لاحظ مشاركون في ندوة نظمت السبت 28 يناير الجاري بمراكش أن "يد المحاسبة في المغرب تطال فقط الرؤوس الصغيرة التي تصرف عليها الدولة أموالا في حين لا تصل إلى الرؤوس الكبيرة التي تعيث في الأرض فسادا، والتي يمكن أن يسترجع منها أموالا طائلة". وأوضح المشاركون أن الفساد طال عدد خيرات هذا الوطن، والذي يستفيد منه لوبي قوي، منها على الخصوص أراضي الكيش وأراضي الجموع والملك البحري والملك الغابوي. وقال طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب إن ملفات معروضة على المحاكم تبقى سنين طويلة وأن أراضي تفوت بأثمنة بخسة وبيعها بعد ذلك للخواص ولشركات محظوظة. وقال نائب وكيل الملك إن الباب مفتوح ومتاح لكي يقدم أي مواطن شكاية تخص إهدار المال العام. وأكد عدد من المتدخلين في هذه الندوة التي نظمتها الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب فرع مراكش حول مكافحة الفساد بالمغرب أن تعزيز آليات الرقبة ومحاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام من شأنه أن يرجع الثقة للمواطنين في الدولة والمؤسسات. وطالب المشاركون بضرورة إصلاح وتوحيد بعض القوانين التي تهم معالجة قضايا الفساد المالي من بينها على الخصوص قوانين نظام الصفقات العمومية وغياب خبراء محاسبيين في مجال المحاسبة العمومية. وأشارت كلمة لفرع الهيئة بمراكش أن كل الدراسات والتقارير التي أنجزت حول آفة الفساد أجمعت أن هذا الأخير يشكل عائقا حقيقيا أمام أي تنمية أو تطور ديمقراطي، وأكدت على الصلة الوثيقة بين غياب التدبير الرشيد أو الديمقراطي وانتشار الفساد في دواليب الدولة ومؤسساتها وفي كل شرايين المجتمع. وأوضحت أن المجتمع في حاجة ماسة اليوم إلى استرجاع الأموال المنهوبة لتستفيد منها خزينة الدولة وتوظف في الاستجابة للحاجيات الضرورية لبلادنا في الشغل والصحة والتعليم والسكن، وأضافت أنه يكفي أن تأمل حجم الأموال المختلسة مثلا من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي بلغت 115 مليار درهم أي ما يعادل 25 % من الناتج الداخلي الإجمالي لندرك حجم الكارثة التي أصابت وتصيب مقدرات بلادنا. وأشارت الكلمة ذاتها أن المفارقة صارخة في وضع المغرب الراهن، فهيمنة فساد نسقي لا يكاد يسلم منه أي قطاع، وضعف مؤسساتي أصبح من المسلمات على نطاق واسع.