريخي وأن تحقيقه خير من الدخول في مسلسلات تفاوضية جديدة"،و الحاصل أن نص القرار-الفضيحة تضمن كارثة وطنية و إسلامية بالنسبة للحق العربي و الفلسطين في أرض فلسطين ،و تتمثل في الموقف التراجعي و اخطير الذي صدر بخصوص قضية اللاجئين حيث طرح القرار مسألة القبول بتسوية حول الموضوع،و هو ما يعارض جدريا حق العودة و القرار الأممي 194 الذي يؤكد هذا الحق ، و هو ما لم تقع الإشارة إليه مطلقا في "القرار التاريخي" للأميمة الاشتراكية،و عوضا عن ذلك تطرح في نص القراتر مسألة الصندوق الدولي لتعويض اللاجئين و هي فكرة صهيونية سبق أن طرحها الوفد الصهيوني في مفاوضات كامب ديفيد الثانية في يوليوز2000 و كان الرفض الفلسطيني لها أحد أسباتب فشل المفاوضات خصوصا و أن الصهاينة يقرنونها بمسألة تعويض يهود الدول العربية عن الأملاك التي "تروها "في الدول العربية و عن "معاناهتم التي أدت للهجرة" و الخطير في كل ذلك هو أن التعويض لا تتحمل مسؤوليته الدولة الصهيونية بحكم كونها صاحبة جرائم الاغتصاب و الترحيل و الطرد و الاستيلاء على الأملاك الفلسطينيةو أملاك المغاربة في القدس،التعويض المقترح وحسب نص القرار هو تعويض من صندوق "دولي " ،فهل هذا قرار تاريخي ،إنها فضيحة و سيذكر التاريخ أن مؤتمرا انعقد في بلد عربي و احتضنه حزب اشتراكي كان في نهاية الستينات يصدر جريدة فلسطين و يناهض من خلالها فكرة الدولة المزيفة في الضفة الغربية و الأردن،حقا إنها فضيحة لن ينساها الشعب المغربي و لن تغطي عليها الدعاية الجوفاء لأضحوكة القرار التاريخي و الذي هو نصر تاريخي لحزب العمل الصهيوني و لحزب ميرتز لصالح الأطروحة الصهيونية في تسوية القضية الفلسطينية،و حتى لانتجنى على تاريخ الاتحاد الاشتراكي ننشر مقتطفات دالة من مقالة دبجها عمر بن جلون الذي تطالعنا صورته يوميا في أعلى الصفحة الأولى من جريدة الاتحادالاشتراكي ،نص يدين بشدة استقبال رئيس المجلس اليهودي العالمي ناحوم غولدمان في 1970 من طرف المغرب،المقال معنون ب"قضية" من نوع آخر لماذا غولدمان في المغرب؟و قد وجهت الدعوة إلي غولدمان بواسطة الصحفي الفرنسي الجنسية واليهودي المعروف جان دانيال،النص واضح في الرد على وهم تحقيق شيء لفلسطين عبر استقبال الصهاينة،وواضح في الرد على الدولة الفلسطينيةالمزيفة و المصاغة على مقاس المشروع الصهيوني. بقيت مسألة أخيرة و تتعلق بقضية طرد حزب العمل من الأممية الاشتراكية ،حيث أكدت مصادر جد مطلعة أن أي حزب لم يتقدم بهذا الطلب في اجتماع الاممية،و لكم الآن ما كتبه عمر بن جلون في 1970 بجريدة فلسطين و أعادت دار النشر المغربية نشره في 1985 ضمن منشورات الاتحاد الاشتراكي،و نبتدئ بتساؤله:ّ " لماذا إذن هذه الزيارة؟ ما هدفها، وأية سياسة "عربية" يدخل فيها استدعاء غولدمان من جانب حكامنا واستقبالهم إياه؟ سؤال، بل أسئلة يضعها جميع المغاربة، وبالخصوص منهم أولئك الذين يعرفون مواقف غولدمان وانتماء جان دانيال، أسئلة تدور كلها حول ما يمكن التعبير عنه ب "قضية زيارة غولدمان" للمغرب، وهذه "قضية" جديدة، من "قضايا غولدمان" ولكنها هذه المرة "قضية" مغربية، قضية تهم جميع المغاربة الذين يهمهم أن يروا بلادهم وشعبهم وحكومتهم تحترم التزاماتها وتعهداتها إزاء الشعب الفلسطيني. إن زيارة غولدمان هذه للمغرب لم تحدث أية مشكلة في إسرائيل، ولم تشر إليها إلا صحيفة إسرائيلية واحدة شبه رسمية. بل إن وزير الداخلية الإسرائيلي قد أوضح، تعليقا على هذه الزيارة، إن المغرب لم يكن قط في حالة حرب مع إسرائيل وإن أي مواطن إسرائيلي يمكنه الدخول إلى المغرب دونما حاجة إلى إذن من الحكومة الإسرائيلية، أما الصحافة العالمية فقد اكتفت بالإشارة إلى هذا "الحادث"، ولكن دون أن تعود إلى الاهتمام به. وإذن فهذه الزيارة، زيارة غولدمان للمغرب لم يكن لها ذلك الصدى الكبير الذي عرفته "قضية غولدمان" الأولى، ونعني بها ما أذيع من احتمال مقابلة هذا الزعيم الصهيوني المعروف لرئيس الجمهورية العربية المتحدة، والتي ترددت أخبارها والتعليق حولها في كل مكان من العالم، والتي أدت أيضا إلى قيام مظاهرات وحدوث أزمة سياسية في إسرائيل نفسها. وهكذا يمكن القول أن زيارة غولدمان للمغرب لا تشكل "قضية" جديدة لا في إسرائيل ولا في المجال الدولي، لأن المغرب ليس هو الجمهورية العربية المتحدة، فلا هو طرف مباشر في النزاع القائم في الشرق الأوسط، ولا هو يتحمل وزر الحرب الدائرة هناك، ومن ثمة فهو لا يمكن أن يعتبر كمحاور له الصلاحية اللازمة، وبالتالي ليس هناك ما يحمل الحكومة والرأي العام في إسرائيل على إعطاء أهمية ما لمقام غولدمان في الرباط. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا استقبل هذا الزعيم الصهيوني في الرباط وما هي وجهات النظر التي يمكن "تبادلها" معه، خصوصا إذا جعلنا نصب أعيننا الحقائق التالية: 1 إن الموقف الرسمي للمغرب هو التأييد اللامشروط للمقاومة الفلسطينية والمساندة التامة لأهدافها المعروفة المعلن عنها، وهي إنشاء دولة ديمقراطية علمانية يتعايش فيها المسيحيون واليهود والمسلمون جنبا إلى جنب. 2 إن هذا الموقف الرسمي لبلادنا، قد حمل حكامنا على التأكيد بأن قرار مجلس الأمن الصادر في 22 نوفمبر 1967، قد تعدته الأحداث كليا. 3 هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن غولدمان لا يناقش الحكومة الإسرائيلية في الغايات والأهداف، وإنما يناقشها فقط في الطريقة والمنهج، في التاكتيك العسكري الذي يعتبره هو عنصرا خطيرا على الدولة الإسرائيلية وسلامتها في المدى البعيد. 4 وأما فيما يتعلق بجان دانيال الذي قام بتهييء الزيارة المشار إليها فهو لا يفتأ يدافع في أعمدة صحيفة "نوفيل أوبسرفاتور" على "الحل الوحيد الممكن" الحل الذي يتلخص في تعايش دولتين متجاورتين، والذي يهدف في الواقع إلى المحافظة على الدولة الإسرائيلية القائمة الآن، وإنشاء دولة "فلسطينية" مزيفة في الضفة الغربية لنهر الأردن. واعتبارا لهذه الحقائق فإن السؤال الذي يطرحه المواطنون المغاربة سؤال خطير للغاية، خصوصا عندما يلاحظون أن زيارة غولدمان للمغرب قد جاءت في نفس الوقت الذي أعلن فيه عن المشروع الأمريكي الجديد، والذي قدم بكيفية رسمية إلى الأطراف المعنية. وهذا المشروع ليس ابن ساعته، بل لقد كان موجودا قبل الإعلان عنه، وقد تم تقديمه للدول الكبرى وللجمهورية العربية المتحدة قبل الإعلان عنه بعدة أسابيع، ومن ثمة فقد يكون من الأكيد أن يكون هذا المشروع قد عرضت تفاصيله على الوزير الأول المغربي أثناء زيارته لواشنطن. وقد يكون من المؤكد أيضا أن يكون المسؤولون المغاربة قد عرضوه بدورهم على الممثل الشخصي للرئيس عبد الناصر، السيد لبيب شقير الذي زار بلادنا مؤخرا . وأخيرا فقد تأكد أن هذا المشروع الأمريكي لا يأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني. وبالإضافة إلى ذلك كله، ألم يؤكد المسؤولون المغاربة بكيفية علنية أنه لا يمكن ولا يحق لأية حكومة عربية التفاوض في شأن القضية الفلسطينية دون حضور الممثلين الحقيقيين للشعب الفلسطيني؟ ألم يؤكدوا أن مشكل الشرق الأوسط، هو مشكل احتلال فلسطين واغتصاب حق الشعب الفلسطيني، قبل أن يكون مشكلة بين دول متجاورة؟ ثم ألا يعرف المسؤولون المغاربة أن غولدمان عدو لدود للشعب الفلسطيني وأنه لا يقل في هذا عن أي زعيم إسرائيلي؟ إنه من غير المعقول تماما أن يكون هؤلاء المسؤولون يتوقعون حدوث "قضية غولدمان" جديدة في إسرائيل، وقيام أزمة مماثلة لتلك التي حصلت هناك قبل شهرين، كما أنه من غير المعقول أن يكون هؤلاء المسؤولون المغاربة قد وضعوا القضية بناء على اعتبار المغرب والعربية المتحدة في مستوى واحد في هذا الشأن. وأيضا فإنه من المستبعد تماما أن يكون الحكام المغاربة قد حصلوا مسبقا على موافقة الجمهورية العربية المتحدة بله موافقة الفلسطينيين بخصوص هذه الزيارة. (وقد أكد غولدمان نفسه ذلك حينما) صرح بأن اسم عبد الناصر لم يذكر ولو مرة واحدة خلال المقابلة). وإذن، وبالنظر إلى كل ما تقدم، نتساءل من جديد: لماذا اتخذ المسؤولون في المغرب هذه المبادرة العديمة النفع؟ ألم يرفضوا هم أنفسهم الاعتراف بحق التفاوض في شأن فلسطين، حتى للحكومات التي تخوض الحرب بكيفية مباشرة، صادرين في ذلك عن الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني؟؟ وبناء على هذا، فإن حكومة المغرب التي لم تقدم لحد الآن أية مساهمة مباشرة وعملية في المجهود الحربي، لا يحق لها بطبيعة الحال أن تمنح نفسها هذا الحق، حتى التفاوض. نعم، لقد ظهر أخيرا، احتمال إرسال وحدات من القوات المغربية إلى جنوب لبنان. ويظهر أن المسألة لم (تنضج بعد، بالنظر إلى التخوفات التي يبديها السياسيون اللبنانيون المرتبطون بالإمبريالية الأمريكية (هؤلاء السياسيون الذين كانوا دوما وراء الحوادث الدموية الموجهة ضد المقاومين). ومع ذلك، وحتى لو أرسل المغرب بعض قواته إلى الجبهة، فإن الحكومة المغربية لن يصبح من حقها قط "تبادل وجهات النظر" مع غولدمان أو غيره من الزعماء الصهيونيين مهما اختلفوا مع الحكومة الإسرائيلية، في المسائل التكتيكية. إن القضية الفلسطينية، ليست قضية فكرية أو جامعية يمكن أن تكون موضوعا لتبادل وجهات النظر، إنها قضية كفاح دموي، إنها قضية حرب. وبالتالي فإن على كل من لم يدخل المعركة دخولا مباشرا وكليا أن يكف عن اتخاذ أية مبادرة لن يكون من نتيجة لها إلا الإضرار بالمحاربين لأن الخلق العربي؛ والشهامة العربية يتنافيان مع القيام بدور "الوسيط"، ولذلك فإن شعبنا، مثله في ذلك مثل المقاومين الفلسطينيين أنفسهم، له كامل الحق في إبداء التخوفات، وانتظار التوضيحات." انتهى النص نصيحتنا لقادة الاتحاد الحاليين أن يعودوا إلى تاريخهم و يسترشدوا به قبل فوات الأوان. مصطفى الخلفي