قالت عن حياتها قبل الانضمام إلى مجموعة لتحفيظ القرآن الكريم: «كنت خجولة جدا، ولا أقوى على مواجهة الناس في كثير من الأحيان، لكنني بعدما قررت حفظ القرآن الكريم وانضممت لصحبة طيبة بدأت بالتفاعل مع الناس والكلام معهم وبدأت أثق في نفسي وفي الآخرين، عندما تعلمت من القرآن الكريم الجرأة في الحق، وأن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف -كما في الحديث الشريف. وبعدها تغيرت حياتي». هكذا تحدثت الموظفة بقطاع التعليم مريمة أخشين، عن تجربتها مع حفظ كتاب الله، مؤكدة أن على «الحافظ لكتاب الله، والمكثر من تلاوته وتكراره عنده من الفصاحة والبيان، والبلاغة وحسن الصياغة ، وقوة التعبير وسلامته ، ما ليس عند غيره من الناس». حال التردد الذي واجهت به التجربة بداية زال بعد القرار الذي اتخذته بأن تجعل حفظ كتاب الله مشروع حياتها، لم يكن حال الحفظ لديها بأفضل ممن ينخرطن في هذا المشروع المقدس، حيث التردد المدفوع بالشك في القدرة على حفظ كتاب الله في البدايات، لكن ما إن يبدأ المسير حتى ترتقي القدرات بعد ذلك بتوفيق من الهل وعونه للأفضل. فالاجتماع على الحفظ والتأثر بصاحباتها في مثابرتهن على الحفظ عن ظهر قلب والحرص عليه، جعل «مريمة» تخوض التجربة بكل تفاصيلها وهي في عقدها الرابع. فالحفظ أضحى همها الوحيد ولاشئ قبله ولا بعده، تحفظ بالبيت وبالمكتب حين تكون قد أنجزت أعمالها، والقاعدة الأساسية في هذا المسار «الحفظ بالليل قبل النوم مباشرة ومراجعة تستفتح بها يومها الجديد وقت الفجر»، قبل الاطمئنان على استقرار آيات الكتاب الكريم في صدرها، كل أسبوع بمركز التحفيظ الذي تنتسب إليه بالدار البيضاء. كان على مريم أن تحفظ الثمن يوميا، بمعدل حزب من القرآن الكريم في الأسبوع. كانت تحفظ بحماس ورغبة، مع الحرص على عدم فوات هذا الموعد، إلى أن تمكنت من تحقيق المراد الذي شرح لها الله صدرها له، وهي تختم كتاب الله حفظا عن ظهر قلب في سنتين و3 أشهر سنة 2010. ثم ختمة ثانية هي الآن بصددها. قبل هذه النهاية الموفقة لمشروع الحفظ الذي كانت تتهيب منه بداية، حكاية فريدة وحدها الأقدار نسجت فصولها. فحينما قدمت إلى مركز تحفيظ القرآن الكريم» الموجود بالحي الذي تسكنه، كانت الغاية هي الاستفادة من حصص قواعد التجويد فقط، ظلت تحضرها بانتظام بينما يسجل غيابها عن حصة التحفيظ التي كانت تعقد كل أسبوع. هو الخوف المشوب بالتردد والشك في قدرتها على تسميع آيات كتاب الله أمام المشرفة على التحفيظ، جعلها تنفر من الحضور للحصة بداية، قبل أن تقرر حضورها عن طواعية وبحماس ورغبة، بعد أن كانت لها وقفة خاصة كان لها ما بعدها، وقفة مع موقفها وهي توزع استمارة ببرنامج حفظ القرآن الكريم على عامة الناس، كانت قد أعطته إياها مشرفة مركز التحفيظ، أحست بالخجل من نفسها وهي توزعه «كيف تدعو إلى عمل وهي لا تفعله»، وهو السؤال الذي لم تجد له من إجابة شافية سوى الانخراط في الخير الذي كانت تدعو له حتى يستقيم حالها. ومن هنا كانت البداية إلى هدف مبارك لا نهاية له إلا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبشروا ! فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا، ولن تضلوا بعده أبدا )). مريمة أخشين (متزوجة وأم لطفلين)، قالت عن تجربتها: «استفدت أمورا كثيرة من خلال حفظي القرآن الكريم؛ فالمداوم على قراءة كتاب الله لا يشعر بالضيق والحزن أبدا.. لقد تغيرت نظرتي للحياة وكأني إنسان آخر له شخصية مختلفة وتفكير مختلف، فلم تعد الأمور التافهة تشغل بالي وتفكيري كما في السابق..ومن خلال الحرص على حفظه وجدت أن الله بارك لي في صحتي وفي بيتي وأطفالي. قبل أن تقرر»إن حفظ القرآن سهل جدا لكنه يحتاج إلى الاستمرار والمداومة».