باعتزاز وثقة بالنفس، وقوة اليقين بالله، تحدثت لنا الطفلة إيمان كربوط، التي لم يتجاوز عمرها عشر سنوات، تقطن بحي النرجس بفاس، تحفظ لحد الآن 37 حزبا من كتاب الله العزيز، وأملها أن تتم حفظ القرآن الكريم خلال رمضان القادم أو الذي يليه بإذن الله. بدأت إيمان مسيرة الحفظ حين كان عمرها ستة سنوات، استمرت في برنامجها اليومي للحفظ والمراجعة بعد دخولها المدرسة، تقول إيمان التي تدرس بمستوى السادسة ابتدائي، "أحفظ ثمن الحزب يوميا، بالإضافة إلى أنني أتلقى دروسا في علم التجويد، وبرنامج موازي للمراجعة، حافظت على نفس وثيرة الحفظ بعد ولوجي المدرسة، ولم يكسبني ذلك إلا تفوقا في مساري الدراسي"، إيمان، احتلت السنة الماضية الرتبة الأولى في مؤسستها التعليمية، بمعدل تجاوز التسعة على عشرة، لتصبح بذلك منارة تضيء طريق أسرتها الصغيرة، وتعتز بها في جل الفضاءات والمحافل، وحق أيضا لجمعية الرشاد للتربية والثقافة بحي النرجس بمدينة فاس، أن تعتز بابنتها إيمان، التي ترعرعت في أحضان الجمعية، التي كرست اهتمامها من أجل تحفيظ كتاب الله للناشئة، معتمدة على برنامج يومي للحفظ، ومستعينة بثلة من الأساتذة في التحفيظ والتجويد، ومواد مصاحبة أخرى. حديث إيمان إلينا بثبات ويقين، وعفوية وتلقائية، ونظرات عينيها التي تتابع ما ندون من معلومات، توحي وكأنها تعيش مرحلة عمرية متقدمة، تعيش مرحلة الطفولة بامتياز، وتتمتع بها كباقي صديقاتها، فهي تلهو وتلعب، وتتابع برامج الأطفال بالقنوات التلفزية، وتستعمل الأنترنيت، إلا أنها تكرس أغلب أوقات استعمالها للأنترنيت لتصفح المكتبات الصوتية القرآنية، فهي معجبة أكثر بقراءات العفاسي وعبد الباسط عبد الصمد، ومن هواياتها المفضلة الرسم وكتابة القصص، وتستغل أغلب أوقاتها في المنزل للمراجعة وتثبيت ما سلف حفظه من كتاب الله. سألناها عن ما إن كان هناك قدوة لها في الحياة، لم تتردد في القول بأن قدوتها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنها أقرت لنا أنه في مجال حفظ القرآن الكريم، فهي تتنافس وتتعاون في ذلك مع أحد الأطفال الذي يواظب أيضا على حفظ القرآن بدار القرآن الرشاد، إنه الطفل أيمن شقيرة، الذي يقترب من الحزب الخمسون حفظا، ويسير بثبات نحو ختم كتاب الله حفظا وتجويدا في الأشهر القليلة المقبلة، "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون". من كان سببا في استنارة طريقك لحفظ القرآن؟ ولماذا تحفظينه؟، "أمي تعرفت على دار القرآن، قبل ثلاث سنوات، فاصطحبتني معها، فكانت بداية المشوار"، تقول إيمان، وتضيف، "أملي بعد حفظ القرآن الكريم كاملا أن ينير لي طريقي، وأعلمه للأجيال القادمة، بما يعود عليهم بالنفع، وذلك بعدما أصبح متمكنة من العلوم الشرعية"، وفي كلمة في حق والديها، شددت إيمان على الرعاية التي تحظى بها من طرف ولديها اللذان ما فتئا يشجعانها على الحفظ منذ الصغر، فهي أكبر إخوانها، ولها أخ يحفظ بدوره القرآن الكريم، ويبلغ من العمر ثماني سنوات، بينما لم تجاوز أختها الأصغر أربعة أشهر.