«لا شيء يجلب سخط الرب ونقمته كسفك الدماء وإتلاف الأموال بغير حق» فالإعراض عن شريعة الله هو أصل خراب الدنيا والآخرة، كما أن تحكيم شريعته يجمع للمسلمين خيري الدنيا والآخرة كما قال تعالى: (ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف:96)، وتاريخ المسلمين خير شاهد على عزهم وانتصارهم وغناهم حين تمسكوا بشريعتهم وهذا التاريخ الإسلامي المشرق هو الشيء الوحيد الذي يمكن للمسلمين أن يفخروا به في العصر الحاضر. وتعددت مسالك المسلمين في السعي نحو تحكيم شريعة الإسلام في عصرنا الحاضر، وفي التصدي للدول العظمى التي لا ترضى إلا بإذلال المسلمين وإضعافهم، ولجأت بعض الجماعات الإسلامية إلى الصدام مع السلطات الحاكمة في بلادها أو مع الدول العظمى ورعاياها باسم الجهاد في سبيل الله تعالى من أجل رفعة شأن الإسلام. وانتشرت الصدامات في مختلف البلدان من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وقد خالطت هذه الصدامات كثير من المخالفات الشرعية مثل القتل على الجنسية والقتل بسبب لون البشرة أو الشعر والقتل على المذهب، وقتل من لا يجوز قتله من المسلمين ومن غير المسلمين، والإسراف في الاحتجاج بمسألة التترس لتوسيع دائرة القتل، واستحلال أموال المعصومين وتخريب الممتلكات، ولا شيء يجلب سخط الرب ونقمته كسفك الدماء وإتلاف الأموال بغير حق، وهذا من موجبات الخذلان في الدنيا والحرج والمؤاخذة في الآخرة، قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (النور:63). والموقعون على هذه الوثيقة إذ يعلنون عدم رضاهم عن هذه المخالفات الشرعية وما أدت إليه من مفاسد، فإنهم يذكرون أنفسهم وعموم المسلمين ببعض الضوابط الشرعية المتصلة بفقه الجهاد، ويعلنون التزامهم بهذه الضوابط الواردة بهذه الوثيقة، ويدعون غيرهم من المسلمين وبصفة خاصة الأجيال الناشئة من شباب الإسلام إلى الالتزام بها وألا يقعوا فيما وقع فيه من سبقهم من مخالفات شرعية عن جهل بالدين أو عن تعمد، فلا هم أقاموا الدين ولا أبقوا على الدنيا خاصة وأن الجهاد فريضة ماضية في أمة المسلمين منذ أن شرعه الله تعالى وإلى أن يقاتل أخرهم الدجال مع السيد المسيح في آخر الزمان كما أخبرنا بذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي وصف الجهاد بأنه (ذروة سنام الإسلام) إذ به يحفظ الله على المسلمين دينهم ودنياهم وبه عزتهم وكرامتهم في الدنيا والآخرة، ومن هنا لزم ترشيد فهم فريضة الجهاد. ونصوغ هذه الضوابط الشرعية لترشيد العمل الجهادي في بنود نعلن التزامنا بها وندعو عموم المسلمين وبخاصة الجماعات الجهادية في مختلف أنحاء العالم إلى الالتزام بها، قيامًا بواجب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولعموم المسلمين، وهذا كله مع تقديرنا وإقرارنا بأن الإخوة المجاهدين في كل مكان هم في الجملة أصحاب قضية نبيلة وحملة رسالة سامية، وليس صحيحًا أنهم طلاب منافع دنيوية بل أن كثيرًا منهم يضحون بالنفس والنفيس من أجل إعزاز الإسلام والمسلمين...