نقط على الحروف تتبعنا هذه الأيام، كيف تحولتم إلى عراب للوبي المتصهين ببلادنا، ووكيل عن سياسات الاختراق الصهيوني للمنطقة العربية، وبوق مدافع ومروج لبرامج ضرب هيئات مناصرة الانتفاضة معتمدين في ذلك مختلف أساليب التضليل والافتراء والبهتان ومستقوين إن لم نقل متحالفين مع جهات عدة في الداخل والخارج. قولوا لنا بربكم عن ماذا تدافعون؟ أن نستقبل شرذمة من مجرمي الحرب وأيديهم لم تجف بعد من مذابح الضفة الغربية وقطاع غزة؟ هل تريدون منا أن نفرش الأرض لهم بالورود ونصطف صفا واحدا لمصافحتهم وتقديم كؤوس أنخاب الانتصار لهم ثم نبحث عن غانيات لهم ؟ لا تنتظروا ذلك ولو دخل الجمل في ثقب الإبرة بل انتظروا معركة لن تنسى والجواب ما ستروه لا ما ننشره. يردد إعلامكم صباح مساء أكذوبة الحساب المعلوم وهو حساب شفاف أبيض، حسبه شرفا أنه تعبير تلقائي للشعب المغربي عن انخراطه في الجهاد ضد العدو الصهيوني، وشدة بياضه لا تكافئها إلا شدة سواد حساب الهيئة التي تصدر الاتحاد الاشتراكي وهي دار النشر المغربية والتي كانت في الثمانينات محط متابعة قضائية طالت عددا من مسؤوليكم بما فيهم وزير في حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وعندما يحين وقت نشرها هي ورسالة أخرى للدكتور محمد عابد الجابري وجهها لأعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي في يونيو 1996 تضمنت اتهامات مالية واضحة لشخصيات معروفة عندكم وطالب بفتح تحقيق فيها، عندما يحين ذلك ويحين معه وقت الحساب الحقيقي عن أربع سنوات عجاف قضيتموها في هذه الحكومة، سينكشف آنذاك للشعب المغربي حقيقة نزاهتكم ومدى لؤمكم. نذكركم بما قاله الأستاذ المهدي بن بركة رحمه الله في أبريل 1965 في ندوة فلسطين العالمية بالقاهرة عندما قال: "فهناك حينئذ معركة بيننا كعرب وكمناضلين ثوريين وبين هذا التسرب الإسرائيلي ، وهذه المعركة يجب أن نعترف أن لها مدا وجزرا وأننا تارة نكون منتصرين وتارة يكون الاستعمار له الأسبقية في الميدان. وقد استمرت هذه المعركة سجالا بيننا وبين الاستعمار فيما يخص الدور الاستعماري لإسرائيل منذ مؤتمر بانذونغ. ويجب القول هنا بأن الفضل يرجع إلى الرئيس جمال عبد الناصر بوضع القضية لأول مرة على الصعيد الدولي بعد أن منعت إسرائيل من حضور مؤتمر باندونغ رغم تدخلات دولتين آسيويتين إذاك لقبولها، واتخذ لأول مرة قرارا يدين ويفضح هذا الدور الذي تقوم به إسرائيل في السياسة الاستعمارية". نذكركم بهذا وقد أخذنا منكم أن العدو الصهيوني كان مساهما رئيسيا في اختطاف ذ. المهدي بن بركة في أكتوبر 1965 وذلك في وقت كان فيه حزب العمل الذي تستضيفونه اليوم موجودا في الحكومة الصهيونية. نذكركم أيضا بما كنتم تنشرونه في جريدة "التحرير" التي كان يديرها الأستاذ عبد الرحمن يوسفي نهاية الخمسينات عندما انطلقتم لفضح نشاط العصابة الصهيونية المنبثة في صفوف المواطنين اليهود المغاربة وفضحتم نشاط تلك العصابة التي عملت على تشكيل شبكة للتجسس على دورة الجامعة العربية التي انعقدت بالدار البيضاء في 1959، وقلتم بوضوح آنذاك أنكم حينما تنددون بالعصابات الصهيونية إنما تخدمون بذلك قضية حيوية بالنسبة للمغرب بما فيهم مواطنيه اليهود. نذكركم أيضا بما قام به شرفاء منكم عندما عزم مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط على تنظيم أيام ثقافية بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء ووقفوا إلى جانبنا لمنع تنظيم هذه الأيام وذلك في يناير 1996 وكان التحاما وطنيا في مواجهة إفساد صهيوني بدأ يعلو رأسه بالدار البيضاء. اليوم نخوض المعركة من جديد في مواجهة هذا التسرب الصهيوني عبر الأممية الاشتراكية إلى بلادنا وكنا نتمنى أن تكونوا إلى جانبنا وفاء لذكرى الأستاذ المهدي بن بركة وانسجاما مع تاريخكم فماذا حصل لكم؟ ماذا حصل ووقع بين 14 يناير 2000 و 23 ماي 2002 في التاريخ الأول نشرتم تغطية لزيارة وزير الخارجية الصهيوني ديفيد ليفي إلى المغرب وذلك في العدد 6000 وتحدثتم عن لقائه مع الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي ولم تنشروا آنذاك صورة لهذا اللقاء، كان يمنعكم الحياء والإباء وكان فيكم شيء من المراعاة لشعور الشعب المغربي الرافض لأن يطأ الصهاينة أرضه، أما في عددكم ليوم الخميس 23 ماي 2002 وبعدما افتضحتم هربتم إلى الأمام و نشرتم الصورة مكرهين ودافعتم عنها في معركة أنتم أول من يعلم بأن الخاسر الأكبر فيها هو الاتحاد الاشتراكي جريدة وحزبا، فالشعب المغربي قاطبة يرفض الصهاينة ومسيرة السابع من أبريل رسالة واضحة لكم. أما ديفيد ليفي الذي دافعتم عن استقباله بالمغرب، فردنا هو ما قاله الأستاذ عبد الهادي بوطالب عندما علق بعد ثمانية أشهر من تلك الزيارة "كان من المفروض في الوزير المغربي الأصل ديفيد ليفي الذي استقال من منصب وزير الخارجية في آخر الأسبوع المنصرم (بداية غشت 2000) ليزيد باراك إحراجا، ألا يتزعم نزعة التعصب والكراهية للعرب والفلسطينيين وهو من مواليد المغرب حيث قضى شبابه بين الرباط والدار البيضاء... لكن الوزير ليفي لم يقنع بدور المتشدد وإنما أصبح هو التشدد نفسه أليس هو الذي هدد شعب لبنان عامة وشعبه خاصة بالمحرقة النازية؟ أليس هو نفسه الذي رفض مرافقة وزيره الأول إلى كامب ديفيد لئلا يتورط في ما سماه هو بتنازلات باراك؟ وأخيرا اختار مناسبة رجوع باراك خاوي الوفاض من كامب ديفيد ليطعنه في الظهر ويستقيل ويفجر أزمة حكومية راهن بها على أن يدخل أمر المفاوضات في خبر كان..." (الشرق الأوسط عدد 2000/8/10). حزب العمل الذي نرفض استقباله ببلادنا، حزب تربى ونشأ على انتهاك الحقوق الفلسطينية، حزب سجله ثقيل وأسود في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، حزب تحمل مسؤولية إدارة وإنشاء الدولة الصهيونية في 1948 إلى غاية 1977، حزب لعب دورا في اختراق المنطقة العربية والترويج لوهم "الشرق الأوسط الجديد" حتى يسهل عليه دعم برامج التطبيع مع العالم العربي، حزب يشارك بثمانية أعضاء في حكومة شارون الإرهابية وتولى زعماؤه الدفاع عن حربه الاستئصالية ضد الانتفاضة وتسويقها في العالم على أنها جزء من الحملة ضد الإرهاب، وقد سبق لشعبة الأممية الاشتراكية للبحر الأبيض المتوسط في مؤتمرها بمدينة طنجة منذ سنوات أن منعت حضور وفد حزب العمل ولم يؤد ذلك إلى عدم انعقاد المؤتمر كما شهد بذلك الأستاذ خالد السفياني في حواره مع المستقل الأسبوعي (عدد 521 24 ماي 2002) إن المعركة ضد استقبال الصهاينة مجرمي الحرب بالمغرب معركة متواصلة وشاملة، وليست معركة حزب العدالة والتنمية أو حركة التوحيد والإصلاح أو جماعة العدل والإحسان بل هي معركة كل الشرفاء في هذا الوطن بما فيهم شرفاء الاتحاد الاشتراكي ووطنيوه، والمعركة ليست ضد الأحزاب الاشتراكية القادمة إلى بلادنا ولا ضد انعقاد مجلس الأممية الاشتراكية بل هي معركة ضد اللوبي المتصهين في داخل الاتحاد الاشتراكي وضد حضور الوفد الصهيوني من حزبي العمل وميرتز إلى بلادنا، اعتبارا إلى أن قبول هذا الحضور والسكوت عليه هو خيانة للقضية الفلسطينية وللجهاد ضد العدو الصهيوني ولانتفاضة الأقصى، خيانة لمسيرة 7 أبريل بالرباط، خيانة تنضاف إلى جريمة إقبار الخط النضالي والجهادي للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وتحويلها إلى ملحقة لبعض الأحزاب وبوق للحكومة، خيانة تنضاف لمؤامرة تحريك دعوى معاداة السامية والعنصرية في مواجهة تضامن الشعب المغربي مع الشعب الفلسطيني والتي تحركت جهات معروفة بارتباطاتها الصهيونية لبثها في المجتمع المغربي، خيانة تنضاف للحملة المسعورة على نشاط "ائتلاف الخير" بالمغرب وجهوده في رفع حركة الدعم المالي لصالح الانتفاضة والشعب الفلسطيني. إنها خيانات متعددة ومتتالية لا تشرف هذا الوطن وستبقى وصمة عار على جبين مقترفيها، والشعب المغربي ذو ذاكرة حية، ولن ينسى هذه الخيانات عندما يحين وقت الحساب. نقول لكم ختاما، لن نتراجع عن مقاومة الاختراق الصهيوني لبلادنا، وهي معركة حياة أو موت بالنسبة إلينا، ونعلم أن المستهدف بهذه الخيانات هو تحريف النقاش إلى قضايا هامشية وإلهاؤنا عن فضح الجرائم الصهيونية المتواصلة على أرض فلسطينالمحتلة، هو أيضا إضعاف لحركة مناصرة ودعم الشعب الفلسطيني بالمغرب، وهو أيضا استباق لحملة انتخابية لا ضوابط أخلاقية لها. مصطفى الخلفي