قال الناقد السينمائي، حسن بنشليخة إن السينما المغربية في أزمة وأن تغريد رئيس المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل ب"المستقبل الزاهر" لها ما هو إلا خرافة. ومن عناصر هذه الأزمة يوضح بنشليخة في هذا الحوار للتجديد كون بعض المخرجين المغاربة تبنوا سينما العولمة وانجرفوا وراء موجة شرسة من أفلام الشذوذ واللواط والكلام السافل الذي يبعث على القيء وقصفوا الجمهور بإباحيتها وسطحيتها وتكرارها وأسلوبها المترهل. وعن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش قال بنشليخة، أن الجميع يدرك وبشكل جلي أن مهرجان مراكش السينمائي مجرد موسم كرنفالي يهتم بالمظاهر الاستعراضية ويتحمل سداد تكاليف دسمة تتلاشى في الفضاء ولا تعود بالجدوى على السينما على المدى الطويل ولا تخدم أي رسالة حضارية كانت أو ثقافية أو فنية عن البلد والمجتمع. وأضاف كاتب عمود النقد السينمائي بكل من القدس العربي وجريدة المساء أن العديد من الأفلام المغربية في واقعها الحالي، "مثل قطع القوت النتنة نتذوق طعمها في الفم عن طريق الخطأ ونتقيؤها بمرارة لتوها وتخلق لنا حالة من الاشمئزاز. وأردف بنشليخة إنها أفلام إباحية في شكلها، وفارغة في محتواها، ومريضة في لغتها، تريد أن تعلم أجيال اليوم الكلام الساقط وهز البطن وتحاول نشر العاميات التي تشل قوة التفكير وتقتل كل القيم في المجتمع. كما أن هذه الأفلام تهدف حسب بنشليخة "إلى تغييب العقل وتسفيه قضايانا وتراثنا تطبعها السلوكيات غير الأخلاقية والمشاهد الإباحية الجنسية التي تنال من الآذان والصلاة والقيم والأخلاق وتتهمنا بالتعصب لديننا وتشعرنا بالانغلاق وضيق الأفق وعدم امتلاك النظرة الإنسانية المتسامحة" ❍ هل يرى بنشليخة أن جو الثورات العربية قد اخترق السينما المغربية، أم ليس بعد وهل من توقع بهذا الخصوص؟ ● جو الثورات العربية لم ولن يخترق السينما المغربية في الأجل القريب. ولا اعرف بالضبط إذا كنت تقصد من سؤالك تأثير الربيع العربي أو الاحتجاجات التي تعصف بالعالم العربي على ذوق السينما المغربية أم انك تقصد التخوف على مستقبلها أو المغامرة في صناعة أفلام تعالج الوضع العربي الحالي بنفحات سياسية. وفي كل الحالات، لا نعتقد أن السينما المغربية لديها القدرة اللازمة أو الإمكانيات التقنية لإنتاج أفلام روائية عن الربيع العربي لان الأفلام المغربية في غالبيتها ترفيهية وبميزانيات ضعيفة ومخرجوها ليسوا مؤهلين، نظرا لضعف تكوينهم أو انعدامه، للمغامرة في أعمال تفوق حجمهم الثقافي والمهني. ومما لاشك فيه أن الثورات العربية ستبدي اهتماما بالفن السينمائي فورا ليس في المغرب فقط بل في كل أقطار البلدان العربية لان "السينما من أهم جميع الفنون". ❍ يسجل الحضور القوي للتوظيف المجاني للمشاهد الجنسية واللغة الساقطة بالسينما المغربية بدعوى محاكاة الواقع و...إلى أي حد يندرج هذا الأمر ضمن صراع قيم صادمة لهوية وثقافة المغاربة؟ ● مما لا شك فيه أن المخرجين المغاربة تبنوا سينما العولمة وانجرفوا وراء موجة شرسة من أفلام الشذوذ واللواط والكلام السافل الذي يبعث على القيء وقصفونا بإباحيتها وسطحيتها وتكرارها وأسلوبها المترهل (لحظة ظلام) أو أفلام الدعارة أو السحاق (المنسيون، ليلى المراكشي، ماروك، نرجس النجار، عيون جافة، عزير السالمي، حجاب الحب، كازانيغرا، ملائكة الشيطان) وغيرهم، دون أن يفهموا مهمة توظيف الفن الراقي للجنس في السينما الذي يقدم رسالة إنسانية ومع ذلك يحاولون تقديم مبررات عن شللهم الفكري بمزاجية وغرور وزغاريد رنانة من صنف ضرورة كسر "الطابوهات" وإيقاظ "الجمهور النائم على أذنيه" تفوق حجم بالونهم الهوائي الفارغ. كلما ذهبت إلى السينما لمشاهدة فيلم مغربي جديد أكاد أن يغمى علي ولا أتحمل مشقة إنهائه. الأفلام المغربية في واقعها الحالي، مثل قطع القوت النتنة نتذوق طعمها في الفم عن طريق الخطأ ونتقيؤها بمرارة لتوها وتخلق لنا حالة من الاشمئزاز. إنها إباحية في شكلها، وفارغة في محتواها، ومريضة في لغتها، تريد أن تعلم أجيال اليوم الكلام الساقط وهز البطن وتحاول نشر العاميات التي تشل قوة التفكير وتقتل كل القيم في المجتمع. الحقيقة هي أن السينما المغربية الحالية لا تحترم الجمهور، بل تستهتر بعقليات المشاهدين حيث دخل الإنتاج السينمائي والإخراج على حد سواء تجار الأدوية و البناء و اللحوم الذين لا يعرفون معنى للفن أو للثقافة ولم يجدوا في السينما سوى مجالا للكسب مثله مثل مشروعات المضاربة على العقارات أو تربية الدواجن. بعض المخرجين المغاربة يعتقدون مع أنفسهم أنهم سيتحولون في يوم ما إلى رموز أو مخرجين يحملون شعلة "الحرية" لكن أعمالهم في الواقع تعزز الخراب الفكري وتدني معنويات المشاهد. إنها شكل من أشكال البورنو تهدف إلى استغلال الإنسان وتحقيق الربح وإثارة الجدل على طريقة "خالف تعرف" لكنها تنحدر بسرعة البرق إلى مقالب الزبالة. هذه الأفلام هدفها تغييب العقل وتسفيه قضايانا وتراثنا تطبعها السلوكيات غير الأخلاقية والمشاهد الإباحية الجنسية التي تنال من الآذان والصلاة والقيم والأخلاق وتتهمنا بالتعصب لديننا وتشعرنا بالانغلاق وضيق الأفق وعدم امتلاك النظرة الإنسانية المتسامحة. وأغلب هذه الأفلام ليس همها أكثر من إشاعة حقيرة في صناعة الكراهية بكل المقاييس، للإساءة للدين الإسلامي ومع ذلك تعثر على من يدافع عنها وعن حقها في الحصول على تأشيرة لعرضها في القاعات السينمائية المغربية وفي مقدمتهم مدير المركز السينمائي المغربي نورالدين الصايل. نحن إذن أمام لغز تصرفات وسلوكيات تسعى لفتح الباب أمام جرافة العولمة. فالمركز السينمائي المغربي يحرض عن قصد على إنتاج أفلام تمس بمقدسات الشعب المغربي وتتجاوز التقاليد التي تربى عليها المغاربة. كيف يعقل أن يتعاطف إنسان مع مخرجة، اختارت طواعية أن تدور أحداث فيلمها المثقل بثقافة الخلاعة وسوء اللفظ في شهر رمضان المبارك، ويتحول نفس الإنسان لاحقا إلى مدافع عن الثوابت الدينية؟ ❍ قبل أقل من شهر على تقديم المركز السينمائي المغربي لحصيلته السنوي ما هو تقييمك كمخرج وناقد سينمائي لحصيلة هذا المركز؟ ● في الوقت الذي يتحدث فيه الصايل عن أن "السينما المغربية بخير اليوم" والدليل على ذلك كما يحلو له القول "مشاركتها في أكثر من 80 تظاهرة دولية"، أدلى المجلس الأعلى للحسابات بشهادة تثبت أن الواقع أقسى بكثير مما يتفوه به الصايل ولن تكون هذه الشهادة بمثابة الصاعقة عليه فهو يدرك أكثر من أي شخص أن السينما المغربية في أزمة وان الحديث عن"المستقبل الزاهر" ما هو إلا خرافة. المجلس الأعلى في تقريره وصل بالدليل القاطع أن السينما المغربية في خطر نسبة إلى التراجع الملحوظ في عدد القاعات السينمائية التي تعتبر البنية التحتية للترويج والرفع من مستوى الإنتاج السينمائي المغربي. ويضيف التقرير بان جمهور القاعات السينمائية يتقلص سنة بعد سنة حيث انحدر من 11 مليونا سنة 2002 إلى 2.5 مليون سنة 2006. وحسب معلوماتنا الشخصية فعدد القاعات السينمائية المغربية هبط إلى مستوى يرثى له في أقل من سنة من 59 قاعة إلى 39 قاعة سنة 2009! كما أن جمهور السينما هبط إلى مستوى يبعث على الخوف متمثلا في اقل من مليوني شخص! ❍ بخصوص موضوع الدعم الموجه للعديد من الأفلام يسجل أنها لا تحظى بأي اعتبار دولي أو وطني مما يساءل كفاءة اللجنة ويطرح علامات استفهام حول المعايير المعتمدة وحجم الشفافية في التعاملات المالية ما تعليقكم؟ ● إننا أمام منحى خطير بخصوص موضوع الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي المغربي. فالمركز تحول إلى "خيرية" للسماسرة والمبتزين ومستغلي المال العام وكأنه ملك خاص. فبعد إقصاء المخرجين الموهوبين الذين بوسعهم أن يسموا بالذوق العام ويرفعوا من ثقافة المشاهدين، فُتح المجال أمام مخرجين، منهم من تخلى عن ضميره وتنكر لذاته فعلا وممارسة بكل وعي ومنهم من لا ضمير له لأنه لا ثقافة له، وجلس هؤلاء على طاولة "البغاء" لإخراج أفلام كأس وغانية ليتحول الفن السابع من "ينبوع أخلاق" إلى "دعارة سينمائية" لتستهدف الثوابت الدينية بالأساس. واخطر من هذا، فنفس المخرجين من آباء وأفراد العائلة الواحدة، راحوا يؤسسون ويعبدون الطريق لأبنائهم وإخوتهم وأخواتهم ليستغلوا نفوذهم لنهب ما تبقى من الثمار وكأن جذور الفساد تأبي أن تقتلع من الأرض لتستمر شجرته في النمو ... وكل ما في الأمر أن مدير المركز السينمائي المغربي نورالدين الصايل قرب إليه "مخرجين" منقادين لأمره خاضعين لكماله (نتساءل كم منهم يحمل شهادة في الإخراج السينمائي) تدعمه لجنة لا علاقة لها بالإخراج السينمائي تمنح الدعم المالي لملء الفراغ بتفاهات السيناريوهات التي لا تقدم أية رسالة إنسانية وتقتصر في غالبيتها على الإثارة المكشوفة والإباحية وتعميم السطحية والابتذال ومحاكاة الحس بدل العقل، وفق مبادئ تطابق المصالح مع مصالح حل الأزمات الشخصية والوصول إلى الهدف المتمثل في المكاسب الخاصة. وعلى ما يبدو ليس المهم القيمة الفنية، لكن أصبح وكأن المهم هو تناوب نفس المستغلين والطفيليين غير المهنيين وتبادل الأدوار للاستفادة من الدعم وإنتاج أفلام تلو الأخرى أكثر رداءة وتفاهة وسفاهة عن الشياطين والإنس والجن والتناسل الحيواني والمسخ البشري دون المساءلة والملاحقة كما ينص على ذلك القانون. ومع ذلك يبشرنا مدير المركز السينمائي بأن هذه الأفلام ستعرض في كل أرجاء العالم وستحوز على العديد من الجوائز الدولية. لكن النتيجة في الواقع تتمثل في الكساد الكارثي الذي لحق بالأفلام المغربية التي يستحيل معها الوصول بالركب. ❍ مع انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ما ملاحظاتك حول طبيعة أفلام المسابقة والضيوف المكرمة... وتجربة وكسب هذا المهرجان بشكل عام؟ ● يفتخر نورالدين الصايل، نائب الرئيس المنتدب للمهرجان، ومدير المركز السينمائي المغربي، ويمجد في تصريحات ولقاءات صحفية قبيل انطلاق موعد المهرجان بأيام ب" قيمة مهرجان مراكش الدولية الكبيرة على مستوى الشكل والمضمون ...وتحوله إلى مهرجان حقيقي". ويتابع، بأن هذا إن ذل على شيء فإنما يدل على أن المغرب "أصبح بلدا فيه صناعة سينمائية...وبلد يبدع وينتج...أكثر من 18 فيلما روائيا ومائة فيلم قصير سنويا". وفي ظل هذا الوضع، حسب الصايل دائما، فان الفيلم المغربي الآن له الصدارة الجماهيرية وهو ما "لم يكن موجودا من قبل"، مضيفا أن الهدف من مهرجان مراكش السينمائي هو التأكيد على أن المغرب بلد فيه "صناعة سينمائية". وكل هذا يساعد على استقطاب المخرجين العالميين للتصوير في المغرب. لكن الجميع يدرك بشكل جلي أن مهرجان مراكش السينمائي مجرد موسم كرنفالي يهتم بالمظاهر الاستعراضية ويتحمل سداد تكاليف دسمة تتلاشى في الفضاء ولا تعود بالجدوى على السينما على المدى الطويل ولا تخدم أي رسالة حضارية كانت أو ثقافية أو فنية عن البلد والمجتمع. كما أن المشاركة الوطنية تبقى هامشية سواء على صعيد الأفلام أو التسيير أو التنظيم ولا تحقق أية فائدة فكرية أو فنية أو إبداعية تذكر. إن المهرجان ليس أكثر من كونه همزة وصل لخدمة جذب البشر إلى رفاهية بورصة السياحة أو الاستثمار العقاري وهذه عملية سلبية تضعنا بعيداً عن الأهداف التي نأمل في تحقيقها لصناعة سينما وطنية. هكذا مسخ هذا المهرجان قدرة الفن السابع ووظيفته الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تجعل من التفكير أداة بناءة وإبداعا ثقافيا يرتقي بذوق الإنسان إلى أفق ممتعة ومسلية. ولن ينفع القول إن مهرجان مراكش السينمائي أصبح له شان عظيم، حيث لا يستضيف إلا الأفلام التي ترفضها جل المهرجانات الدولية كما أن المهرجان تسبب في خسارته باستقطاب تجارب أفلام مخرجين تعتبر الأولى من نوعها ولا يحضر مخرجوها حتى لتسلم الجوائز. وبلغ السيل الزبى بترأس لجنة التحكيم فاشي نازي (أمير كوستاريكا) الذي يفتخر في حواراته وأفلامه بذبح المسلمين في "بوسنيا"، إلى جانب صهيوني إسرائيلي (رادو ميهايليانو) سرق عمل مخرج آخر ونسبه إليه (عين النساء). دعوة هذين الشخصين إلى المهرجان تعتبر استفزازية ولامسؤولة وستهوي بالمهرجان إلى أسفل السافلين ننسى معها من سيكرم أو لا يكرم! حاوره محمد لغروس - حسن بنشليخة من مواليد قلعة السراغنة 1955 - الإجازة في الأدب العربي-كلية الآداب والعلوم الإنسانية–الرباط - دبلوم الدراسات المعمقة في التاريخ والحضارة-المعهد العالي للدراسات الاجتماعية-باريس-فرنسا - ماجستير في الدراسات الدولية (تخصص علم الاجتماع السياسي)-جامعة أوهايو-الولاياتالمتحدةالأمريكية - دبلوم الإخراج السينمائي-المعهد التقني للإخراج السينمائي-بوسطن-الولاياتالمتحدةالأمريكية أنتج بنشليخة فلمان طويلان "مرحبا بكم في هوليود" صورته في أمريكا عام 2006 عرض على قناة 2M سنة 2007. "الحلم الأمريكي" صورته في أمريكا كذلك عام 1998. -عدة أفلام قصيرة عرض اثنان منهما على شاشة القناة الأولى المغربية سنة 2006 الأول تحت عنوان "صندوق الرسائل" و الثاني "لمضمة".