ضيفتنا اليوم الدكتورة فاطمة بوسلامة، عضو المجلس العلمي بالدارالبيضاء، من مواليد مدينة فاس في دجنبر1968,تعلمت القراءة والكتابة وحفظ سور من القرآن الكريم على يد والدها رحمة الله عليه في كتاب قرآني، ونالت شهادة الباكالوريا في العلوم الرياضية في,1987 وأكملت دراستها الجامعية في شعبة الدراسات الإسلامية، وأحرزت على الدكتوراه في المصطلح القرآني في يناير2004 أي قبل ثلاثة أشهر فقط من تعيينها عضوا بالمجلس العلمي المحلي لولاية الدارالبيضاء. وتشغل فاطمة بوسلامة منذ ماي 2001 وظيفة منتدبة قضائية إقليمية بالمحمدية بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية لهذه المدينة. ما هو عملك في المجلس العلمي بالدارالبيضاء؟ عملي في المجلس، كعمل باقي الأعضاء نساء ورجالا، تؤطره المادة 13 من الظهير الشريف المنظم لعمل المجالس العلمية، والتي تنص على نوعين من المهام: مهام تأطيرية تكوينية مثل الإشراف على كراسي الوعظ والإرشاد والثقافة الإسلامية، والإشراف على عمليات اختيار الأئمة والخطباء والوعاظ، ومهام دعوية تبليغية متمثلة في إرشاد المواطنين والمواطنات في أمور دينهم، وتيسير سبل اطلاعهم على ما يتعلق بهم من أحكام الشرع، وأيضا تنظيم الندوات العلمية والموائد المستديرة في قضايا الفكر الإسلامي المعاصر، والإسهام في نشر الوعي الإسلامي الصحيح. فما أُنجز باسم المجلس من هذه المهام هو ثمرة تعاون جميع الأعضاء، لكن مع تعدد هذه المهام من جهة، وعدم تفرغ الأعضاء من جهة أخرى، جاء التفكير في نوع من التقسيم لها، وهذا في ضوء توجيهات المجلس العلمي الأعلى بإحداث لجان وخلايا عمل، وهكذا تم اقتراحي منسقة للجنة العمل الاجتماعي والثقافي، بالإضافة إلى كوني منسقة لخلية المرأة والأسرة، كما كلفت بملف الوعظ النسائي. هذا التقسيم في العمل مازال في بدايته، وتصور المجلس بشأن عمل كل لجنة أو خلية في طور الإنضاج، لذلك لا يمكنني اللحظة أن أتكلم على عمل خاص أقوم به. ماذا عن خصوصيات المنطقة وعلاقتها بعمل المجلس؟ الدارالبيضاء مدينة كبيرة، واحتياجاتها من الغذاء الروحي والمعرفي أكبر، نشعر بتواضع إمكانات مجلسنا، لكننا نؤمن بأن الله قدر لنا أن نعمل في هذا الزمان والمكان، وأن علينا أن نسير مهما كانت العقبات. مشاركة المرأة في أعمال المجالس العلمية: أية إضافة؟ إن مشاركة المرأة في شأن الدين والعلم ليس أمرا جديدا ولا غريبا بالنظر إلى ما نعتقده في صميم ديننا: (والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله)، (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مومن فلنحيننه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) صدق الله العظيم. وبالنظر أيضا إلى ما كانت عليه المرأة المسلمة في عصر النبوة وفي فترات ازدهار الحضارة الإسلامية: فالمرأة هي أول من صدقت الرسول صلى الله عليه وسلم، والتزمت بهذا الدين، وهي أول من ضحى بنفسه في سبيله، وهي العالمة والمتعلمة، والفقيهة والمستفتية... فالقول ب الإضافة هو باعتبار زمن غربة هذا الدين وتخلف المسلمين. وإشراك المرأة في عمل المجالس العلمية هو إصلاح لبعض ما فسد من أوضاعنا، ويدخل ضمن سلسلة من الإصلاحات التي دشن بها المغرب عهده الجديد. وستسهم المرأة ولا شك بحسها الاجتماعي في كسر طوق العزلة عن هذه المجالس، وستزيد مشاركتها بفضل حماسها الفطري وتفانيها الطبيعي في العمل من حركية هذه المجالس وفعاليتها، وسيكون لقضايا التربية والأسرة التي تميل المرأة إلى إعطائها الأولوية حظها الواجب من المعالجة الشرعية، وغير خاف ما نعيشه من تحديات في هذا الباب. بمناسبة الحديث عن هذه المعالجة الشرعية، ما هي الإضافة في مجال فقه المرأة؟ إذا كان المقصود ب فقه المرأة العلم بالأحكام الشرعية العملية، التي لها تعلق مباشر بالمرأة، فلا شك أن للمرأة شؤونا تخصها ومسائل تستأثر باهتماماتها اليومية داخل مجتمعها الصغير أو الكبير، والمرشدة في المسجد، أوالعالمة في المجلس مطالبة بأن تصغي إلى هذه المسائل، وتعير هذه الشؤون ما تستحقه من العناية والمتابعة والمعالجة الشرعية اللازمة. ما تُضيفه العالمة إلى فقه المرأة، هو جزء مما ينبغي أن تُضيفه إلى فقه الدين، الذي يحتاج في زمن تراجعه وانتكاسته إلى عقول المؤمنين والمؤمنات على السواء. وفي هذا الإطار، نظم مجلسنا في الموسم السابق دورة تكوينية لفائدة الواعظات تحت شعار نحو تكوين فقهي سليم، توزع موضوعها على خمسة محاور هي: (نشأة الفقه الإسلامي وتطوره)، و(الخلاف الفقهي: أسبابه وحِكمه)، و(تدبير الخلاف الفقهي وضرورات الوحدة المذهبية)، و(مصادر الفقه المالكي: طرق البحث والانتقاء)، و( فقه المرأة المسلمة: قضايا ونماذج). وقد كان من أهم ما كشفت عنه هذه الدورة: الحاجة الماسة إلى مزيد التكوين والتثقيف، والرغبة الصادقة في بحث قضايا عديدة تسأل عنها النساء وتحتاج إلى تجديد نظر أو تأسيس فهم في ضوء من نصوص الشرع ومعطيات الواقع المعاصر. ماذا أعد مجلسكم لشهر رمضان المبارك؟ وأيضا الحج؟ لا شك أن شهر رمضان هو شهر الاجتهاد في التبليغ والبيان لما يوفره هذا الشهر المبارك من أجواء إيمانية تزيد من قابلية الناس لفعل الخير، وتنمي فيهم الاستعداد لتصحيح السير. لذلك كان برنامج أنشطة المجلس في هذا الشهر الكريم ضمن جدول أعمال أولى اجتماعاتنا في هذا الموسم، وحرصنا في هذا البرنامج أن نتواصل مع فئات واسعة ومتنوعة من ساكنة ولاية الدارالبيضاء، لذلك شملت الأنشطة المقترحة الدروس والمحاضرات والندوات عبر الإذاعة الجهوية وفي المساجد ودور الثقافة والمراكز الاجتماعية والمؤسسات التعليمية وأيضا السجون والإصلاحيات والخيريات... أما بخصوص الحج، فإن الإعداد لهذه الفريضة بدأ عندنا مبكرا، إذ تشكلت لجنة خاصة بهذا الملف في شهر يونيو الماضي، وقُدمت اقتراحات مفيدة وبرامج عمل مازال النظر فيها قائما، وسيتم تنفيذ ما صودق عليه في الوقت المناسب. كيف تنظرين إلى هذه التجربة؟ وما هو تصورك لمستقبل العمل وآفاقه؟ التجربة في بدايتها، وكشأن كل البدايات تكون متواضعة وغير ناضجة، لكنها مُؤسسة لما يأتي بعدها، أستحضر دائما قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: >من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء...<، وإذ شاء الله سبحانه وتعالى أن أكون ضمن المجموعة الأولى من النساء اللواتي دخلن المجالس العلمية في العهد الجديد، أرغب بصدق في المشاركة في سن سنن حميدة في الإرشاد والتأطير، وأستشعر بقوة مسؤوليتي في تأسيس عمل جاد وفعال. لذلك أتصور أن من أهم ما يجب السعي إليه عمارة بيت الله وإحياء رسالة المسجد في المجتمع: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) صدق الله العظيم. صحيح أن مهام هذه المجالس متعددة ومتنوعة، لكن المنهج السليم في العمل يقتضي ترتيب الأولويات، وملاحظة الأنفع من الأعمال، واختيار الأنجع من أساليب الدعوة والإرشاد. وأتطلع لأن تشتغل المجالس بما فيه إضافة نوعية إلى الشأن الديني، فتقدم جديدا مقنعا مقبولا في الخطاب والتوجيه والتأطير.