تبدو حملة وزير الخارجية في الحكومة العراقية التابعة للاحتلال الأمريكي على قناة الجزيرة وعدد من القنوات العربية الأخرى جزءً لا يتجزأ من الحملة الأمريكية على القناة القطرية ومن خلالها على الإعلام العربي الذي يحاول التعاطي مع الشأن العراقي بلغة لا تساعد الاحتلال، حتى وهي تتراجع أمام سطوته وتكتفي بالتعامل مع أخباره من مصادره هو لا من مصادر المقاومة التي لا تجد من يناصرها ويكشف حقائق فعلها البطولي على الأرض. والحال أن زيباري كما هو شأنه دائماً لم يكن إلا تابعاً لهواجس الاحتلال، ومعها هواجس الحالة الكردية بطبعتها الطالبانية والبرزانية المتحالفة مع تل أبيب وواشنطن ضد كل ما هو عربي وإسلامي. أما هواجس العراقيين وهمومهم فلا شأن له بها، لأنها بكل بساطة تتناقض مع برنامجه وهمومه الشخصية والفئوية. في هذا السياق جاءت الحملة الأخيرة لزيباري على الجزيرة وما تضمنتها من اتهامات لها بالعلاقة مع الإرهاب، وهو أمر تكرر من قبل رئيس الحكومة إياد علاوي في سياق آخر، فضلاً عن تهديدات لا زالت تتكرر على ألسنة مسؤولين في الحكومة التابعة للاحتلال بإغلاق مكتب الجزيرة. خلاصة ما يريده زيباري وعلاوي ومن ورائهم باول ورامسفيلد ووولفوفيتز وزمرة المتطرفين في الإدارة الأمريكية من الجزيرة هي مساعدة الاحتلال على تثبيت أقدامه في العراق، حتى لو تم ذلك بالكذب والتزوير. أما نقل الحقيقة أو حتى جزء منها فذلك ما لا يمكن أن يكون مقبولاً بحال، حتى لو توسل أرقى درجات المهنية والحيادية. وهي مصطلحات يجري التلاعب بها بالطريقة التي يريدها المعني. وإلا فأية مهنية تلك التي تتوفر في تغطية (فوكس نيوز) أو حتى (سي إن إن) وسواها من القنوات الأمريكية التي تتفنن في تزوير الحقائق، ليس في العراق فحسب، بل في فلسطين أيضاً وسائر المناطق الأخرى، ويكفي أن من حق اليهود أن يعترضوا على أي خبر تبثه (سي إن إن) ويغيرونه بالطريقة التي تناسبهم من خلال خط دائم مع إدارة لتحرير في القناة!! نعم، ما هو مطلوب من الجزيرة والإعلام العربي عموماً هو العمل كخادم للاحتلال الأمريكي والحكومة التابعة له، والأصل أن تقوم القنوات العربية بالتعامل مع الاحتلال بوصفه حالة تحرير ومع الحكومة التابعة بوصفها الحكومة المنتخبة التي لم يعرف العراقيون ما هو أروع منها، على رغم أنها لا تسيطر على شيء في البلاد. نعلم أن الجزيرة ليست في وارد تحدي الإرادة الأمريكية لأنها جزء من بلد صغير له حدوده، لكن ذلك لا يعني أن بإمكانها السكوت على تحريض زيباري عليها وعلى العاملين في مكتبها في بغداد، وفي كل الأحوال فإن لديها الكثير مما يمكن أن تقوله بحق أقوام لهم تاريخهم المعروف، سيما عندما تتحلل من عقدة المحافظة على المكتب في حال إغلاقه، وهو ما قد يدفع القوم إلى مواصلة التهديد بالإغلاق من دون التنفيذ الفعلي، هذا إذا كانوا يتصرفون بقليل من العقلانية. في العراق اليوم عدوان على كل شيء؛ على الحرية والديمقراطية والوطنية والدين والقومية، ومع ذلك يراد من القنوات العربية أن تقول إن كل شيء يسير على ما يرام لكي تحظى برضا السيد هوشيار زيباري ومن عينوه في واشنطن!! ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني