قال الخطيب والدكتور الداعية عز الدين توفيق، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، إن أحسن الخطب وأفضلها هي الخطب التي تراعي مقتضى الحال وأحوال الناس وتلامس واقعهم، إلا أن الإسلام يضيف توفيق ترك اختيار مضمون الخطبة للخطيب مع الحرية التامة في ذلك، غير أن الإسلام وضع السياج على حرية المضمون وهذا السياج هو الإسلام ذاته، فأي خطبة خارجة عن قيم الإسلام وتعاليمه تعتبر خطبة باطلة. وأضاف توفيق، في محاضرة له تحت عنوان:"فقه المنبر رؤية في تجديد الخطاب الدعوي"، ضمن فعاليات الدورة 5 لملتقى الدعاة الشباب المنعقد بالرباط، إن المسلم كلما زاد علمه قلت أخطائه، ودعا المشاركين في الملتقى إلى الحرص على طلب العلم والتفوق الدراسي إلى جانب الدعوة إلى الله، معتبرا الإسلام فن الحياة لأنه يرسم للمسلم المعالم الأساسية للحياة في هذا الوجود، وأبرز أن المنبر رمز مثل المئذنة والمحراب وأن وظيفة المسجد هو إشاعة العلم والمعرفة وليس فقط خاص بالعبادة، فالعلم إمام والعمل تابعه، لذلك كان المنبر وما يزال إلى جانب المحراب، وأردف بأن الإسلام دين العلم ودين الاحترام ودين الحرية والإقناع والبيان لأنه يجعل السبيل لتغيير ما في عقول الناس وقلوبهم برضا وقناعة، وأوضح أن المنبر له هيبة ومكانة عظيمة في الإسلام والذي يعتليه ينوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة مما يضاعف من درجة المسؤولية الملقاة على عاتق من يعتليه. وقسم الدكتور عز الدين توفيق فقه المنبر إلى صفتين الصفة الأولى صفة مستقرة، وهي المرتبطة الجانب الشكلي في الخطبة بمعنى السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الخروج على الناس والصعود إلى المنبر والسلام على الناس والجلوس بين الخطبتين، ثم الصلاة وهي من الأمور المؤكدة التي لا يجوز فيها لا الزيادة ولا النقصان إلا ما تقتضيه المصلحة والضرورة، مثل الزيادة في الأذان الثاني أو الثالث في النداء لصلاة الجمعة، وأضاف توفيق أنه في مثل هذه الصفة وجب الإتباع والاقتداء فيها فقط، وأما الصفة الثانية وهي حرص الإسلام على حرية المضمون وبذلك ترك الاختيار والحرية للخطيب من أجل تحديد موضوع خطبته وأسلوب طرحه، وهذه الصفة لم يقيدها الإسلام. وأوضح المتحدث أن خطبة الجمعة يجب أن تهتم بالكيف، ويستشهد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه"، وفي هذا الحديث إشارة نبوية إلى الاهتمام بالتركيز والإيجاز في اختيار أحسن العبارات والجمل والأفكار، وليس المقصود بقصر الخطبة هنا طولها وقصرها من الناحية الزمنية ، وإنما المقصود هو تركيز المضمون وسلامته ووضوحه، وأن الخطبة تخالف الدرس فالدرس اختياري وليس له وقت محدد عكس الخطبة، فإنها واجبة على كل مسلم ومسلمة في ظهر يوم الجمعة، وكان شأن رسول الله هو اعتماد الكلام الجامع وترك القشور وتجنب الأمور الخلافية. وتحدت توفيق عن خطوات الأساسية للخطبة لابد من اتباعها من قبيل الاستعداد المسبق للخطيب، والإعداد المسبق والجيد للخطبة، وكذا الحرص على براعة الإلقاء وحسن اختيار الموضوعات والنصوص والوقائع، فالمراحل التي يمر بها البحت العلمي هي نفسها المراحل التي تمر منها خطبة الجمعة فخطيب الجمعة طالب علم حتى الممات لذلك وجب عليه الاهتمام بخطبته، لأنها حسب توفيق وسيلة دعوية وتربوية وإعلامية. من جهته تحدث محمد لبراهمي، المسؤول الدعوي للمنظمة ونائب رئيسها، عن أهمية تناول موضوع التشريع الجنائي في الإسلام في ظرفية طغى فيها السجال السياسي في الموضوع، وقلت فيها الدراسات والنقاشات العلمية حوله، في ظرفية مفتوحة على مزيد من المطارحة المعرفية والعلمية والسياسية في قادم الأيام وأضاف أبو صلاح، في مداخلة له تحت عنوان:"نظرات في التشريع الجنائي في الإسلام" أن الإسلام جاء لخدمة الإنسان، فوضع أحسن النظم لحماية مصالحه وضرورياته واستقرار حياته ومجتمعه، وفند العديد من الشبهات المثارة حول العقوبات التشريعية في الإسلام، وفي مقدمتها عقوبة الإعدام. مؤكدا أنها عقوبة تضمن مصالح الفرد والمجتمع، في الحماية والأمن والاستقرار، وتضمن تحقيق مقاصد الأحكام. إلى ذلك تحدث كل من محمد مالكي، نائب المشرف على الملتقى، وسمية الدويك عضو اللجنة الدعوية المركزية للمنظمة، عن أهمية الإعلام ومدى تعامل الداعية المعاصر مع الوسائل الالكترونية، و تحديد أدوات التواصل الإعلامي، ودواعي استعمال الداعية للوسائل الإعلامية.في ورشة بعنوان:"الداعية المعاصر وحركة الإعلام الالكتروني". هذا وقد عرف ملتقى الدعاة الشباب عرض نموذج موعظة ونموذج خطبة ونموذج درس ناقش خلاله المشاركون في الملتقى أدبيات الإلقاء والأخطاء التي ارتكبها الملقون، وتم توجيههم لتحسين طريقة إلقائهم وتمكينهم من إعداد مادة جيدة وإيصالها إلى المخاطبين بطريقة جيدة تستجيب للأهداف والغاية التي يرفعها الخطاب الدعوي الإسلامي.