برفقة وفد من رجال الأعمال الفرنسيين.. السفير الفرنسي في الرباط يواصل زيارة الأقاليم الجنوبية    انعقاد الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المختلطة المغربية – الموريتانية    نظام الجزائر على شفا الهاوية.. هل تقترب لحظة الحسم؟    الركراكي يستدعي بلحيان لتعويض ريتشارسون المصاب        الحكومة تخصص 14 مليار درهم في مالية 2025 لاحداث مناصب الشغل    اختتام فعاليات الدورة السابعة من مهرجان القصبة للفيلم القصير    فتاح: الحكومة "متفائلة جدا" بشأن النمو الاقتصادي في 2025    لقجع: أسعار بعض الأدوية في المغرب مضاعفة 5 مرات ونرفض الاحتكار وفرض أثمنة مرتفعة بحجة "الصناعة الوطنية"    وزارة التربية الوطنية ترخص للأساتذة تقديم ساعات إضافية في المدارس الخصوصية    المغرب يجدد التأكيد أمام مجلس السلم والأمن على دعمه لعملية سياسية شاملة في ليبيا    هيئة رئاسة فرق الأغلبية تتجاهل المبادرة البرلمانية لتقريب وجهات النظر بين وزير العدل والمحامين    الأحمر يُوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    الحرس المدني الإسباني يحجز أكثر من 4.7 أطنان من الحشيش بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    مباراة المغرب و الغابون.. تغييرات في اللائحة الجديدة للأسود    عاجل.. تأجيل محاكمة إلياس المالكي لهذا السبب    "أكديطال" تنخرط في مشروع للطب 4.0    يوعابد: العاصفة الجوية "دانا" ستؤثر على المغرب ولكن بكيفية ضعيفة    منيب: المهداوي مظلوم والمغرب يعيش تكميم الأفواه بكل الطرق    المرض يُغيب المالكي عن المحكمة .. والدفاع يرفض المزايدة بالأمازيغية    أوجار يشيد بجهود الحكومة في تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية كما أرادها جلالة الملك    لقاء مغربي إسباني بالرباط لبحث سبل تأهيل وتحديث قطاع اللحوم الحمراء    تقديم كتاب بجنيف عن صحراء المغرب    إتحاد طنجة يبحث عن ملعب لاستضافة المغرب التطواني بدلا من ملعب سانية الرمل    سبتة تطالب مدريد بالدعم المالي للتعامل مع قضية القاصرين في المدينة    وزير النقل يريد ربط الحسيمة بخدمات القطار بدون سكة حديدية!    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    "تصريح خطير".. وزير المالية الإسرائيلي: 2025 هو "عام السيطرة" على الضفة الغربية    "لارام" تورط جامعة كرة القدم في حفل "سخيف" لتقديم قميص المنتخب الوطني    مجلس عمالة الدار البيضاء يخصص 150 مليون لكل من الرجاء والوداد    التغير المناخي يهدد حياة اللاجئين في مناطق النزاع والكوارث الطبيعية        الجيش الإسرائيلي يعلن فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    كيوسك الثلاثاء | الوقاية المدنية أنقذت أزيد من 25 ألف شخص من الغرق في 2024    التمسماني: طنجة كانت وستظل مثالًا يحتذى به في احترام التنوع الثقافي والرياضي    ألباريس: المغرب بلد صديق وشريك استراتيجي لإسبانيا    الدولار إلى أعلى مستوى خلال أربعة أشهر    أخنوش أمام قمة الرياض: جلالة الملك يضع القضية الفلسطينية ضمن ثوابت السياسة الخارجية للمملكة    قمة الرياض تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية            بروفايل |يوسي بن دافيد.. قائد دبابة "ميركافا" بجيش الإحتلال على رأس "مكتب الاتصال الإسرائيلي" في الرباط    تحسين ظروف السكن ل16 ألف و300 أسرة كمعدل سنوي خلال الولاية الحكومية الحالية    التصفيات الإفريقية تقترب من الحسم    مقتل 4 جنود إسرائيليين شمال قطاع غزة    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    الصين تطلق بنجاح صاروخا تجاريا على متنه 15 قمرا اصطناعيا    طنجة تحتضن فعاليات الدورة الأولى لملتقى الزجل والفنون    قمة الرياض مكرر.. كل شيء تغير، ولا شيء تغير ..    علاج واعد جديد لفقدان السمع المفاجئ الحاد    خلط في خبر وفاة محمد المسيح وشقيقه عبد الاله    نصائح للوقاية من آلام الظهر والرقبة بسبب الجلوس لفترات طويلة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض الأحزاب تروج لنفسها بشكل فولكلوري
نشر في التجديد يوم 04 - 11 - 2011

طرحت بعض الأحزاب السياسية برامجها الانتخابية لاستحقاقات 25 نونبر والبعض اكتفى ببسط الخطوط العريضة فيما هناك من لم يكشف بعد عن برنامجه. هل من تقييم أولي للبرامج المطروحة، وكيف يمكن تكريس التعاقد البرنامجي بين الحزب والمواطنين؟
●● إذا ما استثنينا بعض الأحزاب الجادة ذات العمق الشعبي، فإن عملية الترويج للحزب أصبحت تتم بشكل فولكلوري أكثر منه تنافس سياسي. وإذا كان حزب العدالة والتنمية وبعض الأحزاب الديمقراطية الأخرى قد وضعت مقترحات جادة ومؤشرات واضحة ومحاور كبرى لتنزيل الإصلاح السياسي والمؤسساتي وتنمية البلد، فإن مجموعة من الأحزاب التي يمكن وصفها بالدكاكين الانتخابية لا هم لها إلا حشد الأعيان وحصد الأرقام الانتخابية بوسائل أغلبها غير قانوني.والحديث عن تعاقد بين الأحزاب المرشحة والمواطنين بعيد كل البعد في سياقنا السياسي الذي يتميز بفوضى عارمة على مستوى تدبير المشهد السياسي والعمليات الانتخابية. فكيف لحزب شارك في جميع الحكومات السابقة أن يأتي اليوم ويدعي بأنه سيقدم برنامجا جديدا للمواطنين ويعد بمناصب الشغل بمئات الآلاف وببرامج طموحة، في حين أن أداءه على مستوى الحكومة الحالية منتهية الصلاحية كان كارثيا وأدخل المغرب في متاهات الأزمات المالية والاقتصادية والاحتقان الاجتماعي المتزايد.
إن أغلب البرامج المقدمة تتشابه في محاورها العامة، فجلها يقترح رفع نسبة النمو وخلق فرص الشغل وتحقيق التنمية، في حين أن الحديث عن كرامة المواطن وحرية المبادرة وجعل الدولة في خدمة المغاربة بعيدة عن جل المقترحات. فلا يمكن هنا الحديث عن أي تعاقد سياسي، باستثناء ما يتعلق ببعض الأحزاب الجادة التي تحاول ملامسة هموم المجتمع ومتطلبات تنمية البلد ووقف نزيف الفساد المالي والإداري المستشري في عدد من القطاعات الحيوية.
● هل حضور قيم الحكامة ومحاربة الفساد وتكريس النزاهة معطى أساسي في أي برنامج انتخابي لا سيما في ظل محاولة تكريس جوهر دستور 2011 الذي يحاول تنزيل معادلة المسؤولية و المحاسبة ؟
●● إن أي برنامج انتخابي لابد وأن يستحضر مجموعة من القواعد التي بدونها لا يمكن تدبير الشأن العام في غيابها، فلا يمكن تحقيق التنمية بواقع يمتاز باستشراء الفساد وضعف أداء الحكومة, ولا يمكن الحديث عن الحكامة المالية وحكامة التدبير دون تنزيل سليم للدستور على المستوى القانوني والمؤسساتي والسياسي، فهذا المعطى هو من يضمن ترسيخ ثقافة المسؤولية وتفعيل مبدأ المحاسبة. فإذا بقي المشهد السياسي حبيس الفساد السياسي، فإننا سنعيد نفس الإشكالات من قبيل صنع الخرائط الانتخابية الجاهزة وسيطرة أحزاب الإدارة على المؤسسة البرلمانية وعلى الحكومة بدعم من السلطة... وهنا لا يمكن تفعيل مبادئ الديمقراطية التي تقتضي مساءلة المواطنين وممثليهم في البرلمان للحكومة ولأدائها في تدبير الشأن العام.
فالديمقراطية تعد من أهم مبادئ الحكامة، وهي تقتضي تمكين المؤسسات المنتخبة من تقييم عمل الجهاز التنفيذي ومن محاسبته ومساءلة الحكومة، كما تمكِّن المواطنين من مساءلة الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية ومن معاقبتها عند المحطات الانتخابية، وهذا ما من شأنه أي يرسخ نوعا من التعاقد بين المواطنين والأحزاب السياسية، ويمكن للمغرب أن يصل تدريجيا إلى هذه المرحلة إذا ما تم ترسيخ قيم الديمقراطية والمساءلة السياسية، وعندها سنجد الأحزاب السياسية تحاول جاهدة لتقديم برامج انتخابية حقيقية يستطيع الناخب متابعة شأنه العام عبر ما تتعهد الأحزاب من خلالها. وإذا كان حزب العدالة والتنمية قد ابتعد في برنامج الانتخابي عن الشعبوية وعن المزايدات السياسية الفارغة، فإن بعض مكونات ما يسمى بتحالف «جي 8 « تفننت في ابتداع تعهدات هي تعلم علم اليقين أنها غير قادرة على تحقيقها، فرئيس هذه «الجوقة» هو عضو فعال في الحكومة الحالية، ولم يتمكن حتى من الحفاظ على مستوى النمو السابق وتسبب في كوارث مالية واقتصادية، فأحرى أن يقدم برنامجا لرفع مستوى التنمية ببلادنا وخفض نسب الفقر والبطالة والأمية.
● كيف تقيم حضور قيم الهوية في برامج الأحزاب السياسية، وهل من سبيل إلى تكريس وظيفة البرنامج الانتخابي في الحياة السياسية بالمغرب؟
●● أولا يجب التأكيد على أن المغرب يفتقر لأحزاب إيديولوجية كبرى بالمعنى الصحيح للكلمة، وهو ما يجعل أغلب البرامج الانتخابية متشابهة إلى درجة التطابق في كثير من الأحيان، وحتى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يقوم على إيديولوجية اقتصادية تخلى عن أهم أسسها وتحول إلى حزب يدافع عن الرأسمالية الاجتماعية.
كما أن الأحزاب الكبرى لا يوجد منها أي حزب ليبرالي بالمعنى السياسي للكلمة (باستثناء الاتحاد الدستوري)، فالحركة الشعبية حزب محافظ يميني صرف، والتجمع الوطني للأحرار لا يمت لليبرالية بصلة وهو حزب يميني أيضا به خليط من وسط اليسار ومن الأحيان الذين يمثلون التيار المحافظ، والبام خليط هلامي لا محددات سياسية أصلية له، أما الاستقلال فهو أيضا حزب محافظ...وجميع هذه الأحزاب تدعي الليبرالية ولا تمارسها ولا تعتقد بها أصلا حتى وإن دافعت عن الخوصصة، وهي كلها مع الدور الاقتصادي القوي للدولة، ومع الحفاظ على أسس الاقتصاد الوطني الحالي الذي يشبه إلى حد كبير النسق الاقتصادي الفرنسي. فكيف ستتخذ جل هذه الأحزاب إجراءات تتعلق بالهوية الدينية واللغوية والسوسيو ثقافية وهي نفسها لا إيديولوجية لها ولا برنامج مجتمعي أو اقتصادي لديها خارج ما هو قائم منذ 20 سنة على الأقل.
ويبقى مجال الهوية محصورا في بعض البرامج النادرة التي تركز عليها وبصفة خاصة حزب العدالة والتنمية، وفي جانب ضيق حزب الاستقلال، بحيث نجد حوالي خمس البرنامج الانتخابي يركز على ترسيخ قيم الأصالة والهوية والتعدد الثقافي والعدالة السوسيو ثقافية، مع انفتاح المغرب على كافة الحضارات، وهي إجراءات طموحة من شأنها أن تعيد إلى المجتمع المغربي هويته التي بدأ البعض في خلخلتها لأهداف بعيدة عن مصلحة الوطن. أما عدد من البرامج الأخرى فتقتصر في غالبيتها على تحقيق المناصفة والأمازيغية، وهي مواضيع مستهلكة وتم الحسم فيها دستوريا ولا تحتاج لمجهود حزب إداري لتفعيلها على أرض الواقع.
وفي واقع الأمر يعتبر تشابه البرامج الانتخابية إشكالا سياسيا يعود بالأساس إلى غياب الرؤية التنموية والنماذج الاقتصادية لدى الأحزاب أكثر مما يتعلق بمسألة الهوية، فلا يوجد حزب واحد يقدم نموذج تنموي مختلف عن النموذج القائم أو عن النماذج المقترحة من الأحزاب المعارضة له، وكلها تدعو لنفس الإجراءات ولا تقدم جديدا على هذا المستوى حتى تمتاز عن بعضها البعض، بل إن جميع الاحزاب المغربية يمكنها أن تشكل الحكومة مع بعضها البعض دون أن تبرز أية تناقضات بين مقترحاتها، وهذا فيه إشكال كبير ويرسخ الغموض والضبابية على مستوى المشهد السياسي المغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.