تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بالفرع الإفريقي ل"داعش".. ضبط عبوة ناسفة إضافية في طور التركيب بضواحي الرباط (بلاغ)    التقدم والاشتراكية يحذر من الغلاء ويحمل الحكومة مسؤولية الاحتقان الاجتماعي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    مباراتان وديتان للمنتخب المغربي أمام تونس وبنين استعدادا لنهائيات كأس الأمم الإفريقية    تحت شعار «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع التنموي الديمقراطي» الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين    عامل الحسيمة ينصب عمر السليماني كاتبًا عامًا جديدًا للعمالة    حماس مستعدة لإطلاق كل الرهائن الإسرائيليين "دفعة واحدة" في المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة    بعد الكركرات.. طريق استراتيجي يربط المغرب بالحدود الموريتانية: نحو تعزيز التنمية والتكامل الإقليمي    إيقاف بيلينغهام والريال يستأنف    ضبط عبوة ناسفة إضافية دفنها أفراد خلية داعشية قرب الرباط    مجلس النواب ينظم المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية    وزيرة الثقافة الفرنسية: المغرب يمثل مرجعية ثقافية عالمية    مديرة المستشفى الجهوي ببني ملال تواجه احتجاجات بسبب الطرد التعسفي لحراس الأمن    مسؤول إسباني: المغرب مصدر إلهام للبلدان الإفريقية في جودة البنيات التحتية الطرقية    مركز النقديات يطلق خدمة دفع متعددة العملات على مواقع التجارة الإلكترونية المغربية    مبيعات الإسمنت بالمغرب ترتفع ب 13.75% في يناير 2025    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    مندوبية السجون تعلن عن إحداث دبلوم جامعي في الطب السجني    "البيجيدي": الفساد والاحتكار وراء الغلاء وتضارب المصالح يحكم الحكومة    ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية في السوق الأسبوعي بقرية أركمان    "أطلنطاسَند" للتأمين تفوز بجائزة الابتكار في تأمين السيارات المستعملة ضمن جوائز التأمين بالمغرب وأفريقيا 2025    حريق هائل يلتهم مصنعًا للأحذية بالمنطقة الصناعية المجد في طنجة    الاستعدادات لمونديال 2030 محور لقاء لقجع ورئيس الاتحاد الإسباني    عمر هلال ل"برلمان.كوم": المغرب لديه الريادة في سياسة السلامة الطرقية    وفاة المطربة آسيا مدني مرسال الفلكلور السوداني    ناشر مؤلفات بوعلام صنصال: "أخباره ليست ممتازة" بعد ثلاثة أشهر على سجنه    أبطال أوروبا .. البايرن وبنفيكا وفينورد وكلوب بروج إلى ثمن النهائي والإيطاليون يتعثرون    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    جهة الشرق.. التساقطات المطرية الأخيرة تعزز الموارد المائية وتنعش النشاط الفلاحي    اصطدام كويكب بالأرض يصل إلى أعلى مستوى للخطورة    رشيدة داتي: زيارتي للأقاليم الجنوبية تندرج في إطار الكتاب الجديد للعلاقات بين فرنسا والمغرب    رامز جلال يكشف اسم برنامجه الجديد خلال شهر رمضان    رضا سليم يجري عملية جراحية ناجحة في النمسا    احتجاجات في الرباط تندد بزيارة وزيرة إسرائيلية للمغرب    النفط يصعد وسط مخاوف تعطل الإمدادات الأمريكية والروسية    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    لاعب المغرب الفاسي حمزة الجناتي ينتقل إلى نادي السويحلي الليبي    دوري أبطال أوروبا.. بنفيكا يعبر إلى ثمن النهائي على حساب موناكو    طقس ممطر في توقعات اليوم الأربعاء    القضاء يوزع 32 عاما سجنا على المتهمين في قضية إطلاق النار بطنجة    ترامب يعلن عن إقالة مدعين عامين    بحضور وزير الثقافة.. توقيع شراكة استراتيجية بين سلمى بناني وسفير فرنسا لتطوير البريكين    منتدى يستنكر تطرف حزب "فوكس"    أمن طنجة ينهي نشاط مروج المخدرات القوية والمؤثرات العقلية بحي "البرانص" (صور)    بعد تأجيلها.. تحديد موعد جديد للقمة العربية الطارئة    إغماء مفاجئ يُنقل بوطازوت من موقع التصوير إلى المستشفى    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    القضاء الإداري يرفض طلب منع دخول وزيرة المواصلات الإسرائيلية للمغرب    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    السعرات الحرارية الصباحية تكافح اكتئاب مرضى القلب    المؤتمر الوطني السابع للغة العربية يناقش موضوع السؤال اللغوي    تحديد مواقع أولية لتسع سفن غارقة من الحرب العالمية الأولى على سواحل الأقاليم الجنوبية    كامل داوود يواصل تألقه الأدبي بفوزه بجائزة "اختيار غونكور الصين" عن روايته "حوريات"..    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    فيروس "H5N1".. سلالة جديدة من إنفلونزا الطيور تنتشر    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    









أوراق التجديد يكتبها الدكتور أحمد الريسوني
نشر في التجديد يوم 04 - 06 - 2002


المسجد مؤسسة جماعية
أهم مؤسسة عمومية في الإسلام هي مؤسسة المسجد، وإذا كان الحديث النبوي الشريف قد أنبأنا عن أكثر عرى الإسلام صلابة وصمودا، وآخرها انتقاضا واختلالا، ألا وهي فريضة الصلاة، فإن هذه الفريضة تتوقف إقامتها ودوامها على إقامة المساجد ودوامها.
وإلى هذا، فإن الآثار الإيجابية للمسجد تنعكس وترجع بالفائدة على الدين كله، إذ في المسجد يتعلم الناس دينهم ويقوون إيمانهم، وفيه يتلقون قرآنهم وسنتهم، وفيه يعرفون أحكام شريعتهم، وفيه يتلقون الوعظ والإرشاد والهداية والسداد، وفيه يتلقون ويتعارفون، فيتآلفون ويتعاونون، وإليه يأوي الضعيف والفقير وابن السبيل.
وارتبطت بالمسجد من أيامه الأولى وظائف ومصالح كثيرة تتحقق فيه ومن خلاله الجماعة المسلمة، إلى حد أستطيع أن أقول معه: إن قيام المساجد في أي بلد إسلامي أو في العالم الإسلامي أهم عندي من قيام الخلافة!
هذه المؤسسة العظمى، لا يتوقف وجودها ولا استثمارها ولا تسييرها على دولة ولا حكومة، نعم يمكن لأي دولة أن تساعد وتساهم قليلا أو كثيرا. وهذا جيد ومفيد، ولكن ليس عن هذا أتحدث...
إن الأمة الإسلامية، في كافة أقطارها، وكافة مدنها وقراها، قد تكلفت عبر تاريخها الطويل، بإقامة هذه المؤسسة، إقامة مادية ومعنوية، فإقامة المسجد، وعمارته وصيانته، وتسييره وتدبير شؤونه، هي مسؤولية الجماعة ووظيفة الجماعة.
فالمسجد مؤسسة جماعية...وملكية جماعية، لا يملكه شخص، ولا يتحكم فيه شخص ولا مجموعة أشخاص، إلا بمقدار ما تكلفهم أو تفوضهم جماعة المسجد.. والمسجد كما هو معلوم يسمى "بيت الله"، حتى لا يظن أحد أن له عليه تملكا خاصا، لكونه مثلا: بناه، أو موله، أو ينفق عليه، أو يؤم فيه، أو يقع في دائرة إمرته، أو تحت وصايته.
المسجد ليس ملكا لبانيه، وليس ملكا للدولة، وليس ملكا لوزارة الأوقاف. بل هو لله تعالى. وما كان لله تعالى فهو لعامة عباده. والمحبسون حينما يحبسون المساجد، فإنهم يجعلونها أساسا لجيران المسجد وأهل منطقته القريبين منه.
ولهذا فالمسجد في أي حي أو قرية أو بلدة، إنما هو شأن مشترك بين أهل الحي أو القرابة أو البلدة، ممن هم رواده وعماره، وشؤونه داخلة في قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، فيجب أن يكون مؤسسة للشورى المباشرة اليومية. والأحاديث النبوية تدفع في هذا الاتجاه وترشد إليه وترشده.
فمن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم من كان أجنبيا عن المسجد وأهله عن أن يتقدم لإمامتهم. لأن الأصل في الإمام أن يكون من أهل المسجد ومن أهل البلد. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من زار قوما فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم" (1).
وكان الصحابي مالك بن الحويرث إذا زار مسجدا للوعظ والتعليم، فقدمه أهل المسجد، امتنع عن إمامتهم واستدل بهذا الحديث (2)
وقد وردت عدة أحاديث يعضد بعضها بعضا من حيث الثبوت يلعن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم >من أم قوما وهم له كارهون< (9).
قال الإمام الترمذي في جامعه "كره قوم من أهل العلم أن يؤم الرجل قوما وهم له كارهون. فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما إثمه على من كرهه<. وقال أحمد وإسحاق في هذا: >إذا كره واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم، حتى يكرهه أكثر القوم< (10).
ومعنى هذا أن الإمام يجب أن يكون مقبولا لدى أهل المسجد كلهم أو معظمهم على الأقل. أما أن يفرض عليهم، أو يفرض نفسه عليهم وهم له كارهون، فهذا لا يجوز ولا يصح.
ومن هذا الباب يصبح لزاما على جمهور أي مسجد أن يتشاوروا ويتداولوا في اختيار إمامهم وتغييره عند الاقتضاء. ولكن أيضا لابد للسلطة المشرفة على المساجد أن تتيح هذه الفرصة للناس، وأن تسهم في تنظيم هذا السلوك والتشجيع عليه، بدل إلغائه لفائدة التعيين المركزي والتسيير المركزي، الذي أصبح عاجزا ومتجاوزا.
لقد أثبتت التجارب القديمة والحديثة نجاعة الاعتماد على السكان في إقامة مساجدهم وعمارتها وتسييرها بأنفسهم، وتعرف اليوم تجربة التشييد والتسيير الجماعي والجمعوي للمساجد انبعاثا ونجاحا ظاهرين، سواء بالمغرب أو بغيره من الأقطار. كما تثبت التجربة الفعلية أيضا أن المساجد المسيرة أهليا ومحليا عادة ما تكون أكثر حيوية وفاعلية في وظائفها ورسالتها، وأكثر كفاية في حاجياتها المادية والمعنوية.
هذا مع العلم أن معظم القرى المغربية، وعددا من الأحياء الشعبية بالمدن، مستمرة إلى الآن في اتباع الأسلوب القديم، المتمثل في كون "الجماعة" هي التي تتداول وتتدبر أمر المسجد والإمام والخطيب والقيم، وتتضامن من أجل توفير كافة النفقات الراتبة والطارئة للمسجد وطلبته.
وها نحن اليوم نرى خصاصا كبيرا في المساجد، قياسا بتزايد السكان ونمو الأحياء. كما نرى نقصا بينا في احتياجات المساجد القائمة، ونرى ضعفا واختلالا في استثمارها وتنشيطها، وأحيانا في تسييرها. ونرى الناس معرضين لا مبالين بذلك كله. وما ذاك إلا لأنهم ألفوا وسلموا أن ذلك كله من شؤون الدولة ومن اختصاص وزارتها في الأوقاف والشؤون الإسلامية.
أحمد الريسوني
1 رواه أبو داود في كتاب الصلاة من سننه، والترمذي في أبواب الصلاة من جامعه.
2 الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء فيمن زار قوما لا يصلي بهم.
3 انظر: الترمذي، أبواب الصلاة، باب فيمن أم قوما وهم له كارهون.
4 عارضة الأحوذي، بشرح صحيح الترمذي، لأبي بكر بن العربي، 153/1 ، طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.