"كوب 30" تتبنى اتفاقا بشأن المناخ    محكمة الحسيمة تُصدر حكمًا في حق المتهم بجريمة القتل بشاطئ السواني                    عصبة الأبطال الإفريقية (دور المجموعات -الجولة 1).. فريق بيراميدز المصري يفوز على نظيره ريفرز يونايتد النيجيري (3-0)    التساقطات المطرية تساهم في خفض أسعار زيت الزيتون بشمال المغرب    المغرب يتوج بلقب أفضل وجهة سياحية لعام 2025 في بروكسيل    آلاف التونسيين يصعدون احتجاجاتهم ضد سعيد ويطالبون بعودة الديمقراطية    المغرب ضمن طليعة الدول الأكثر التزاماً بالمناخ    أوزين يصف التسريبات ب"الفاجعة الأخلاقية" ويدعو إلى تحقيق عاجل وإعادة بناء منظومة المجلس الوطني للصحافة    أسعار السكن تعاود الارتفاع في المدن الكبرى    نهضة بركان يستهل "الأبطال" بفوز ثمين        أحمد الشناوي يعلق على استبعاده من جائزة الكاف    21 شهيدا في غزة في انتهاكات إسرائيلية للهدنة    النبهان ينتقد "الولوج المطلق" لصناع المحتوى إلى مجال التمثيل الفني        وضع سيدة مولودها داخل إحدى عربات "الترامواي".. مستشفى مولاي عبد الله بسلا لم يسجل أي ولوج للمعنية بالأمر إلى مصالحه (بلاغ)    الأميرة للا مريم تترأس حفل الاختتام الرسمي للمنتدى الإفريقي الأول لبرلمان الطفل        نهاية مشرفة في مشوار فتيان الأطلس بمونديال قطر... والتحكيم تحت المجهر من جديد            جلالة الملك يهنئ الجيش الملكي النسوي عقب تتويجه بدوري أبطال إفريقيا للسيدات        موسيقى كناوة المغربية تلهب حماس الجمهور في مهرجان فني بالكويت    مجلس المستشارين يعقد الثلاثاء المقبل جلسة عمومية مخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة    البرازيل.. إيداع الرئيس السابق جايير بولسونارو رهن الاعتقال الاحتياطي    لجنة الأفلام تُطلِق برنامج قطر لحوافز الإنتاج السينمائي والتلفزيوني (QSPI)    تنظيم مهرجان فاس السينمائي العربي الإفريقي    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين تواتر الأحكام القضائية القاسية في حق محتجي "جيل زيد"    جلالة الملك يهنئ الرئيس اللبناني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    لجنة الأفلام في قطر تحصل على حقوق قصة "قيصر"    هل يصيب الذكاء الاصطناعي بعض الناس بالتوهم؟    الطالبي العلمي بمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي: التنمية الحقيقية رهينة بتعزيز سيادة الدول الإفريقية على مواردها الطبيعية    أفراد طاقم فيلم "صوت هند رجب" وأبطال القصة الحقيقيين في مهرجان الدوحة السينمائي: صوت هند هو صوت غزة وكلّ الفلسطينيين    ساركوزي يكتب عن السجن: كما هو الحال في الصحراء.. تتقوّى الحياة الداخلية في السجن    القاهرة تستعجل تشكيل "قوة غزة"    الأمم المتحدة: الإمدادات الغذائية لغزة تتحسن منذ وقف إطلاق النار    أرسنال يفقد مدافعه غابرييل لأسابيع    طقس مستقر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    وفاة ثلاثيني وإصابة شاب آخر في حادثَيْ دراجة نارية متتاليَيْن داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة    بوعرعار "كبير المترجمين".. سفير لغوي متجول بارع ودبلوماسي "فوق العادة"    الداخلية تلزم الجماعات بتحديد تسعيرة الضريبة على الأراضي غير المبنية لتشمل الدواوير... تغازوت نموذجا (فيديو)    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد عزالدين توفيق يكتـب: وظيفة المسجـد تمتـد إلى مختلف مجالات الحيـاة
نشر في التجديد يوم 23 - 01 - 2008


من أعظم النعم عمارة المساجد، يقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة18:) وإذا ذكر المسجد ثارت في ذاكرة المسلم مهامّ وجملة أدوار تقوم بها هذه المؤسسة الإسلامية المتميزة، فهو أولاً للصلاة، ومكانة الصلاة في هذا الدين لا تخفى، فهي ركنه الثاني بعد الشهادتين، وقد جعلها الإسلام شرطًا في إسلام المسلم، وشرطًا في دخوله الجنة، كما في حديث جبريل: (الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة...) متفق عليه، وكما في حديث معاذ قال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: (لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة...) رواه ابن ماجه. وقد كانت الصلاة عبادة الأنبياء من قبل، فلما جاء الإسلام أخذت فيه أكمل صورة، وتناسقت أقوالها وأفعالها، وصارت لها شروط وأركان ومواقيت وأذان وإقامة وجماعة وغير ذلك. هذه الصلاة التي أمر الله عز وجل ببناء المساجد من أجل إقامتها فيها توبة متجددة، يجدد بها المصلي إسلامه، ويتطهر بها من ذنوبه وآثامه، فهي لجسمه طهارة من الخبائث الحسية، وهي لروحه طهارة من الخبائث المعنوية. والصلاة الكاملة هي التي يقيمها صاحبها في مواقيتها، ويصليها على وفق السنة، ويكون فيها خاشعا، ويشهدها مع جماعة المسلمين في المساجد، وقد أنشئت هذه المساجد ليُرفع من مآذنها الأذان كل يوم خمس مرات، يلخِّص للناس دعوة الإسلام، وينقل إليهم هذه الدعوة الشفوية من ربهم، أن أجيبوا داعي الله، هلموا إليه فهو أكبر من كل شيء، وعنده الفلاح كله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر. وبني المسجد للصلاة مع الجماعة، هذه الكيفية التي جعلها الإسلام تَفْضُل صلاة الفرد في بيته وسوقه بسبع وعشرين درجة، تستقيم للمسلم إذا كان يحافظ على الصلاة في المسجد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (صلاة الرجل في جماعة تُضعَّف على صلاته في بيته وسوقه خمسًا وعشرين ضعفًا)، وهذه الرواية ذكرت خمسًا وعشرين ضعفًا وزادت فضائل أخرى: (أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يَخْط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه اللهم ارحمه)) واللفظ للبخاري. قال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة(9:. وهذه العبادة التي إذا تخلف عنها أحد ختم الله على قلبه وكتب من الغافلين، كما قال من على منبره الشريف: (لينتهين أقوام عن وَدْعِهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونُن من الغافلين) رواه مسلم.والمسجد لتعليم العلم، فالمسجد هو جامعة الإسلام الأولى، فيه تعلم المسلمون جيلاً عن جيل، ولذلك لم يتأخر النبي عن بنائه لحظة بعد الهجرة، فكان أول عمل قام به في المدينة بناء المسجد، ثم توالى بناء المساجد في حياته وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وسيبقى ذلك إلى قيام الساعة. ومن حلقات العلم بمسجده عليه الصلاة والسلام تخرَّج سادة الدنيا وقادة الأمة ونجوم الهدى، وعلى آثارهم سار التابعون لهم بإحسان. والمسجد للذكر والدعاء وتلاوة القرآن، وإذا كانت هذه الثلاثة قد اجتمعت في الصلاة لأن في أقوالها الذكر والدعاء وتلاوة القرآن إلا أن المساجد مكان الذكر خارج الصلاة، قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). هذه بعض الأعمال التي يستمد منها المسجد رسالته، على أن رسالة المسجد أوسع من هذا، إنها تمتد إلى مختلف مجالات حياتنا، ففي المسجد نتعلم فن الحياة، في المسجد نتعلم الأخلاق الجماعية، وفي المسجد نتعلم آداب الصحبة والأخوة والجوار، وفي المسجد نتعلم كيف نقدم أهل العلم والفضل، وكيف ننزل الناس منازلهم على حسب تقواهم وعملهم الصالح، وفي المسجد نتعلم أسلوب النظام والترتيب وحسن الإمامة وحسن الطاعة. وعلى قدر عظمة هذه الرسالة تبدو عظمة الإنجاز عندما يضاف إلى مساجد الله في الأرض مسجد جديد، فالحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده. كل عمل صالح يبدأ بفكرة يلهمها الله عبدًا ويشرح صدره لها، فتصير الفكرة عزيمة، وتصير العزيمة فعلاً، وكما لا يدخل أحد بيت الله إلا بإذن من الله فكذلك لا يبنيه إلا بإذن منه سبحانه، قال تعالى: (فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (النور36:). وقد كان هذا المسجد ـ مثل غيره ـ في أول الأمر فكرة، ثم صارت الفكرة واقعًا، وما بين كونه فكرة وكونه صرحا قائما تيسيرات إلهية يعرفها الذين باشروا تنفيذ هذا المشروع المبارك، وتابعوا أطوار إنجازه.وبناء المساجد ليس من الأعمال التي يستقل الفرد الواحد بها، فقد تعاون على بنائها الجماعات من الناس، كل منهم يرجو أن يكون ممن قال فيهم رسول الله: (من بنى لله مسجدًا بنى الله له مثله في الجنة) رواه الترمذي. وكما يحتاج المسجد في بنائه إلى التعاون فإنه بحاجة إلى هذا التعاون لأداء رسالته بعد البناء، بين المؤذن والإمام والخطيب والواعظ والمصلين والإدارة والمسؤولين وكل من له مشاركة في شؤون المسجد، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. كما أن مرافق المسجد وأمتعته وفرشه وقف عليه، يجب على مستعمليها المحافظة عليها، فقد أمر بالمساجد أن تنظف وتطيب وقال ـ والحديث في إسناده ضعف ـ: (عرضت عليَّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد) رواه أبو داود والترمذي، وقال تعالى: (يَـابَنِى آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ) (الأعراف31:)، أي: عند كل صلاة. وكما أن المسجد ليس مكانًا للخبائث الحسية من أوساخ وقاذورات، فإنه ليس مكانًا للخبائث المعنوية من معاصي القلب واللسان والجوارح، كالغيبة والنميمة والكذب والجدال والمراء والتجسس والأذية بأي حال من الأحوال.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.