سيظل بوعزيزي(27 عاما) رمز الرجة الثورية العربية، لقد كان الشرارة التي ألهبت الجماهير العربية في كل مكان، فخرجت ضد أنظمة الاستبداد، متحدية قوات قمعها العاتية، تنشد الحرية والعدالة والكرامة. هو طارق الطيب محمد البوعزيزي، ولد في 29 مارس 1984 بولاية سيدي بوزيد، بعد أن تخرج من الجامعة دون أن يحصل على وظيفة، اختار أن يبيع الفواكه والخضر لإعانة أمه وإخوته. لكنه في يوم 17 دجنبر 2011، حدث ما لم يكن في حسبانه. كان البوعزيزي قد حدث أمه في تلك الليلة بأن الفاكهة والتمر والتفاح الذي بحوزته كان من أفضل ما رأت عيناه، وإنه سوف يبيعها في اليوم التالي ويشتري لها بعض الهدايا، قال لأمه «إن غدا ليوم أحسن». نسي البوعزيزي ما كان يحكيه لأمه طوال سنين عديدة عن الفساد الذي ينخر سوق الفاكهة، وعن الشرطة التي جعلته مرتعها الخاص، تأخذ منه عنوة وكرها بدون ثمن ولا إيماءة شكر، كانوا يستمتعون بإذلال الباعة والسخرية منهم. في فجر يوم 17 دجنبر، خرج البوعزيزي طلبا لرزقه، دلف الأزقة التي تفصل بيته عن السوق، وما إن اقترب حتى اعترضته الشرطة، كان القرار مصادرة عربته الخشبية، رأى عمّه ما يقع له، هرع إليه مستنكرا موقف الشرطة، ترجّاهم أن يتركوا الرجل يكمل طريقه نحو السوق، وافق رئيس الشرطة وطلب من الشرطية «فادية حمدي» التي استوقفت البوعزيزي تركه وشأنه، لكنها استشاطت غضبا لاتصال عم البوعزيزي برئيس الشرطة. وفي وقت لاحق، ذهبت حمدي إلى السوق لمصادرة عربة البوعزيزي، أخذت أول سلة للفاكهة ووضعتها في سيارتها، وعندما شرعت في حمل الثانية اعترضها البوعزيزي، لكنها دفعته ضربته بهراوتها. ثم قررت أخذ الميزان، فاعترضها، ثم دفعته مرة أخرى هي وزميلاتها حتى أوقعوه أرضا، وصفعته على مرأى حوالي خمسين شاهدا. ذهب ليشتكي في قسم الشرطة، لكن مُنع من مقابلة المسؤول حينها قرر أن ينتقم من نفسه، قال لأصدقائه من الباعة، إنه قرّر أن يُسمع صوته لكل العالم لقد قرّر مع نفسه أن يشعل النار في بدنه وبعد دقائق، سُمعت أصوات وصراخ يتعالى كان المكان بمحاذاة مقر البلدية، حيث سكب البوعزيزي مادة قابلة للاشتعال وأشعل النار في نفسه، حاول مواطنون إطفاء النيران، اتصلوا بالشرطة لكنها لم تأتي، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف. في اليوم الموالي للحدث، انطلقت شرارة الثورة التونسية يوم 18 دجنبر 2011، ويعد ثلاثة أسابيع أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وبعد أسبوعين، توفي البوعزيزي متأثرا بجراحه آخر رسالة كتبها البوعزيزي، بالدارجة التونسية، قبل أن يُشعل النار في نفسه، كانت تقول: «مسافر يا أمي، سامحيني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ما هو بإيديا، سامحني كان (إن كنت) عصيت كلام أمي. لومي على الزمان ما تلومي عليّ، رايح من غير رجوع. يزّي (كثيرا) ما بكيت وما سالت من عيني دموع، ما عاد يفيد ملام على زمان غدّار في بلاد الناس. أنا عييت ومشى من بالي كل اللي راح، مسافر ونسأل زعمة السفر باش (أن) ينسّي».