المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    فون دير لاين وبوريل يجددان التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة الحفاظ أكثر على علاقاته الوثيقة مع المغرب في جميع مجالات الشراكة    عشرات الوقفات الاحتجاجية بالمدن المغربية رفضا للتطبيع وتنديدا بالجرائم الصهيونية في فلسطين ولبنان    تفاصيل تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    صرف معاشات المتقاعدين الجدد بالتعليم    أخنوش يمثل الملك في قمة الفرنكوفونية    إيران: خامنئي يؤكد في خطبة الجمعة أن إسرائيل لن تنتصر قط على حزب الله وحماس    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    أساتذة كليات الطب ينددون بحملة السب التي تستهدفهم ويعتبرون تقليص سنوات الدراسة لا يمس جودة التكوين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        الجمع العادي للمنطقة الصناعية بطنجة برئاسة الشماع يصادق بالإجماع على تقريريه الأدبي والمالي.. وإشادة كبيرة بالعمل المنجز    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    المكتب الشريف للفوسفاط بإفريقيا ومالي يلتزمان بدعم من البنك الدولي بإرساء حلول ملائمة لفلاحة مستدامة    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول        محكمة أوروبية تصدم المغرب بقرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    بعد أيام من لقائه ببوريطة.. دي ميستورا يستأنف مباحثات ملف الصحراء بلقاء مع "البوليساريو" في تندوف    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محكمة العدل الأوروبية تصدر قرارا نهائيا بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الجيش الإسرائيلي ينذر سكان بلدات في جنوب لبنان بالإخلاء فورا ويقطع الطريق الدولية نحو سوريا    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصيلة نداء الإصلاح الديمقراطي.. خطاب نظيف ومتوازن وتعهد بمواصلة النضال من أجل التنزيل
نشر في التجديد يوم 04 - 07 - 2011

يتطرق هذا الملف إلى حصيلة نداء الإصلاح الديمقراطي على المستويين الكمي والنوعي منذ انطلاقه في السابع عشر من شهر مارس المنصرم إلى حدود التصويت على مشروع الدستور، معرجا على السياقات التي حكمت خروج هذا النداء إلى الوجود وعن أرضيته التأسيسية والخطوط العريضة التي حكمت كل مبادراته، كما يتطرق إلى أهم المحطات والمواقف التي عبر عنها أصحاب هذا النداء من خلال تفاعلهم مع تطورات الواقع حولهم وكذا من خلال التظاهرات الجماهيرية التي نظموها، كما يقدم هذا الملف الاعتبارات التي حكمت كل خيارات هذا النداء ومنها خلفيات التصويت لصالح دستور 2011 وكذا ملاحظاتهم المسجلة بين يدي هذا الحدث الوطني البارز، كما يتحدث هذا الملف عن الاعتبارات التي جعلت حركة التوحيد والإصلاح تقود خيارا ثالثا بعيدا عن خياري المغامرين والراغبين في الانقلاب على مسار الإصلاح بالمغرب وفرملته.
وفي هذا الملف يتحدث عبد الرحيم الشيخي، منسق نداء هيئات الإصلاح الديمقراطي في حوار ل "التجديد" ععن تقيمه لمسار الحراك الذي عرفه الوطن العربي والمغربي منه على وجه الخصوص وكذا الاعتبارات التي حكمت مواقف حركة التوحيد والإصلاح اتجاه هذا الحراك وتفاعلها معه، وكذا عن السياقات التي أفضت إلى بروز ما سمي بالخيار الثالث الذي أفرز في ما بعد نداء الإصلاح الديمقراطي الذي وقعت عليه في البداية ستة هيآت والتحقت به هيآت أخرى في ما بعد.
إطلاق نداء الإصلاح الديمقراطي
أمام الحراك الذي عرفه الوطن العربي وما نتج عنه من حراك على مستوى الوطني وحيث أن حركة التوحيد والإصلاح اختارت أن تخط مسارا ثالثا لا يتجه لا إلى منحى من أسمتهم بالمغامرين بالإصلاح ولا منحى مترصدي الفرصة للانقلاب وفرملة أي مساعي جادة أو دافعة لإصلاح حقيقي وديمقراطي، في هذا السياق وتفاعلا منها مع هذا الحراك أعلنت حركة التوحيد والإصلاح صباح يوم الخميس 17 مارس 2011 وهيآت شريكة لها نداء الإصلاح الديمقراطي في ندوة صحافية بمقر جريدة التجديد. الندوة التي حضرها كل من محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح وعبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ومحمد يتيم الكاتب العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل، ومحسن موفيدي رئيس منظمة التجديد الطلابي ومصطفى بابا الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، وبثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، ونشطها مصطفى الخلفي عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح ومدير جريدة التجديد، تحدثت من خلال أرضية النداء المعروضة خلالها عن السياق العام الذي طبع خروجها وقالت إنه وانطلاقا من الحراك الشعبي والمدني والديمقراطي المتصاعد، الذي يكشف حسب الهيآت الموقعة على النداء عن تفاعل متقدم مع حركة المد الديموقراطي في المنطقة العربية، ويجسد وعيا تاريخيا من قبل عموم الأطراف والهيآت السياسية والاجتماعية بضرورة تحمل المسؤولية لتدشين مرحلة ديموقراطية جديدة، تنطلق من التطلعات الشعبية والشبابية التواقة للكرامة والحرية والعدالة والمطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية عميقة، تستند على المرتكزات التي أعلن عنها الخطاب الملكي لتاسع مارس 2011، وتسهم في تقديم مقترحات تكون نتيجتها بلورة دستور ديمقراطي، وتوفير الضمانات والتدابير اللازمة من أجل إنجاز الورش الإصلاحي الكبير الذي ستدخله البلاد خلال الأسابيع والشهور القادمة.
وأضافت الهيآت ذاتها في الندوة الإعلانية للمبادرة التي حضرتها منابر إعلامية مختلفة وعرفت التحاق هيآت أخرى في ما بعد أن هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر بها بلادنا تستوجب من الجميع منسوبا عاليا من اليقظة والمسؤولية وتفرض إطلاق مبادرات شعبية وشبابية لصيانة مسيرة الإصلاح الديمقراطي وتوفير شروط نجاحها، ومواجهة تحديات إجهاضها أو تحريفها أو إرباكها أو احتوائها، من أجل إصلاح ديمقراطي عميق.
وقال معلنو النداء أن المبادرة، تعبير عن مسار نضالي يعزز الحراك الشعبي والمدني السلمي القائم بالمغرب وما تحقق فيه من إنجازات ويتطلع لكسب معركة الإصلاح الديمقراطي مع صيانة مقومات ومكتسبات الوحدة والاستقرار، ويسعى لخلق مناخ صحي وإيجاد فضاء وطني تتعاون فيه كافة الأطراف لبناء مغرب الديموقراطية والإصلاح.
وأطر النداء مبادرته بثلاث عناصر أساسية أولها ملحاحية إطلاق تعبئة وطنية حول قضايا الإصلاح الديموقراطي وثانيها العمل من أجل توفير شروط النجاح السياسي لورش الإصلاح الدستوري وذلك بالنضال من أجل تصفية المناخ السياسي والوطني من كل الإجراءات والسياسات المضادة لرهان الانتقال الديموقراطي، وثالثها أولوية التكتل من أجل صيانة مسيرة الإصلاح الديموقراطي من محاولات الإجهاض ومناورات الإضعاف أو مخططات الإرباك.
واعتبرت أرضية النداء أن الإصلاح ينطلق من مبادرات جامعة وواضحة تنخرط فيها مختلف القوى والفعاليات الوطنية وتجتمع على أساسها الهيآت السياسية والمدنية، وإن المراهنة على مبادرات جزئية من شأنه أن يفتح الباب لنجاح محاولات الإجهاض والتي كشفت تجارب الانتقال الديموقراطي عن قدرة عالية عند أصحابها على التكيف مع مطالب الإصلاح لإضعافها والالتفاف عليها والعمل على خلق الأجواء الكفيلة بإجهاضها.
النداء قوة اقتراحية
بعد شهرين على إطلاق نداء الإصلاح الديمقراطي اعتبر أصحابه أنهم بدؤوا في مراكمة العديد من المنجزات المهمة والتي أجملها الناطق الرسمي باسم هيآت النداء عبد الرحيم الشيخي في حوار سابق ل "التجديد"، (بدؤوا) في الإسهام الحاصل على مستوى ورش التعديل الدستوري، من خلال إعداد مذكرات بشأن التعديل الدستوري من قبل الهيآت الموقعة على النداء وتقديمها للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، والتي بلغ عددها 11 مذكرة، ثم على مستوى المبادرات الميدانية، وذلك من خلال المشاركة في مسيرات وتظاهرات فاتح ماي لهذه السنة وكان أبرزها المشاركة المكثفة في المسيرة المركزية التي نظمها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بالدار البيضاء والتي قدرت الجهة المنظمة وبعض وسائل الإعلام عدد المشاركين فيها بحوالي المائة ألف مشارك. ثم على مستوى الأنشطة التأطيرية، من خلال عقد عدد من اللقاءات الداخلية للأعضاء والمتعاطفين لتعريفهم بتطورات الساحة المغربية وموقع مبادرة نداء الإصلاح الديمقراطي في الحراك الجاري، وعقد ندوة لمجلس الشورى خصصت لموضوع
''حركة التغيير بالمنطقة العربية وتحديات الإصلاح الديمقراطي بالمغرب''، وكذا إصدار عدد خاص من جريدة "التجديد" تضمن عددا من المواضيع والتحليلات وملخصات للمذكرات المقدمة بشأن تعديل الدستور. وأخيرا على مستوى الأنشطة الإشعاعية، يؤكد المتحدث ذاته، من خلال تنظيم عدد من الأنشطة كان أبرزها الندوات العلمية والمهرجانات الخطابية التي نظمتها الهيآت المحلية بعدد من المدن.
دائما وعلى مستوى القوة الاقتراحية وفي ما يخص الحركة تحديدا ومباشرة بعد مدارسة مجلس الشورى لمذكرة الحركة بشأن التعديل الدستوري، شكلت الحركة وفدا (برئاسة رئيس الحركة محمد الحمداوي، وعضوية كل من امحمد الهلالي وعبد الرحيم الشيخي وأحمد الريسوني وامحمد طلابي) في 19 أبريل للقاء مع لجنة تعديل الدستور وتقديم مذكرتها بشأن الإصلاح الدستوري. وسجلت الحركة أن مذكرتها حظيت بنقاش عميق ومستفيض من قبل اللجنة، وعبر عدد من أعضائها عن تقديرهم لمقترحاتها، ولنفسها التجديدي والاجتهادي، ولقوتها الاقتراحية في عدد من البنود التي كادت تنفرد بها، كما حظي هذا اللقاء باهتمام واضح من الإعلام ومن الفاعلين.
وفي الاتجاه ذاته الحركة بعد ذلك على تقديم مذكرتها للرأي العام وللصحافة من خلال ندوة صحفية بنادي المحامين بالرباط بتاريخ 20 أبريل 2011. ومن خلال الحوار الذي خص به رئيس الحركة جريدة "التجديد" حول المذكرة، تحت عنوان: "حركة التوحيد والإصلاح والإصلاح الديمقراطي". وكذا من خلال الحوار الذي أدلى به الدكتور أحمد الريسوني ل "التجديد" حول "الأبعاد التجديدية في مذكرة حركة التوحيد والإصلاح". كما قامت الحركة في السياق نفسه بطبع وتوزيع 5 آلاف نسخة من مذكرتها الدستورية حول الإصلاحات الدستورية، و50 ألف نسخة من ملخص المذكرة، وذلك من أجل التعريف بمواقف الحركة ومقترحاتها بشأن تصورها للدستور المقبل. وفي الإطار ذاته قامت بقية الهيآت الموقعة على مبادرة نداء الإصلاح الديمقراطي، بتقديم مذكراتها بشأن الإصلاح، والتي كانت محل اهتمام وإشادة من قبل المتتبعين والمراقبين.
المحطات الثلاث لمسار الإصلاح
رصدت الهيآت الموقعة على نداء الإصلاح الديمقراطي بقيادة حركة التوحيد والإصلاح خلال فترة الحراك تلك ثلاث محطات تعرض فيها مسار الإصلاح لمحاولات تحريفه عن مساره، الأولى من خلال تفجير مقهى أركانة في مراكش، والثانية من خلال محاولة الانزلاق نحو الانفلات الأمني التي بلغت حد قتل الشاب كمال العماري في مدينة آسفي، والثالثة من خلال محاولة استهداف المرجعية الإسلامية للدولة المغربية.
المحطة الأولى: تمثلت في تفجير مقهى أركانة في مراكش بتاريخ 28 أبريل 2011، ففي غمرة هذا الحراك الديمقراطي جاءت أحداث تفجير مقهى أركانة بمراكش، التي أجمع المحللون والمتابعون على أنه لم يكن لها من هدف إلا استهداف مسار الإصلاح في المغرب، ومحاولة تحريفه عن مساره، وقد سارعت الحركة إلى إدانة هذه التفجيرات على لسان رئيسها في تصريح صحفي، ثم أصدر المكتب التنفيذي بيانا بتاريخ 30 أبريل 2011 م، جدد فيه إدانة الحركة الشديدة للإرهاب أيا كان مصدره، وشدد على ضرورة كشف الحقيقة من خلال تحقيق نزيه ومستقل، ودعا إلى الضرب بقوة على أيدي كل من ثبتت إدانته، في إطار احترام القانون والتزام مقتضيات المحاكمة العادلة. كما أكدت الحركة في البيان نفسه على أن الجواب الصحيح على الإرهاب هو مواصلة مسيرة الإصلاح الشامل والعميق، والاستمرار في إجراءات تعزيز الثقة وفي مقدمتها إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وعدم إفساح المجال في الداخل والخارج لأي إضرار بالمغرب وبنموذجه الديمقراطي الأصيل.
أما المحطة الثانية: فتمثلت في محاولة الدفع في اتجاه الانفلات الأمني في ظل الحراك الشعبي والديمقراطي، استشعرت الحركة وكذا الهيآت الموقعة على نداء الإصلاح الديمقراطي، احتدام الصراع بين توجهين يتجاذبان الساحة السياسية بالمغرب، فمن جهة هناك القوى والتنظيمات المطالبة بالتغيير الجذري والمنادية بالخيار الثوري، والتي تدفع في اتجاه التصعيد في الشعارات، خاصة حينما بدأ التعبير عن محاولات غير مسؤولة لتنظيم الوقفات والمسيرات في الأحياء الشعبية، وكذا استغلال بعض الاحتجاجات النقابية، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة محتملة على استقرار البلد. ومن جهة أخرى بروز جيوب مقاومة التغيير ولوبيات الفساد وبعض الأجهزة الأمنية، التي عملت كل ما في وسعها لاستغلال تلك الانزلاقات من أجل تبرير القمع وممارسة العنف واستعمال القوة المفرطة، لقمع مطالب الإصلاح والإبقاء على الأوضاع كما هي والالتفاف على ورش الإصلاح الذي دخلت فيه البلاد، خاصة حينما بدأت السلطات تقدم على استعمال العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين أمام معتقل تمارة، وفي مواجهة المسيرات السلمية يوم 22 ماي. في هذه اللحظة بالذات استشعر موقعو النداء خطورة الموقف وخطورة المنزلق الذي قد تنجر إليه البلاد، إذا ما أصرت الأجهزة الأمنية على جر الدولة نحو تبني المقاربة الأمنية، فأصدر المكتب التنفيذي للحركة، كما هيآت النداء، بلاغا بتاريخ 4 يونيو يعبر فيه عن رفضه للانزلاق إلى المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات السلمية بقصد الردع والقمع والتخويف، واعتبر ذلك نكوصا يشوش على مسار الإصلاح ويعزز مواقف المشككين في جديته وتراجعا في مسار إجراءات بناء الثقة، وعبر المكتب التنفيذي عن تضامنه مع عائلة كمال العماري وتوجه بتعازيه لأهله، كما دعا إلى فتح تحقيق مستقل في ظروف وفاته ومحاسبة المسؤولين عن ذلك. وأكد على أن الاستجابة لتحديات واستحقاقات المرحلة يكون بالمضي قدما في مسار الإصلاح الديمقراطي من خلال إقرار دستور ديمقراطي وإصلاح سياسي يعيد الثقة في المؤسسات ويعزز المشاركة الشعبية ويقطع مع مرحلة التحكم والسلطوية ويحقق مطالب الشعب في الحرية والكرامة والعدالة. وأن ذلك إنما يتحقق من خلال الجمع الخلاق بين معادلة الإصلاح والمحافظة على الاستقرار. وأكد أصحاب النداء على أنهم سيواصلون النضال من أجل تحقيق الإصلاح الديمقراطي في إطار الخط الوسطي المتمايز عن المواقف والخطابات المغامرة أو عن المواقف التحكمية والسلطوية.
أما المحطة الثالثة: فتجسدت في محاولات استهداف المرجعية الإسلامية. وبعد أن رشحت عدد من التسريبات حول مسودة مشروع الدستور، والتي ذهبت في اتجاه التراجع عن مكتسبات الهوية والمرجعية الإسلامية ومحاولات التشويش عليها، فقد قام موقعو النداء بعدد من الخطوات للتنبيه إلى خطورة هذا المنحى، وعلى رفض أي مساس بالثوابت. وفي هذا الإطار اجتمعت الآلية التنسيقية لمتابعة نداء الإصلاح الديمقراطي، وبعد اطلاعها على وجود بعض المحاولات لاستهداف الهوية والمرجعية الإسلامية، تقرر وضع استراتيجية خاصة للتنسيق من أجل مواجهة هذه المحاولات، وعلى ضرورة اليقظة وعدم الارتخاء في هذه اللحظات الأخيرة التي تبين أن مجموعة من القضايا ستحسم فيها، خاصة بعد أن ظهرت مجموعة من الجهات التي تريد أن تضغط في الوقت الضائع، وأصدرت بيانات ضد الحركة متهمة إياها بأنها ضد الحداثة. وفي هذا الصدد أصدرت الحركة بلاغا بتاريخ 11 يونيو 2011، أكدت فيه أن التنصيص على إسلامية الدولة هو من الثوابت التي أجمع عليها المغاربة عبر التاريخ، وأن المرجعية الإسلامية هي من الأسس التي قامت عليها الدولة المغربية وشكلت خصوصيتها المتفردة، وهو ما يقتضي العمل على تعزيزها بدل توهينها أو الالتفاف حولها، وأن المراجعة الدستورية وجب أن تؤكد بوضوح على الانتماء الحضاري للمغرب للأمة العربية والإسلامية باعتباره عمقا تاريخيا واستراتيجيا، وأن أي محاولة للانتقاص من هذا العمق أو اختزاله لا يتناسب مع الإشعاع الحضاري والتاريخي للمغرب، ويشكل خدمة مجانية لسياسات الإلحاق والإضعاف. من جهة أخرى أكدت الحركة أن قضايا الهوية والمرجعية هي قضايا تهم الشعب المغربي بأكمله، وأنها نتاج خيارات تاريخية وحضارية للأمة المغربية منذ تأسيس الدولة المغربية، ومن ثم لا يجوز الخضوع فيها لمناورات أقليات معزولة ذات توجهات علمانية متطرفة تتعارض مع اختيارات الأمة المغربية، ودعت إلى فتح نقاش وطني واسع حول تلك القضايا باعتبارها تهم المغاربة جميعا.
ودعت الحركة أيضا العلماء والمفكرين والهيآت السياسية والمدنية والدعوية الغيورة على هوية الأمة المغربية وخياراتها الحضارية إلى التصدي لكل المحاولات التي من شأنها أن تشوش على البلاد في هذه المرحلة التاريخية التي تطمح فيها إلى دستور يحقق طموح المغاربة إلى الديمقراطية والكرامة مع تعزيز المرجعية الإسلامية للدولة المغربية وتقوية لحمة الهوية الوطنية.
ودعت الحركة إلى تمكين الهيآت الحزبية والمنظمات النقابية الأعضاء في الآلية السياسية من النص الكامل لمشروع الدستور حتى يتأتى التعرف بالتفصيل على مضامينه وإبداء ملاحظاتها حوله في أفق بلورة إجماع حوله وجعل لحظة الاستفتاء لحظة عرس وطني جامع يضيف إلى ما سيتحقق من تكريس للخيار الديمقراطي عدم المساس بثوابت الأمة الدينية والوطنية.
وعرفت هذه المرحلة ارتفاعا في وتيرة انعقاد لقاءات المكاتب المسيرة لهيآت النداء والقيام بالعديد من المبادرات في هذا الاتجاه والتي منها على سبيل المثال إدلاء رئيس الحركة بحوار لجريدة "التجديد" أكد فيه على أن المرجعية الإسلامية تشكل أحد الخطوط الحمراء لا يمكن التراجع عنه أبدا.
ومن جهته أدلى الدكتور الريسوني بحوار قال فيه بأن حذف إسلامية الدولة يعتبر تجريدا لها من شرعيتها. وفي نفس السياق جاءت افتتاحيات جريدة "التجديد" وتصريحات ومقالات أعضاء المكتب التنفيذي، وتصريحات قيادات الهيآت الأخرى الموقعة على النداء، مثل تصريحات الأستاذ عبد الإله بنكيران في مهرجان تمارة، وغيرها.
المواكبة الإعلامية لنداء الإصلاح الديمقراطي
على مستوى التفاعل الإعلامي عملت هيآت النداء على تكثيف مواكبته للحراك الديمقراطي والشعبي، من خلال جريدة "التجديد"، والتي قدم لها مجلس الشورى إشادة خاصة على مواكبتها لحراك الإصلاح وإسهامها القوي في التأثير فيه، عبر افتتاحياتها وعدد من موادها التي عملت على مناقشة العديد من قضايا الإصلاح الدستوري على صفحاتها، فضلا عن إصدار عدد خاص حول مستقبل المغرب في ظل الثورات الديمقراطية. وكذا من خلال مجلة الفرقان التي قامت بإصدار عدد خاص تحت عنوان "الإصلاح الدستوري بالمغرب إلى أين؟"، وقيام الحركة بإرسال نسخة منها إلى كل عضو من أعضاء لجنة تعديل الدستور يوم 7 يونيو 2011. أو من خلال موقع الحركة على الأنترنيت، وصفحتها على الفيسبوك، وصفحة نداء الإصلاح الديمقراطي، وصفحة رئيس الحركة، وصفحات عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الآخرين، والتي عملت جميعها على الانخراط في هذا الحراك الإعلامي حول الإصلاح. وفي السياق ذاته شارك رئيس الحركة في قناة ميدي 1 تي في برنامج ملف للنقاش حول حقوق الإنسان والحريات العامة والهوية في ظل الإصلاح الدستوري بتاريخ 27 أبريل 2011، فضلا عن مشاركة عدد من قيادات الحركة في عدد من البرامج الحوارية والنقاشية حول قضايا الإصلاح. أما على مستوى العمل الجماهيري وبعد أن ارتأت قيادة الحركة ومعها هذه الهيآت أنه لابد من تقوية الخيار الثالث على مستوى العمل الجماهيري، ولابد من دعم هذا الخيار بالزخم الجماهيري، اجتمعت الهيآت الموقعة على النداء، والآلية المكلفة بالتنسيق، وقررت العمل على تنظيم مسيرة مطالبة بالإصلاح الديمقراطي بمناسبة فاتح ماي، التي كانت مسيرة حاشدة تجاوز الحضور فيها والمشاركة جل توقعات الهيآت الداعية، إذ كانت مسيرة ضخمة ناهز عدد المشاركين فيها المائة ألف متظاهر، من أجل المطالبة بالإصلاح والقطع مع أساليب الماضي. كما أطلق أصحاب النداء في مختلف الجهات والمناطق العديد من المهرجانات الخطابية والمحاضرات والندوات واللقاءات التواصلية حول نداء الإصلاح الديمقراطي، تحت عنوان كبير يحدد خطين أحمرين لا يمكن التراجع عنهما، المرجعية الإسلامية والخيار الديمقراطي، وأعلن أنه سيرفض أي دستور يتم فيه التراجع عن المرجعية الإسلامية أو عن الخيار الديمقراطي، وهكذا نظمت عدد من التظاهرات قبل عرض بدء الحملة الانتخابية للتصويت على الدستور نذكر منها (وجدة 24 أبريل، خريبكة 30 أبريل، القنيطرة، آسفي 08 ماي، الأبواب المفتوحة بالدار البيضاء 6 و7 و8 ماي، فاس 08 ماي، أكادير، تطوان 20 ماي، سوق السبت 21 ماي، الناضور 21 ماي، وجدة 21 ماي، بني ملال 28-29 ماي، خريبكة 29 ماي، طنجة 5 يونيو، البيضاء 5 يونيو، تمارة 10 يونيو ...) وعرفت هذه المهرجانات إقبالا جماهيريا كبيرا وحاشدا دل بكل قوة على أن هذا الخيار له قوته ومصداقيته وله جمهوره ومؤيدوه، وله شعبيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.