فقدت اللغة العربية يوم السبت 18 يونيو 2011 بالرباط أحد مناضيلها والمدافعين عن أحقية اللغة العربية في أن تصبح لغة الواقع في كل مناحي الحياة العامة بالمغرب. فقد انتقل إلى عفو الله العالم مصطفى بنيخلف بعد صراع مع المرض عن سن تناهز السبعين سنة. واعتبر موسى الشامي، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، أن بنيخلف كان لصيقا باللغة العربية بالرغم من تكوينه الأنكولوساكسوني، مبرزا أن بنيخلف كان من المؤسسين الفعليين للجمعية المدافعة عن العربية. وشدد على أن مجالات اشتغال بنيخلف طيلة حياته العملية والنضالية، التي امتدت نصف قرن من الزمن، كانت تتمحور حول ثلاثة قضايا أساسية: مشروع التعريب، ومواجهة النظرة الفرنكوفونية الضيقة، والدفاع عن اللغة العربية وحقها في التواجد القانوني والفعلي. وقد تلقى مصطفى بنيخلف تعليمه الثانوي بثانوية مولاي يوسف الرباط، وكان خريج معهد الإحصاء لجامعة باريس سنة 1965. وحصل على الدكتوراه من جامعة كليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية سنة 1971. وبعد عودته إلى المغرب اشتغل أستاذا جامعيا لمادة الرياضيات. ومن المهام الإدارية التي شغلها المرحوم هو مدير المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط خلال الفترة 1977-1991. ثم مدير مكتب تنسيق التعريب سابقا 1985-1986. كما كان أستاذا زائرا بجامعة برينسكن بالولايات المتحدةالأمريكية 1991-1993. وطيلة مساره العلمي، ألف بنيخلف مايزيد عن خمسين كتابا همت مجالات تعريب العلوم الرياضية، منها كتب: معجم مصطلحات الإحصاء والاحتمالات، وكتاب من أجل تعريب في المستوى وكذا في مواضيع الدفاع عن لغة الضاد. كما أنجز بنيخلف عددا من الدراسات القيمة وشارك في عدد من الندوات الفكرية. ومن آخرالندوات التي شارك فيها فيها المرحوم تلك الندوة التي نظمها المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة التي نظمها المركز في 15 ماي من السنة الماضية. حيث شارك بنيخلف بمداخلة تحت عنوان» موضوع اللهجة وعواقب استعمال اللغة»، وشدد المرحوم في تلك المداخلة على أن « فشل التعريب يرجع إلى عدم توفير الأطر الكافية، وإلى غياب إرادة سياسية تنتصر للعربية، مشيرا إلى أن التمكين للفرنسية وراءه جهات معينة ومصالح اقتصادية وتجارية و إستراتيجية، إذ حققت اللغة الفرنسية لفرنسا ما لم تحققه جيوشها». من جهته اعتبر عبد القادر الفاسي الفهري، مدير معهد التعريب سابقا، أن فقدان بنيخلف يشكل خسارة للغة العربية في المغرب. معتبرا أن مشروع تعريب التعليم العالمي ، من خلال مشروع التعريب الذي قاده المرحوم في المعهد الوطني للإحصاء التطبيقي، يعد من أبرز بصمات النضال العلمي للمرحوم. في ذات الاتجاه اعتبر موسى الشامي، أن مشروع بنيخلف لتعريب المعهد «قوبل بمقاومة من التيار الفرنكفوني المتنفذ ببلادنا». ونبه الشامي، أن بنيخلف يعتبر أبو تعريب الإحصاء بالمغرب، فلقد كان بنيخلف، وفق الشامي، يدافع عن مقولة قدرة اللغة العربية على مواكبة التطور. ومن أقوال المرحوم الخالدة: تكريس اللغة العربية رهين بوجود إرادة، والإرادة مرتبطة بالحد من نفوذ التيار الفرنكفوني، وإفشال مسلسل التعريب في المغرب يعد مؤامرة لا ينبغي الاستسلام إليها.