ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدوية : مقاربة عقائدية عامة(3)
نشر في هسبريس يوم 17 - 08 - 2010


المهدوية والنبوة
إذا كانت وظيفة النبي كامنة في التنزيل ، فوظيفة الإمام كامنة في التأويل.وكما قاتل أمير المؤمنين على التأويل ، سيعود الأمر قبل استتباب الأمر لمهدي الأمة كما بدأ ، فيبارزه الناس بالتأويل الفاسد ، ويقاتلهم بالتأويل الصحيح.فينتصر! وهو آخر الأوصياء، وخاتم الأبدال. فمتى أدركنا أن الأمور أشباه، اعتبر آخرها بأولها فأحكم. ومتى أدركنا أن لا وجود لأمر تكويني أو تشريعي إلا وفق حكمة مقاصدية كما أكد الأئمة الأطهار، فإن وجود الإمام هو في مقام البدل الشاغل للفترات قبل بعثة الرسول (ص) وهم بالأولوية أبدال ما بعد الرسالة الخاتمة لانقطاع الوحي وختم الرسالة. فكيف يقال بلا جدوى حضور المهدي، وقد اتسعت دائرة الانسداد، وحيث عادت قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، العمدة في زمان ما بعد العلم والبيان ؛ واستبدت الظنون خاصها وعامها. إلا أن يقال ؛ أن الأمة عاشت زمان التنزيل دون أن تدرك من زمان التأويل ما يقيم البيان ويعضده. وحيث لا يعلم متشابه التنزيل إلا الله والراسخون في العلم .وقد ظهر أن الراسخين في العلم هم الأئمة من العترة الطاهرة. حيث أجاب الصادق ع شارحا الآية الكريمة:" وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم"، قال نحن نعلمه[49]. وحيثما استمرت أطياف المتشابه وتلابست الأمور كان لازما وجود الراسخين في العلم. ومصداقهم المهدي المخلص عج :" فأين تذهبون وأنى تؤفكون والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة. فأين يتاه بكم بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم"[50]
إن ظهوره وخفاءه لا يؤثر في الدور الذي يقوم به، إلا أن لظهوره شأن عظيم يفوق ما يقوم به من أدوار في الخفاء. وهذا ما يؤكد على أن الإمام حاضر في إجماعات الفقهاء اليقينية، فهو مانعهم من انعقاد إجماعهم على الخطا. ودائما وبناء على الأولوية القطعية ، نقول إذا كان المهدي شأنه شأن الخضر وهو حقا خضر الأمة يحضر في البسائط من الأمور وما يخص أفراد الأمة يتدبر أمورهم، كيف لا يكون حضوره آكد في القضايا المصيرية للأمة وما يختص بالجماعة، كما هو حال الإجماعات.
إذا لم تكن مهدوية الخضر مزاحمة لنبوة موسى، فما الغرابة في وجود مهدي الأمة إذن؟! لا بل إنها في حال عدم وجود النبي هي آكد بالأولوية القطعية. وإذا كانت مهدوية الخضر ونظائره في تاريخ الرسالات التي عرفنا منه القليل وجهلنا منه الكثير ، نافعة في زمان البعثات ، فما وجه الغرابة أن تكون نافعة في زمان غياب الرسل . بل سوف تكون إذاك آكد في النفع متى أدركنا أن الرسالة الخاتمة تستدعي وجود مهدي يحمل من خصائص عظمة الرسالة الخاتمة أيضا. حيث لا يمكن انبعاث نبي آخر. إن مقتضى الخاتمية أن يكون المهدي حيث لا فترة بعد النبي. فتصبح الخاتمية دليلا أقوى على ضرورة المهدي أكثر من الرسالات غير الخاتمة ، متى أدركنا مقاصد النبوة ومقاصد المهدوية. إن فكرة الخلاص الأخير والمهدوية بأوصافها العظيمة هي الدليل على عظمة النبوة نفسها ، حيث ثبوت العظمة للفرع هي عنوان ثبوتها للأصل. فحيثما اتجه النظر إلى المستقبل ، تضخم الإحساس بضرورة الخلاص وشموله. فالمهدوية بالأوصاف العظمى التي خلدتها التعاليم الدينية هي الدليل الأبرز على أن ما كان قبلها من رسالة هو الأعظم والخاتم بلا شك.
إن وظيفة المهدي مكملة لوظيفة النبي. وقد يقال هاهنا كيف يتم ذلك وقد أكمل الله دينه وأتم نعمته. غير أن الشبهة هنا واضحة التهافت . فتمام الرسالة ببيان وظيفة المهدي والإخبار عنه؛ فهو مشمول في آية الإكمال. وشاهده قول الإمام الرضا (ع) :" إن الله تبارك اسمه لم يقبض رسوله ص حتى أكمل له الدين فأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا. فقال عز وجل : ما فرطنا في الكتاب من شيء. وأنزل عليه في حجة الوداع وهي آخر عمره : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. وأمر الإمامة من تمام الدين." [51]. وبها يتحقق تمام النعمة بالتأويل كما تمت النعمة قبله بالتنزيل. إن تمام النعمة في زمن التنزيل كان بالقوة . بينما سيكون تمام النعمة في زمن التأويل بالفعل. وهذا ما أكدت عليه الآيات والأخبار . حيث جاء لسانها بصيغة "اللو" ، نظير قوله تعالى:" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"[52]
لكن وقوع ذلك سيكون في زمن المهدي بالفعل ، حيث سيتحقق ذلك كما دلت الآيات والأخبار. فمن الآيات قوله تعالى:" بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين"[53]
ومن الأخبار ، ما جاء في رواية لأمير المؤمنين يشرح فيها قوله تعالى:" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله:. فسأل الجالسين: هل أظهر الدين لحد الآن؟ قالوا : نعم، قال : كلا ، والذي نفسي بيده ، لا يصير حتى لا تبقى قرية وينادي فيها ليلا ونهارا بشهادة ،لا إله إلا الله".[54] أقول ، إن المهدي مصداق لمعنى الآية ، حيث ذكر إرسال الرسول بالهدى. فالهدى والظهور، هي أصدق في المهدي الذي هو من متممات هذا الأمر.
ليست وظيفة المهدي التكميلية منافية لكمال التنزيل..بل هي إكمال في طول المضامين النبوية. إنها ليست اجتراحا لدين جديد أو رسالة جديدة على نحو الجعل البسيط ، بل هي إكمال وتأويل وتشكيل متطور لرسالة الإسلام على نحو الوجود المركب. إن المهدي سيحقق كل مطالب النبوات والرسالات بإقامة العدل بين الناس، والقضاء على الظلم والطغيان. وما دام أن أكثر دعوات الأنبياء لم تتحقق، في توحيد البشرية على التوحيد وتطهير الأرض من الظلم ، كدعوة نوح بأن لا يذر على الأرض من الكافرين ديارا؛ فإن المهدي سيتوفر له من وسائل الإعجاز ما لم يتوفر لغيره. بل ما من معجزة كانت لنبي إلا ويؤتاها حتى يتحقق المراد. أو كما قال الإمام الباقر (ع) :"ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلا ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها على يد قائمنا لإتمام الحجة على الأعداء"[55]. إن المهدي هو محقق كل رجاء الأنبياء؛ وليس إلا المهدي حقيق بهذا الدور. فالمهدي بهذا المعنى هو ضرورة نبوية ورسالية!
المهدوية والمعاد
تجسد المهدوية نموذجا مصغرا للمعاد . ففضلا عن كون ظهوره وعد الله والله لا يخلف الميعاد كما جاء في بيان الأئمة،حيث هو من المحتوم لا الموقوف، فإنه حين ظهوره سيتولى مع أنصاره عمران الأرض وإنجاز رسالة الاستخلاف. وتحكي التعاليم الدينية حول المهدي أنه سينجز ما يشبه جنة على الأرض من حيث ما يحث في زمانه من الخيرات وأيضا سيقيم ما يشبه نارا لمعاقبة المفسدين والبطش بالاستكبار. ولذلك سمي مهديا لأنه يدعوا إلى أمر خفي، فيحاسب الناس بعلمه لا بظاهر حالهم. فيثخن في معاقبة المتمردين عن الحق ويطاردهم في كل الدنيا ليجسد بذلك عنوان المعاد بشقيه؛ السعادة والشقاء. فعن غزال بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول:" إن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى الناس ويعمر الرجل في ملكه ...الخبر"[56].كما يقابله ما جاء في قول الإمام الصادق ع تفسيرا للآية الكريمة " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام:، قال: يقتل المنافقين والكفار في ذلك اليوم بسيف عدالة المهدي (عج) "[57]. فمن عز عليه تصور المعاد الأكبر ، أمكنه استيعاب مفهومه وإمكانه من خلال المعاد الأصغر. فيكون المهدي بهذا الصنيع عنوان لطف يعزز عند الناس عقيدة المعاد. وأيضا نموذجا تتحقق معه مضامين المعاد الأكبر؛ حيث مظاهر النشأة الأخرى على صعيد العمران والنضج العقلي الكبير والتحول الأعظم في حياة البشر، والارتقاء في أسباب السماوات والأرض. ففيه الإثابة وفيه النقمة والعذاب. فكل ما كان يتحدث عنه القرآن على لسان أنبياءه بالقوة سيتحقق بالفعل في زمن الظهور ودولة المهدي العظمى. ويؤكد على أنها حالة تغيير كبرى في عالم الناس ، قول الإمام :" إذا قام القائم ع جاء بأمر غير الذي كان"[58]. لذا حق أن نقول ؛ إن المهدوية انتقال الحقائق النبوية ومجد الرسالات من القوة إلى الفعل. فهي اللحظة الأوج في تحقق مقاصد الرسالات. فتكون المهدوية مصداقا لمقاصد الشريعة وحكمة الرسالة.ولذا قال عنها تعالى:" بقية الله خير لكم ، إن كنتم مؤمنين ". وحيث لا شيء يتغير سوى أن المهدي إنما سمي كذلك لأنه يهدي إلى أمر خفي. وبأنه سيحاسب الظالمين بعلمه ويطالهم بإعجازه.
وسوف تكون دولته العظمى نموذجا لكل ما كانت تهفوا إليه قلوب الأنبياء والأمم قاطبة. أليس من لطفه تعالى وعدله أن يظهر للناس ما كان يقصده من أمر بعثه المتواتر للرسل ؛ حتى يكون ذلك في ذاته حجة على العباد. إن دولة المهدي العظمى تظهر بأن ما دعى له الأنبياء ممكن التحقق على الأرض .وبذلك يكون المهدي ودولته حجة لله على الناس ، حتى لا يقال إن ما دعت إليه الرسالات كان عصي التحقق على الأرض، فكان المعاد المهدوي الأصغر حلقة كبرى في مسلسل الحجية المتواترة. فلا يحتج على الله بعد تحقق دولته عج أحد على أساس إمكان تحقق دولة النبوات والرسالات والشرائع الإلهية متى شاء الناس . ولا يحتج أحد على الله بعد المهدي ، على أساس أنها اللطف الذي مكن فيه للمؤمنين ويسر لهم سبل الطاعة ؛ فلا يكفر بعد ذلك إلا شقي. فدولة المهدي تأخذهم بالحكم الواقعي وتحاسبهم بالعلم لا بالظن، وبالقوة لا بالاختيار، وهي رحمة الله التي ترفع من قوة اللطف، حتى تكاد تجبر الناس على ورود موارد السعادة، حيث لا دولة بعد هذه الدولة يرتجى فيها خير الدارين، أو على قول الصادق (ع):" دولتنا آخر الدول ، ولن يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء. وهو قوله تعالى: والعاقبة للمتقين." [59]
المهدوية والعدل
ارتبط ذكر المهدي بالعدل في صورته الفعلية . فلما كانت غاية بعثة الأنبياء والرسل ، أن يقيموا العدل بين الناس، لقوله تعالى:"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"[60]
فإن العنوان البارز في دولة المهدي العظمى ، هو العدل بالفعل . فسوف يسخر المهدي كل إمكانياته التي وضعها البارئ تعالى بين يديه لخدمة الناس بالعدل والقضاء على الجور.
إذا كان تعاقب الأنبياء رحمة للأمم فإن خاتمية الرسالات لا ترفع رحمة التذكير والهداية لمزيد من الباعثية وتكثيف للحجة..إن وجود المهدي يؤكد على منتهى العدل الالهي .
ولقد أظهرت قصة الخضر ، كيف أن العدل الإلهي تمثل في سلوكه الذي خفيت أسراره على النبي موسى حتى كاد موسى يستشكل على ما بدا من ظاهره إجراما في حق الإنسانية . لكن عدل الله القائم على العلم المطلق لا على العلم المنقوص أو الجهل المركب هو من سيجعل الكثير ممن سيعاصر المهدي يأخذه العجب حتى يقال : لو كان ابن فاطمة لرحم. سوف يحدث المهدي زلزالا في دنيا الفساد قبل أن تقر عين البشرية بالسلام. إن وجود مهدي يحقق العدل بعلمه لا بالظن ، هو تجلي للعدل الإلهي. حيث البشرية تتجه وجهة تجعلها تيأس من غلبة الظنون التي افتقدت معها كل حقوقها. وحيث ستجرب كل الخيارات ، حتى تدرك البشرية أن لا مجال لإقامة العدل إلا على أساس العلم والحكم الواقعي واتباع أمر من يهدي بأمر الله.
إن ما ينقص العالم اليوم هو العدالة. وفي ظل هذه الفظاعات التي تقض مضجع الأمم قاطبة ، أصبح السؤال واردا: إن كان الله عادلا ، فكيف لا يلطف بعباده الذين أصبح العدل في عيونهم أشبه بالخيال في ظل النظم الظالمة. وكيف تتحقق العدالة الكونية في ظل تحكم عالمي بالثروة ، وتهميش كارثي لأغلبية المعمورة. حتى بدا واضحا أن التسليم بالظلم أمرا لا مرية فيه في عصرنا الموسوم بهذه الجبرية الظالمة والجبروت المغشوش. وسوف يكون المخرج الوحيد لهذا الانسداد الأعظم في فرص العدالة ثورة كونية لا يمكن أن يقوم بها إلا مؤتمر بأمر الله ، ومعززا مشروعه بالمعجزات والحجج القاهرة. فعدله يتعدى إلى كل البشرية وكل المستضعفين في الأرض. إنه وسيلة تحقيق النموذج البشري الأكثر عدالة في تاريخ النوع. وللإمام المهدي (عج) كل الشروط والوسائل لتنفيذ أمر الله بنشر العدل وملأ الدنيا به بعد أن ملئت جورا. وأهم تلك الشروط التمكين في الأرض والعلم الواقعي. ومتى اجتمعا الشرطان معا لم يتأخر عنهما تحقيق العدالة. وتتجلى مظاهر العدل المهدوي في الأبعاد التالية بحسب المستفاد من الروايات المتكاثرة في المقام. إن عصر الظهور هو عصر القضاء على كل الآفات التي سببها الجهل وضعف التمكن. فالمهدي يأتي بالعلم الضروري للقضاء على ما أعجز الطب. ومن العلم ما أعجز العلماء. أي ما معناه أن ثمة عدالة ووفرة على صعيد التقدم العلمي والنظام التربوي والتغطية الصحية. بل سيملك من أسباب السماوات والأرض ما يرفع به قصور وسائل الإنتاج عن استخراج الثروة الكافية للنوع من الأرض وما يعجز القوانين عن ضبط العدالة بين بني البشر. وهذا يؤكد على أن الإمام المهدي سيوفر من العلم التكويني والتشريعي ما يرفع العقبات عن طريق تحقيق العدالة الاجتماعية. لا سيما العدالة الاقتصادية وهي أساس المشكل الاجتماعي الذي وجدت في طريقه قوانين وسياسات محكومة بقانون الندرة. وحيث أن الإمام المهدي سيحل الإشكالية المالتوسية القائمة على أساس مضاعفات التطور الديمغرافي على الثروة ، من خلال استثمار أمثل للثروة والتدفق في الإنتاج وتجاوز اقتصاد الندرة الذي هو سبب كل فظاعات العدالة الاجتماعية. كما أنه سيتجاوز معضلة الفالراسية القاضية بالتمييز بين الموقف العلمي والرياضي من عملية الإنتاج والموقف الأخلاقي الإنساني من عملية التوزيع، من خلال أن عالم الوفرة لا يتيح هذا الفصل التعسفي الذي هو ناتج عن واقع الندرة والجشع. إن عصر الظهور عصر أخلاقي لا فصل فيه بين العلم والأخلاق. حيث انتفاء الحاجة إلى هذا الفصل التعسفي. إن بلوغ الثروة والرفاهية بالسوية لكل الناس، يرفع أي حاجة للاستعباد و الاحتكار وغيرها من الآفات التي تؤبد النظم الاقتصادية الظالمة. مع عصر الظهور ستتحقق مقولة علي بن أبي طالب:" لو كان الفقر رجلا لقتلته". وحيث أكد أمير المؤمنين على قاعدة تفسر سبب انهيار العدالة الاجتماعية، لما قال :" ما وجدت نعمة موفورة إلا وبجانبها حق مضيع". ففضلا عن أن ذلك دعوة إلى تقليص الفجوة بين الفقر والغنى ، إلا أنه أكد على أن واقع اقتصاد الندرة لا يساعد على التحقيق المطلق للعدالة الاجتماعية.لذلك فإن الفقر حتى بمعناه الأقل ضررا في حكومة النبي (ص) وعلي (ع) ظل قائما. لكنهم أشاروا غير ما مرة إلى أن واقع الندرة له علاقة بالكفر والظلم ، وحيث و كما مر معنا لم يعم التوحيد ولم يظهر على الدنيا لا يتم القضاء على أسباب الظلم والكفر إلا في عصر الحجة عج ، فيكون ظهوره مساوقا لارتفاع الندرة وتحقيق العدالة كاملة. فإذا كان النبي (ص) والأئمة (ع) كلفوا بأن يحكموا بالظواهر ، فإن الإمام الحجة (عج) مكلف بالحكم بالباطن. والحق أن الإمام الحجة سيقتل الفقر وينتصر للفقراء وسيعم الخير الدنيا حتى لا يظل هناك ما يدعوا أحدا للكفر. من هنا فلن يكفر بعده إلا أهل الشقاوة الذاتية كما لا يخفى. إذا ضممت إلى ذلك العدالة في الصحة والحرية وباقي الحقوق الأخرى وحمايته بالتمكين المتاح للإمام الحجة لردع الاعتداء والاستكبار ودحر كل معتدي على قيم العدالة الاجتماعية، فسندرك أي معنى ستأخذه هذه العدالة. لا يحتاج الإنسان في زمن الظهور إلى إسراف في النظريات الاقتصادية طالما أن قصة الاقتصاد السياسي تبدأ من واقع الندرة والجشع الذي يفوق ما تنتجه الأرض. ولذلك ، كان عصر الظهور هو عصر الاقتصاد في النظريات الاقتصادية ، حيث فائض الثروة النظيفة يتم تلقائيا وبأقل إجراءات وقائية. ان العدالة الاجتماعية لا تعني التفقير الاجتماعي والقضاء على حق الفرد، بل ان المهدي سيزيح كل العقبات التي تجعل الاقتصاد متى قام على العدالة الاجتماعية كان ذلك مؤشرا على تراجع الوفرة الاقتصادية . لا شك أن النظام الاقتصادي العالمي اليوم يقوم على وسائل في الإنتاج غير نظيفة، حيث التلوث البيئي هو واحدة من معضلات نمط الإنتاج المعاصر. كما أنه اقتصاد يقوم على سوء التوزيع ونمط في الإنتاج احتكاري، يستند إلى المنافسة غير الشريفة وشل اقتصادات أغلب المعمورة لصالح الاحتكارات الكبرى في بلاد الشمال. مثل هذا الوضع الذي تتطلع الشعوب إلى تغييره لصالح معادلة في العلاقات الاقتصادية قائم على العدالة ودحر سياسات الاحتكار والاستتباع الاقتصادي، سيكون هو عنوان دولة المهدي العظمى. بل إن ذلك هو مصداق نشره العدل في الأرض والقضاء على الفجور، وأوله الفجور الاقتصادي. وإذا كان عنوان دولته الإيمان والتوحيد ونبد الكفر ، فذلك مصداق على ان دولته تأخذ بمبدأ الشكر القائم على إظهار النعم وتوزيعها على قدر يفيض على الناس حتى يستغنوا. وحيث إن من مظاهر الكفر والظلم ، خراب العمران بسياسات التفقير، وحيث جربت البشرية كل أشكال النظم الاقتصادية وأنماط الإنتاج ، أصبح واضحا أن لا مخرج من هذا الشكل من الظلم الاقتصادي إلا دولة المهدي التي تملك وحدها أن تعمر الأرض عمران لا خراب فيه.إنها دولة الوفرة والعدالة الاجتماعية على أساس اقتصادي فعال ووسائل إنتاج نظيفة وسياسة في التوزيع بالغة العدالة.
المهدوية والإمامة
لا مهدوية إلا بإمامة. إنها من جنس الملازمات العقلية. فهي ، أي الإمامة من المهدوية، بمثابة المشمشية للمشمش .أي اللازم لملزومه. وإذا كان إصلاح مستقبل الأمم لن يكون إلا بالإمامة، والمهدوية لا تقوم بالمعنى الذي نتصوره من شأنها، إلا بأن يكون المهدي إماما، فإن الأئمة قالوا كلنا مهديين..وأن المهدية في المستقبل تجيب عن كل الإشكاليات التي شطت فيها الأمة عبر التاريخ الإسلامي الطويل..إنها منطقية مع سياق المحنة التي واجهها الأئمة...وقد كان حقا أن يتساءل البعض: ماذا يمكن أن يتحقق من نفع بوجود المهدي؟! والحق أن الجواب لا يتم إلا عبر سؤال آخر: ماذا خسر المسلمون ، بافتعال الاستغناء عن أئمة أهل البيت ع واستبدالهم بأغيارهم ؟ ونبذ أئمة يهدون بأمر الله ولا يقودون الناس بالجهل المركب الذي هو النسبة العظمى في علم أغيارهم ؟ وإذن هذا ما ستخسره الأمة أيضا بإغضائها عن إمام غائب ، تبين أنها حصدت من نكران بعضهم للغيبة أو وجود المهدي عج ، من كل مؤشرات اليأس.إن المهدوية تمنح المسلمين وكل البشر المتطلعين للخلاص تفائلية ، تجعل الاستمرارية ممكنة في ظل أعتى صور الظلم. ومن دونها يضيق العالم ويستبد اليأس.
إننا نلاحظ أن كل صنوف الرفض لعقيدة الإمام المهدي، هي نفسها التي ساقها المشركون في سياق الرفض للنبوة. ومن هنا ، وبعد أن تحقق الاعتقاد بالمهدوية كفكرة عامة ، راح البعض يتحدث عن وجودها كفكرة مجردة لا كحركة واقعية يقودها شخص معين. وما أشبه هذا بمن استنكر على الله أن يبعث رسولا بشرا أو رجلا من القرية عظيم أو شخصا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق أو من طلب أن يبعث الله ملكا أو قرطاسا...وغيرها من المتعللات التي تجعل المنكرين لهذه الحقائق ينزعجون من تشخصها الفعلي في العالم ، حيث لا قيمة للأفكار المجردة ولا مكنة لها أن تحدث كل هذا التحول من دون قيادة عظمى. وليس في دنيا البشر من الإمكانات والأسرار والعلم اليقيني ما يجعل هذا الأمر مسألة اعتباطية تنبثق من داخل فظاعات الإنسان المعاصر، سوى أن يكون القائد موصولا بمدد القوة الحقيقية ومتصرفا ومنصورا ومزودا بالمعجزات.وما يجري على الأرض دليل أقوى على أن لا أحد من الأقطاب العالمية يملك أن يحكم العالم ويوحده حتى على الباطل أو الظنون، سوى أن يرد من يملك أن يخاطب فطرة الناس ويقدم بين يديهم ما كانت البشرية تتوق إليه.
إن لا أمر يقوم في دنيا الناس صحيحا أو باطلا إلا بإمامة. فهل شأن كشأن المهدي الذي سيغير ما كان ، ويحدث الثورة الكبرى ، ألا يحتاج إلى إمامة. يقول الإمام الرضا (ع) :" إن الإمامة أس الإسلام النامي وفرعه السامي"[61]. فهل يعقل أن يكون ثمة فرع للإسلام أسمى تحققا على الأرض من إسلام المهدي عج . فبهذه الدوحة بدأ الأمر وبهم سيختم لا محالة.وكلهم هداة مهديين ، وإمامة القائم جامعة مانعة تستوعب رجاء الأنبياء والمرسلين والأوصياء وحلم البشرية والمعذبين في الأرض قاطبة. إنها قصة كبرى ودولة عظمى وانتظارية طولى ؛ لكن الأمر يهون ما دام أن : " بقية الله خير لكم "!
[email protected]
*******
[1] ابن خلدون، المقدمة ص 356/357 المصدر
[2] التوبة : 9 | 33.
[3] تفسير القرطبي 8 : 121
[4] الزخرف : 43 | 61.
[5] البيان في أخبار صاحب الزمان : 528
[6] مسند أحمد: 1: 432 و 376 و 377 و 448. والترمذي، كتاب الفتن باب 52. وسنن أبو داود 4: 107.
[7] والحاكم في المستدرك 4: 557
[8] سنن أبي داود 4: 106
[9] وسنن أبو داود 4: 107
[10] ناصر الدين الألباني ، حول المهدي ، مجلة التمدن الاسلامي،دمشق ، 22 ذي القعدة 1371ه
[11] المهدية في الإسلام ، ص 69
علي حسين السائح الليبي : 185. مقال منشور في مجلة كلية الدعوة الاسلامية في ليبيا، عدد | 10 لسنة
1993 [12] م طبع بيروت
[13] ابن خلدون، المقدمة ، ص 344،ط.دار الجيل، بيروت ، بلا تاريخ[13]
[14] المصدر ، ص 345[14]
[15] المصدر ، ص 220[15]
[16] المصدر ، ص 362[16]
[17] المصدر ، ص 223[17]
[18] الرد على من كذب بالاحاديث الصحيحة الواردة في المهدي : مقال للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ، منشور في مجلة الجامعة
الاسلامية في المدينة المنورة العدد | 1 السنة | 12 برقم (46) سنة 1400 ه
[19] المصدر السابق ، ص 362
[20] المصدر ، ص 362
[21] اعتمدنا في هذا الاستقصاء على الكتاب القيم، المهدي المنتظر عج في الفكر الإسلامي ، الذي هو باكورة مركز الرسالة، قم المقدسة.
[22] فريدريك نيتشه، هكذا تكلم زرادشت،ص38 39 ت: فليكس فارس، منشورات دار أسامة ، دمشق، بلا تاريخ
[23] المجلسي ، بحار الانوار ص 336، ج 52
[24] سورة الكهف، آية 84
[25] سورة ص ، آية 10
[26] الشيخ الحسن بن الحر العاملي ، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر، ص 483 طبعة حجرية ، طهران 1314ه
[27] المصدر ، ص 483
[28] المصدر،ص 483
[29] الكهف آية 24
[30] الكهف ، آية 65
[31] الكهف الآية83 84
[32] ذكرت مجلة المقتطف المصرية ، الجزء الثاني من المجلد 59، الصادرة في آب (اغسطس) 1921 م ، الموافق 26 ذي القعدة سنة 1339 ه ص206 تحت عنوان ( خلود الانسان على الارض ): قال الاستاذ (ريمند بول) أحد أساتذة جامعة جونس هبكنس بأمريكا : «إنه يظهر من بعض التجارب العلمية أنَّ أجزاء جسم الانسان يمكن أن تحيا الى أيّ وقتٍ أُريد ، وعليه فمن المحتمل أن تطول حياة الانسان الى مائة سنة ، وقد لايوجد مانع يمنع من إطالتها الى ألف سنة» .
وذكرت المجلة في العدد الثالث من المجلد 59 الصادر في أيلول من نفس العام ص 239، «إنه في الاِمكان أن يبقى الانسان حيّاً أُلوفاً من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبلَ حياته ، وقولهم هذا ليس مجرد ظن ، بل نتيجة عملية مؤيدة بالامتحان».
انظر : المهدي المنتظر في الفكر الاسلامي ، مركز الرسالة ص. 172 .
[33] كمال الدين 2 : 360
[34] اعتمدنا في هذه الاستقصاءات على ما جاء في الكاتب القيم الصادر عن مركز الرسالة ذكر المصدر ، الامام المنتظر في الفكر الاسلامي ، ص 125 134، حيث وجدناه مرتبا ومصدرا ترتفع معه الحاجة الى تجديد الاستقصاء اللهم الا اذا اريد الاغناء، ونحن هنا مقصدنا ليس الاتقصاء المغني بل مجرد ايراد الشواهد للوصول الى غاية البحث ؛ أي تجلي العقيدة المهدوية من خلال الاصول الخمسة في الاعتقاد الامامي بضم أصل الامامة ، وليس الاصول الخمسة المعتزلية .
[35] انظر المصدر نفسه ، ص 121 128
[36] صحيح البخاري 4 : 164 كتاب الاحكام باب الاستخلاف
[37] 2صحيح مسلم : 119 كتاب الامارة، باب الناس تبع لقريش
[38] الشيخ الصدوق، علل الشرائع ، ص 9 ، الناشر مكتبة الداوري قم
[39] الشيخ الصدوق: المصدر، ص 14.
[40] يضرب الله تعالى درسا لمن يهون من خلقه ، مبينا أن الاعجاز كامن في ما بدى أضعف خلق كالذباب الذي لا يملكون خلق مثله ولو سلبهم شيئا لا يقدرون على رده ضعف الطالب والمطلوب. فيقول من سورة البقرة:" إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها".
[41] استناد الخطاب الإلهي على اللغة الطبيعية ورموزها من مقاصده في تنزيل البيان على مقتضى الظهور العرفي ، لمقام الحجية. فلا باطن المعنى وأسرار الحقائق الثاوية في الكتاب الكريم مانعة من ظهور معناه المتاح لأقل خلقه إدراكا. وما الحديث عن خلائقه بهذا الظهور سوى نزولا عند الفهم المتاح عرفا. وأما من جهة الحكمة المكنونة في خلقه ، يكون الكون بكبيره ودقيقة كمالا. وكله تعبير عن العظمة والقدرة.فإذا ظهر أن هذا فيه التجلي أبرز من ذاك ، فالخلاف راجع إلى الناظر لا إلى المنظور ، فافهم.
[42] انظر الخطبة الأولى من نهج البلاغة/ من كل الطبعات.
[43] يقول الامام الصادق ع :" سمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى.وقال تعالى: ولقد عهدنا إلى آدم فنسي."/ الشيخ الصدوق : علل الشرائع، ص 4.المصدر.
[44] سورة الانبياء /73
[45] سورة القصص /53
[46] انظر أصول الكافي ج1 ص 179 .
[47] سورة آل عمران/73
[48] انظر ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ، ص 421.
[49] المجلسي ، بحار الأنوار ج92 ص 93 ، دار إحياء التراث العربي بيروت 1983م.
[50] نهج البلاغة ، الخطبة 86.
[51] الغيبة للنعماني ، ص218، مكتبة الصدوق طهران ، 1397ه.
[52] سورة الأعراف/96
[53] سورة هود/86
[54] القندوزي ، ينابيع المودة ص 423.
[55] مكيال المكارم ج 1، ص 79.
[56] الغيبة للطوسي ، ص 468، المصدر
[57] إحقاق الحق ج 13 ، ص 35
[58] الغيبة للطوسي، ص 473، مؤسسة المعارف الإسلامية قم ، 1411ه.
[59] الغيبة للطوسي، ص 473 المصدر.
[60] سورةالحديد/25
[61] الغيبة للنعماني ، ص 217 ، المصدر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.