كيف يتم بناء لغة معيارية للأمازيغية من لهجاتها في الوقت الذي تتم فيه الدعوة لتحويل اللغة العربية إلى دراجة؟ كيف نشأت الدعوة إلى الدارجة وأين تبلورت؟، وما هي مراميها في البداية والنهاية؟ ومن هم دعاتها في المغرب وكيف يشتغلون؟ ولماذا هي دعوة تافهة ومفلسة؟ تلك جملة إشكالات تعرضت لها الندوة التي عقدها المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، أول أمس السبت بالمكتبة الوطنية بالرباط، أطرها كل من عبد العلي الودغيري، الأستاذ الباحث في اللغة العربية وآدابها، ومحمد الأوراغي، باحث في اللسانيات المقارنة وصاحب نظرية في تخصصه، ومصطفى بنيخلف أستاذ الرياضيات ومدير المعهد الوطني للإحصاء التطبيقي سابقا وأول من أدخل العربية إلى المعهد للتدريس بها، ومصطفى الطالب باحث في الأدب الفرنسي وناقد سينمائي، فضحوا في مداخلات علمية رصينة تهافت الدعوة إلى ترسيم الدراجة لغة، وتناقضات الداعين إليها بالمغرب، مع التشديد على أن المشكل ليس مع الدارجة كلهجة مغربية لها وظائف تواصلية بل إن المشكل مع محاولة استعملها بديلا عن اللغة العربية وافتعال صراع وهمي بينهما، لنتابع. 1 الدعوة إلى الدراجة في الماضي الاستعماري: أصولها ومراميها الدعوة إلى إحلال الدراجة محل العربية الفصحى قديمة وليست جديدة، فهي تعود، حسب عبد العلي الودغيري، الباحث المتخصص في اللغة العربية، إلى القرن التاسع عشر، وبالضبط إلى سنة 1880م، فقد ظهرت الدعوة في البداية على يد المستشرقين الإنجليز في مصر، ثم انتشرت في الشام ولبنان بعد ذلك حيث اشتغل عليها رجال الكنيسة في المشرق. أما أبرز المستشرقين الذين تزعموا هاته الدعوة فمنهم الإنجليز مثل ويلمور، وويلكوكس، ومن الألمان وليام سيستا ولوي ماسينون. ثم تلقف جيل من العرب المسيحيين هذه الدعوة، منهم ماري غصن، ولويس عوض، وسعيد عقل، والخوري أنيس فريحة. ويؤكد الودغيري أن الدعوة إلى الدارجة بديلا عن العربية قد انتقلت إلى المغرب مع الاستعمار الفرنسي، وحماها مغاربة من الذين سخرهم الاستعمار لخدمة أهدافه في تلك الفترة، وهكذا عملت فرنسا على إحداث معاهد وشعب وتخصصات لدراسة اللهجات في الجامعات الفرنسية، وعبر تلك المؤسسات الجامعية تم إغراء المغاربيين للتخصص في هذا المجال، ولمّا عادوا إلى المغرب تسللوا إلى جامعاته، وبدؤوا يدرسون الدارجة كما لو أنها هي اللسانيات، ومن لم يتخصص في الدارجة لا علم باللسانيات عنده. وهكذا عملت فرنسا وقت احتلالها للمغرب، بالتضييق على تدريس العربية الفصحى ومناهضتها، وفي الوقت نفسه قام بفتح مدارس للبعثة لمزاحمة اللغة العربية، كما عملت على إصدار قواميس حول العاميات المغربية، منها مثلا عامية الرباط، وعامية طنجة، كما تم فتح مراكز لهذا الغرض، وتعميق الهوة بين الدارجة وبين العربية الفصحى. يتمثل الهدف الرئيسي لهذه الدعوة حسب المتحدث دائما- في القضاء على العربية الفصحى وتهميشها، لكن تحت هذا الهدف الرئيس ثمة أهداف استعمارية فضحت في تلك المرحلة، بالرغم من أنها تم تغليفها بأكثر من ستار، فهي دعوة ترمي إلى القضاء على القرآن الكريم والإسلام وحضارته، مشيرا إلى تصريح لرئيس سابق لإحدى حكومة إنجلترا الذي حمل القرآن وذهب به إلى مجلس العموم البريطاني، وقال إذا لم نقض على هذا الكتاب، فلن نتمكن من الاستمرار. ومن تلك الأهداف قطع الروابط التاريخية والروحية بين الشعوب العربية والإسلامية، وقطع حاضر الأمة عن ماضيها، والقضاء على لغة لها مقومات تستطيع مواجهة ومنافسة اللغات الأوربية، والقضاء على مكون من أهم مكونات الأمة الإسلامية. ولذلك فهذه الدعوة تؤدي عن قصد أو غير قصد إلى تكسير ارتباطها المباشر بالقرآن والسنة، وفصل المغرب عن محيطه العربي والإسلامي وضرب التواصل مع تراثه الحضاري الإسلامي وإفقاده للذاكرة التاريخية. 2 دعاة الدراجة بالمغرب: من هم؟ وكيف يعملون؟ يختلف دعاة الدارجة في المغرب اليوم سواء من حيث مسار تكوينهم، أو مواقعهم، أو جنسياتهم، ولهذا فإن هذه الدعوة تعرف وجود توجهات متباينة داخلها تتعدد على مستوى الأهداف والمرامي، وبحسب الأستاذ الودغيري نجد منهم بعض خريجي معاهد اللهجات المغربية بفرنسا، من الذين عادوا إلى المغرب حيث يبثون أفكارهم ومزاعمهم، لأنه لاشيء آخر لهم يمكنهم فعله. أما الفئة الثانية فهم بعض الفرانكفونيين من خريجي البعثات، ويصفهم الودغيري بأنهم يحملون عداء تقليديا للفصحى لأنهم يجهلونها. ويذهب الأستاذ الأوراغي الاتجاه نفسه، فالفرانكفونية، والتي تختلف عن اللغة الفرنسية التي ليس هناك مشكل معها كلغة، لأن الفرنكفونية ترى في العربية لغة عنيفة ومتخلفة، بل عائقا عن الانخراط في المعاصرة، في حين أن الفرنسية وثقافتها هي شرط الحداثة. وذلك جهل بمقتضيات العصر نفسه، فالفرنسية تراجعت إلى الخلف، ولم تعد لغة البحث العلمي، ولا شرطا للتطور التكنولوجي والتقني. أما الفئة الثالثة الداعية إلى الدارجة فهم متطرفو التيار الأمازيغي. ويرى الودغيري أن هؤلاء يهاجمون العربية ويرحبون بالفرنسية، ويتسترون وراء الأمازيغية فقط. فيما سماهم الأوراغي أمازيغوفون . ويخلص الأوراغي إلى أن هذه الحركة اللهجية في المغرب، والتي هي امتداد للحركة الاستشراقية، المعادية بطبيعتها للعربية، تزعم أن المدافعين عن العربية مصابون بالعمى اللغوي والثقافي، ويحملون العربية كل مثالب النظام التعليمي. ويؤكد الأوراغي أنه لا وجود للغة بشرية وصلها الزيف والحقد مثل العربية، والهدف من وراء ذلك يقول الودغيري هو أن تبقى الفرنسية مسيطرة، تماما مثلما فعلوا في إفريقيا. وأضاف مصطفى بنيخلف أن هناك فئة أخرى تدافع عن الدارجة بحسن نية لعدم معرفة بالموضوع. ويصنف مصطفى الطالب دعاة الدارجة إلى صنفين: منهم الفاعل الأجنبي ومنهم المغربي، الأول يزعم أن الدارجة هي لغة الهوية في المغرب، وتردد هذا الطرح في البداية على لسان دومنيك كوبي، ويتم تسيوغها ضمن ما يسمى بحركة نايضة، وتحت هذا الاسم صدر شريط وثائقي في سنة ,2007 وقام المعهد الفرنسي بترويجه كصورة للمغرب الحداثي. وتتزعم مؤسسات فرنسية ترجمة روايات إلى الدارجة المغربية مثل قصة الأمير الصغير، ويؤكد الطالب أن التوجه نفسه فعلته الأمريكية إلينا برينس بطنجة التي أسست دارا للنشر، وأصدرت جريدة باللهجات الأمازيغية الثلاث، توزع مجانا. ويضيف الطالب أن الفاعل المغربي يتشكل من فئة فرانكفونية مسيطرة على التجارة والاقتصاد والإعلام، وتدّعي القول إن الدارجة مكتملة السيادة، ويمكن الإبداع بها في الاقتصاد والسينما. وهي الفئة نفسها التي تتهم العربية بأنها لا تتطور وصعبة ومعقدة. وتعمل هاته الفئة الفرانكفونية على السيطرة على الفضاء الإعلامي والعمومي. كما هو حاصل مع القناة الثانية دوزيم، التي أصبحت برامجها موزعة بين الدارجة أو الفرنسية في الغالب الأعم. وقد اكتسحت الدارجة في صيغتها السوقية المبتذلة بقوة مجال السينما والإعلام والإذاعات الخاصة، ويؤكد الطالب أن الدارجة المنتشرة في السينما دارجتان: الأولى ساقطة بذيئة وسوقية، والثانية نظيفة وراقية، تقترب من الفصحى في كثير من مفرداتها. وأبرز الطالب أن النوع الأول بدأ يهيمن على المشهد السينمائي، واعتبر فيلم كازانيكرا فاصلا بين الدارجة الرفيعة والنظيفة، وتلك التي تنتشر الآن، إذ فتح الباب أمام الأفلام الأكثر تطرفا على مستوى اللغة، مثل شقوق. في الوقت الذي يتم فيه تهميش سينما مغربية توظف دارجة مغربية راقية وتتفاعل مع واقعها بشكل مهني وإبداعي يمكن من الفرجة والترفيه، ومقدما نماذج كثيرة عليها. وللدعوة نفسها مرامي اقتصادية وتجارية، في هذا السياق، اعتبر مصطفى بنيخلف، مدير المعهد الوطني للإحصاء التطبيقي سابقا، أن الذي يفسر الصراع حول العربية والفرنسية هو الرهان السياسي لهذه الأخيرة، فإن ما تكتسبه فرنسا من لغتها- يقول بنيخلف- أكثر بكثير مما كانت تكسبه بجيوشها في الزمن الاستعماري. للتدليل على ذلك، دعا المتحدث للنظر في نسبة التجارة الخارجية، وفي الصفقات التي تبرم مع الشركات الأجنبية، إذ يجد المرء في الغالب أن التجارة والاقتصاد يتم أولا مع فرنسا والفرنسيين، في حين لا يعد المنتوج الفرنسي أفضل من غيره، بل كل الأمر هو العلاقة اللغوية التي تربط فرنسا بالمغاربة، فثمة جيش من الفرانكفينيين الذين يخدمون هذا الأمر بوعي وبدونه، ثمنا يدفعونه لأمهم فرنسا التي يسرت لهم الاندماج والترقي بفضل مدارسها ومعاهدها. 3 تهافت الدعوة إلى الدارجة وتنطوي الدعوة إلى الدارجة على جملة مغالطات وأكاذيب، حسب الأستاذ الودغيري، منها أن العربية الفصحى لغة وافدة من الخارج على المغرب. في حين أن الدارجة هي نتاج مغربي صرف، وهي أطروحة يقول الودغيري قال بها الاستعمار الفرنسي أولا ثم نقله عنه تلاميذه من المغاربة. ويؤكد الباحث أن الدفع بهذا القول يلزمه شيء من المنطق، إذ لا يقول هؤلاء الكلام نفسه حين يتعلق الأمر بالفرنسية، فالعربية التي استقرت هنا منذ 15 قرنا، ولها علماء من أبناء هذا الوطن دافعوا عنها وأنتجوا بها، وأسهموا في نشرها، وبها تم حفظ تاريخ المغرب وذاكرته، وهي التي أمدت الشعوب الأخرى بالحضارة والإشعاع، نتهمها بأنها وافدة، في حين أن اللغة التي جاءت على ظهر دبابة قبل 98 سنة فقط للغزو والسيطرة، نقبل بها ونمكن لها بمبررات كاذبة غير واقعية، واعتبر المتحدث مثل هذا الزعم تافها ولغوا لا يستحق الرد. وتتمثل المغالطة الثانية، حسب الودغيري، في إمكانية فصل الدارجة عن العربية، وهو ادعاء كاذب، لأنه لا يمكن أن نجد دارجة بدون لغة فصحى، ولا يمكن أن نجد دارجة لا دخيل فيها، وأضاف المتحدث أن هذه من أكثر الأباطيل التي يتم الترويج لها. أما المغالطة الثالثة فهي الزعم بأن لغة التعليم لا علاقة لها بالهوية، لأن العالم العربي لم يعد موجودا إلا في القنوات الفضائية، والزعم أن مستقبل المغرب هو مع أوربا وإفريقيا، متسائلا عن مدى وجود مفهوم للهوية، أية هوية، إن لم يكن من أسسها اللغة. وتعد المغالطة الرابعة أكثر إثارة للانتباه، وتتمثل في قولهم إن الدارجة هي سبيل المغاربة للحداثة، وتساءل الودغيري عن مدى وجود سحر خاص تتميز به عن العربية مثلا، مبرزا التناقض الذي يتمثل في أن الفرنسيين على عهد لويس السادس أصدروا قرارا لمحاربة اللهجات، وتوحيد اللغة الفرنسية وفرضها لغة معيارية وحيدة في التعليم والإدارة. في حين يدافع وكلاء فرنسا عندنا عن خلاف ذلك. والمثير أكثر داخل دعاة الدارجة أن الحركة الأمازيغية تعمل بجد وكد من أجل تجميع اللهجات في جهات عديدة داخل المغرب وخارجه، من أجل بناء لغة معيارية تصلح للتعليم والإدارة والكتابة، في حين يصرون ويدعون إلى تهميش العربية لصالح الدارجة. هذه الأطروحات هي حزمة من الأكاذيب والمغالطات، يقول الودغيري، هدفها واحد وهو إقصاء العربية من الفضاء العام. في حين أن الاتجاه الذي ينبغي أن نسير فيه هو رفع الدارجة إلى العربية. أما الأستاذ الأوراغي فيرى أنه لا وجود للغة بشرية وصلها الزيف والحقد مثل العربية، التي ظلت في مرمى سهام اللغات الأخرى. والسبب وراء ذلك، حسب الأوراغي، أن العربية هي صلة الوصل المباشرة بالقرآن الكريم والسنة وحضارتهما، وهي الوحيدة القادرة على اقتلاع الهيمنة الفرنسية التي تواجدت بالإغراء والقهر. بل هي الوحيدة القادرة على تطوير المجتمع حضاريا، وهي الوحيدة التي تعارض الإبقاء على أمية الأميين لاستغلالهم في سوق الإمبريالية، ويؤكد الأوراغي أن كل حركة تنشر لهجة في جهتها، فهي ترسخ التخلف الجهوي، بل إنها تدعو إلى خلاف ما هي عليه أصلا، وهؤلاء في الجهات يشبهون تماما من يدافعون عن العربية، لكنهم يدرسون أبناءهم في مدارس البعثة الفرنسية أو غيرها. 4 العربية الفصحى: خصائصها ووظائفها تشترك اللغات واللهجات في مكونين اثنين: في اشتمالها على تراكيب وقواعد وبنية ناتجة عن تطور اللغة وعن استعمالها. وفي اشتمالها على نظام من القيم الحضارية. ويؤكد الأوراغي أنه بالرغم من اشتراك العربية والدارجة في ذلك فإن القدرة النسقية للعربية ليست للدارجة. ويضيف أن العربية لغة بسيطة وقدرتها التوليدية عالية جدا، بمعنى أنها كلغة تنحل قواعدها إلى عدد من أوليات قليلة نحويا. كما تتمايز فصوصها في إنتاج اللغة، بمعنى أن المكون الصوتي والمعجمي والدلالي والتداولي كلها واضحة على خلاف باقي اللغات الحية. وتمكن العربية الناطقين بها من التعبير عن وظيفة ما بأقل إجراء نسقي، ولذلك فهي تخضع لاقتصاد اللغة كما يدرسه اللسانيون. بل إن قدرتها على التبليغ تتم بأقل جهد في العبارة، وهي تمكن من استعمال نفس القواعد للتعبير بها تعبيرا عاديا جدا، أو معجزا للغاية في الوقت نفسه. وأن يترجم إلى العربية كل ما في غيرها، ولا يترجم بعض ما في العربية إلى اللغات الأخرى. ويبرز الأوراغي أن للغة العربية وظائف تشترك فيها مع غيرها من اللغات مثل وظيفة التواصل الحضاري، أي التواصل مع التاريخ والإنجاز الحضاري الذي حققته حضارة تلك اللغة، وهي بالنسبة للعربية، الحضارة العربية الإسلامية. والوظيفة الاجتماعية، أي التواصل الاجتماعي بين الناطقين بها. وللعربية وظيفة أخرى تتمثل في التثقيف والتماسك الاجتماعي، فالمغرب يتميز أطلسه اللغوي بانتشار أربع لهجات: زناتية في الريف، والصنهاجية في الأطلس، والمصمودية في سوس، والدارجة العربية في بقية المغرب باختلافها، وهو أطلس غير خالص، بفعل عوامل التأثير والتأثر. وتوحد العربية الفصحى كل هذا الخليط اللغوي. وللعربية وظيفة التواصل الدولي، حإذ تربط بين شعوب وأقوام وثقافات عربية وإسلامية. لكن اللغة العربية الفصحى لها مميزات لا توجد في غيرها، منها أنها لغة تتميز ثقافتها بأنها معتدلة ووسطية، فهي تتبع العقيدة حيثما وجدت، ولا تنتسب إلى أقوام، على خلاف اللغات الأخرى التي هي لغات قومية. وتتميز بوظيفة تحقيق الاتصال الرباني المباشر بدون وسائط مع القرآن الكريم، وهذه لا ينافسها فيها غيرها من اللغات. ويضيف الأوراغي أن اللغة العربية تعرضت لحملات من الحقد والتشويش كما لم تتعرض لها أية لغة أخرى، فقط لأنها بقيت صلة وصل بالقرآن والسنة وحضارتهما، وهي الوحيدة القادرة حسبه على تطوير المجتمعات حضاريا، وعندما تنمحي الفوارق تفصح اللغة، والوحيدة التي تعارض بقاء الأمية في المغرب. هذه الميزات، تقويها التجربة والممارسة، تاريخيا وإلى اليوم في تجارب دول أخرى، تؤكد العربية أنها تملك قدرات لغوية كبرى، وتمنح لأهلها القدرة على الإبداع، يؤكد مصطفى بنيخلف في هذا السياق أن تجربة تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة العربية في المعهد الذي كان مديره، كانت ناجحة ومثمرة أفضل من العربية، أنشأنا شعبة بالعربية، كنا ندرس فيها الرياضيات، والاقتصاد القياسي، والإحصاء، وعلم الاحتمالات، ومواد أخرى، كان الأستاذ نفسه يدرس بالعربية والفرنسية المادة نفسها، والامتحان يكون نفسه، والنتيجة كانت أن القسم العربي كان أفضل من القسم الفرنسي، فالطالب في القسم الفرنسي كان لا يستطيع نسج جملة سليمة لغويا بالفرنسية، في حين أن الطالب باللغة العربية كان يتميز عنه في كل شيء. ومن أجل إنقاذ الطالب من المأزق، اضطررنا إلى تخصيص ستة أشهر في بداية السنة الأولى لتعليم اللغة الفرنسية وإتقانها.