❑ ما هي المرتكزات التي اعتمدتها حركة التوحيد والإصلاح لتتخذ موقفها الإيجابي من مشروع الدستور؟ ❑❑ حركة التوحيد والإصلاح انخرطت منذ البداية في خط الإصلاح الثالث في تفاعلها مع الحراك العربي وفق معادلة الإصلاح في ظل الوحدة والاستقرار، وطالبت الدولة بإصلاحات عميقة وجريئة واستباقية لتجنيب المغرب السيناريو المصري أو الليبي. وبعد أن جاء الخطاب الملكي مستجيبا لهذه المطالب وغيرها، أعلنا الانخراط في الورش الذي فتحه، وقدمنا مذكرة تقوم على ثلاث ركائز هي، المرجعية الإسلامية والخيار الديمقراطي، والتمكين للمجتمع المدني. وانخرطنا في عملية تدافع قوية خصوصا بعدما علمنا بتراجعات خطيرة تمس حتى المكتسبات الإسلامية، فبالأحرى التجاوب معنا في مطالبنا الجديدة، لكننا استطعنا بحمد الله بفضل اليقظة والقوة والسرعة في التجاوب الفعال من إبطال هذه المخططات، واسترددنا المكتسبات وعززناها بأخرى أكثر أهمية ونوعية. لكننا فوجئنا في اللحظات الأخيرة بمحاولة إفراغ الشق الديمقراطي من محتواه واستطعنا من جديد فرض المقترحات الأكثر ديمقراطية. ومن هذا المنطلق نعتبر أنفسنا شركاء في انتزاع ما تحقق، ونحن معنيون بمعركة التطوير والارتقاء التي ستبقى مفتوحة على المستقبل إلى غاية تحقيق أحسن صورة ممكنة للحكم الراشد. غير أننا نعتبر أن ما تحقق مهم على طريق تحقيق الديمقراطية المثلى. لذلك اجتمعنا في مجلس الشورى وأعددنا دراسة علمية، فاتضح لنا أن ما تحقق من مطالبنا كبير للغاية، خصوصا إذا راعينا أننا في جو توافقي وما يعتبر مكتسبات بالنسبة لنا سيعتبره آخرون تراجعات بالنسبة لمشروعهم. مجلس الشورى قرر التصويت بالإيجاب رغم بعض المآخذ التي مازالت مسجلة، غير أننا نثق في قدرات الديمقراطيين لفرض القراءة والتأويل الديمقراطيين للتضييق من المنافذ التي يمكن للاستبداد أن يطل منها من جديد. ولذلك فنعم حركة التوحيد والإصلاح هي بالأساس لدستور تعزيز المرجعية الإسلامية، وهي نعم لدستور الدولة المدنية الإسلامية التي قطعت إلى غير رجعة مع العلمانية، بعد الإقرار بالدين الإسلامي كركيزة للأمة في حياتها العامة. نعم التوحيد والإصلاح لدستور الاعتراف الدستوري بالعلماء وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية، وخاصة في المحكمة الدستورية، ومجلس السلطة القضائية والتمكين للأسرة والمساواة على أساس العدل والتكافؤ بين الرجل والمرأة. ونعم التوحيد والإصلاح هي لهذا الدستور الذي يمكن أن نسميه دستور التمكين للمجتمع المدني، والسلطة القضائية المستقلة، والحكامة الأمنية. نعم أيضا، للدستور الذي استجاب لمقترحاتنا بالفصل بين السلطة والثروة، وتخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد. وبدون شك على المستوى الديمقراطي، فدستور المنهجية الديمقراطية، والفصل بين السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز سلطات رئيس الحكومة والبرلمان، أي دستور تقاسم السلطة وعدم تركيز الثروة لا يمكننا إلا أن نقول له نعم وندعو المغاربة إلى ذلك. ❑ ما هي نسبة الاستجابة لمقترحات الحركة في مشروع الدستور الجديد؟ ❑❑ أول شي يمكن الإشارة إليه، هو القيمة النوعية للمقترحات التي تم الاستجابة لها، والتي قد لا تظهر أهميتها في المؤشرات الرقمية والكمية، فموضوع التزام الأمة في حياتها العامة بثابت من قبيل الدين الإسلامي، وكذا الاختيار الديمقراطي يعتبر نصرا مؤزرا للثوابت والحقائق التاريخية والحضارية للمغاربة، وليس للحركة الإسلامية فقط ونفس الشئ بخصوص شمول مراقبة دستورية القوانين لعدم مخالفة أحكام الدين الإسلامية، والسلطة التي أصبحت للعلماء، والإقرار بالدولة الإسلامية، وبحرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع. وكذا الوضع الجديد للمجتمع المدني وآليات عمله وتدخله في التشريع والرقابة، وكذا الوضع الذي أصبح عليه الإعلان الدستوري للحقوق والحريات... هذه يصعب الحديث فيها عن نسب لأن قيمتها تتجاوز النسب مهما علت. كذلك الشأن بخصوص ما تحقق بخصوص المنهجية الديمقراطية واختيار رئيس الحكومة، من الحزب الفائز والوضع الاعتباري والقانوني للمعارضة، ونفس الشيء بالنسبة للسلطة القضائية، ودسترة آليات الحكامة.. كل ذلك يتجاوز لغة النسب، وحتى بخصوص النسب المئوية، أستطيع أن أقول إن مطلبين على قدر كبير من الأهمية لم يتم تحقيقيهما وهما عدم دسترة الإسلام كمصدر أول للتشريع في شق المرجعية، وإشراف سلطة مستقلة على الانتخابات في الشق الديمقراطي.. باستثناء ذلك، فقد تم الأخذ بأهم مقترحاتنا. ❑ هل ترون أن الدين الإسلامي كسب مزيدا من التحصين الدستوري وكيف؟ ❑❑ بالطبع الدين الإسلامي كسب الكثير كما سلف وأن أوضحت، ويكفي أن يتم تحصين الدولة الإسلامية، والإسلام دين الدولة في زمن الحداثة العلمانية، وزمن يراد فيه أن يخلق تناقض بين الإسلام وحقوق الإنسان وبين المرجعية الإسلامية والمواثيق الدولية، والتي بالرغم عن الحديث اللفظي على سموها، إلا أن الضوابط الدستورية والقانونية والقضاء الدستوري والهوية الراسخة لا يمكن أن نتصور معها أي خروج عن الأحكام القطعية، وفي نفس الوقت الاستفادة من كل ما هو إيجابي في التشريع الدولي. ويكفي أن نقول إن الحسم مع العلمانية هو تقدم كبير للإسلام، ودسترة العلماء وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية وإمكانية الرقابة على عدم مخالفة القوانين والمواثيق الدولية المصادق عليها لأحكام الإسلام.. وكذا مأسسة الوظائف المرتبطة بإمارة المؤمنين على أساس الدستور.. ذلك كسب كبير للإسلام. ❑ كيف ستنخرط الحركة في حملة الاستفتاء للدستور؟ ❑❑ الحركة دورها هو القيام بواجبها في التعريف بهذه المكتسبات الإسلامية والمدنية والديمقراطية، وسوف تراهن على ما تتمتع به من مصداقية للإقناع بضرورة التصويت بنعم حتى لا نرجع إلى الدستور الحالي الذي لا يمكن لأحد أن يقول إنه ديمقراطي. أيضا نراهن في التمايز على خطاب البهرجة وممارسة البلطجة والتي لا قدر الله قد يؤدي استفزازاتهما إلى أعراض هؤلاء المترددين عن المشاركة بدافع من الشعور بالمقت اتجاه عهد "التطبال والتزمار" الذي قد يوحي أن دار لقمان ما تزال على حالها. وننصح المسؤولين بأن يبعدوا جهاز المخزن الساكن في الداخلية والدوائر المرتبطة بها لأنها لم تتنسم بعد رياح التغيير الديمقراطي القادمة من ربيع الديمقراطية. وعليه سوف نخوض حملتنا النظيفة بخطاب معقول ومتوازن، وبإمكاناتنا الخاصة. لكن القائمين على وسائل الإعلام لم يفهموا بعد الدروس المستفادة، فهم ما زالوا ينظرون إلى قوى الإصلاح الحقيقية بريبة غير مفهومة على غرار ما وقع لمداخلة رئيس الحركة أمام آلاف المواطنين بالرباط في أول تجمع جماهيري من نوعه بعد عرض المشروع على الاستفتاء يوم الأحد 19 يونيو بقاعة ابن ياسين.