سلمى بونعمان، من مدينة الدارالبيضاء، تبلغ من العمر 13 السنة، صغر سنها لم يمنعها من منافسة الكبار بل والتفوق عليهم، كيف لا وهي الحافظة لكتاب الله، والمعلق قلبها بآياته. بدأت سلمى الحفظ وعمرها لا يتعدى 3 سنوات، حيث عمل والدها على توجيهها نحو المسجد من أجل تعلم القرآن وحفظه، إلا أن الحفظ بدأ بشكل عملي مع الدخول المدرسي أي في سن 6 سنوات. افتتحت الحفظ بسورة الفاتحة، واستمرت المسيرة القرآنية عبر الوصول إلى تحقيق هدف كان يراود قلب الوالدان وأفراد العائلة، واستطاعت بتوفيق من الله عز وجل ختم القرآن خلال السنة الماضية. فضل الآباء كبير في تحفيظ الأبناء، فهما البوصلة في مثل هذه الأمور، والدا سلمى وفرا لها كل الوسائل من أجل القرآن، إذ يعتبران الأمر أولوية الأولويات في زمن كثرت فيه ملاهي الأطفال ومشاغلهم المرتبطة بالألعاب ومشاهدة التلفاز بشكل كبير. تخرج سلمى خلال أيام الدراسة في الساعة 5 مساءا، وبعد استراحة قصيرة تدخل مدرسة القرآن(المسجد) ولا تخرج منها إلا في الساعة 9 أو العاشرة ليلا، برفقة أختيها الصغيرتين، وعندما تجد وقت فراغ تستغله في الحفظ. قبل ختم القرآن كانت تحفظ في المصحف، وبعد الحفظ بدأت تستعمل اللوح، وفي المسجد كل حافظ يحفظ بإحدى هذه الطريقتين. خلال رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن، تذهب سلمى إلى المسجد في الساعة 9 صباحا إلى 4 مساءا، فهي تعمل على إتمام السلكة الثانية. ترى سلمى أن للقرآن دور كبير في الحياة، ويساعد المرء على تحسين سلوكه، فضلا عن ضبط مخارج الحروف. لم يمنع القرآن سلمى من ممارسة بعض الهوايات الأخرى، فهي تحب الرياضة والمطالعة، تحب الرياضات بشتى أنواعها وتحب مطالعة قصص الأنبياء مثل قصة يوسف أو هود، وتشاهد بعض البرامج خصوصا بالجزيرة أطفال، وتتابع برنامج مواهب في القرآن الكريم الذي يعرض كل يوم جمعة على القناة الثانية. أعجبت سلمى كثيرا بالمسلسل الذي عرض السنة الماضية حول حياة النبي يوسف عليه السلام، وهو ما أثر فيها كثيرا وجعلها تحب سورة يوسف، فضلا عن سور مريم والنور والفرقان. تفوق سلمى ونبوغها جعلها تفوز بالعديد من المسابقات، خلال الأسبوع الماضي فازت بالرتبة الثانية بمسابقة محمد السادس للقرآن الكريم في صنف حفظ 5 أحزاب القراءة المغربية. وقبل المسابقة عمل والد سلمى على مساعدتها ومواكبتها. وفازت خلال 2008 بجائزة الجمهور واللجنة بمسابقة مواهب في القرآن الكريم المنظمة من طرف القناة الثانية. نموذجها في الحياة رسول الله صل الله عليه وسلم، أحسنت الاختيار واختارت خير البرية، وأحسنت الاختيار واختارت حفظ ما أنزل على أشرف المرسلين. ولسلمى نماذج أخرى في الحياة مثل الشيخ المنشاري والأستاذ الترابي، وعبد الباسط عبد الصمد. كل يوم أحد تذهب سلمى إلى مدرسة الترابي، الشيخ الفاضل الذي يعمل على تعليم الأطفال المقامات الصوتية. الأسرة تتكون من 5 أبناء، ولدين و3 بنات، أسرة يجمعها حب القرآن، فريحانة ذات 10 سنوات حافظة ل26 حزب وخلود ذات 6 سنوات تحفظ السور الصغيرة، وأسامة 18 سنة ومعاذ 16 سنة حافظان لكتاب الله، ويصلان التراويح هذه السنة، إنها مثال الأسرة التي تحفها الملائكة بقراءتها للقرآن، وتحفظها وتنير لها الطريق. يتعاون إخوة سلمى في الدراسة وفي الحفظ، ويسأل الصغير الكبير. سلمى التي جعلت حياتها مرتبطة بالقرآن، وبات القرآن خلقها، تعين أمها في الأشغال المنزلية، وتؤكد على ضرورة ذلك، وتقول إن عملية إيجاد توازن بين الحفظ والدراسة سهل، بالأطفال يخرجون من المدرسة في الرابعة أو الخامسة، وبالتالي فإن هناك وقت كبير يبقى للحفظ.. الحافظات لكتاب الله محترمون، ولهم مكانة خاصة، حسب سلمى التي تقول :"القرآن يساعد في الحياة اليومية". صغيرة السن وكبيرة المعاني. هدفها أن تصبح طبيبة إن شاء الله، وفي نفس الوقت أن يكون لها مسجد لكي تعلم القرآن الكريم.