أكد المتدخلون في مائدة مستديرة نظمها مركز التهيئة اللغوية الجمعة الماضي حول «اللغة الأمازيغية بين إكراهات الكتابة وتحديات التأصيل»، بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، أن الكتابة بالأمازيغية مشكلتها الأساسية تكمن في كيفية ترسيخها وجعل الناس يفهمونها، وهو الأمر الذي لا ينبغي تجاهله. ويهدف اللقاء حسب أرضيته، إلى تسليط الضوء على أهم إكراهات الكتابة بالأمازيغية، وتحديات تأصيلها، إلى جانب إشراك الكتاب والمبدعين قلقهم، وإعطائهم الكلمة للحديث عن تجربتهم مع الكلمات والمفردات، الطيعة والمستعصية، وتبادل التجارب في هذا الصدد. وناقش المشاركون مجموعة من القضايا، همت بالأساس الثغرات المعجمية والاصطلاحية، والوسائل الكفيلة بتجاوزها، وكيفية استقبال الكلمات المستحدثة وتوظيف المتبنى منها، والاستراتيجية المعتمدة في التعامل مع الكلمات المستحدثة والمقترضة من لغات أخرى. وفي هذا السياق قالت: «نورة الأزرق» مسؤولة بمركز التهيئة اللغوية بالمعهد «كل كاتب بالأمازيغية يجد صعوبة في الكتابة، مما يستوجب رحلة للبحث عن كلمات تسعف في الكتابة»، وأضافت «أن الكلمات التي يولدها اللساني تظل جافية ما لم يتلقها الكاتب لينفخ فيها الروح»، مؤكدة على أن «الأمازيغية لغة غنية وقابلة للتطور، وسنعمل على ترسيخها». من جانبه تحدث الكاتب «محمد أكوناض» عن تجربته، حيث قال «عندما بدأت أكتب وجدت صعوبات وتحديات، من أبرزها مسألة التجديد المعجمي، لأن اللغة الأمازيغية حينها كانت تفتقر إلى معاجم لغوية، كما أن الظروف التي كان يكتب فيها الكاتب بالأمازيغية كانت ظروف عدائية»، وأضاف «يجب الرجوع إلى اللغة الأم خاصة المخطوطات للاطلاع على اللغة»، وتابع حديثه في هذا الصدد مؤكدا «أن هناك كلمات هي كنوز للغة الأمازيغية نجدها في تلك المخطوطات»، وتساءل «هل الكاتب حقا يستطيع أن يكتب بالأمازيغية الخالصة؟».وفي حديثه عن مسألة الاقتراض، أشار الكاتب «عبد الله المنشوري»، إلى كون « الكاتب قد ينجح في اقتراض كلمات أخرى، لكن يجب أن يتوفر على استراتيجية للتعامل مع الكلمات المقترضة»، وأضاف: «من حق الكاتب أن يجتهد في لغته ومن حقه أن ينفتح على مواقع أخرى تساعده على السير في الطريق الصحيح على أن تكون المصطلحات موافقة للبنية اللغوية الأمازيغية». وأكد «عبد السلام بومصر»، عضو بمركز التهيئة اللغوية بالمعهد، على أن اللغة الأمازيغية تعاني من الاقتراض، وهو ما يستوجب إيجاد رؤية مشتركة بين الكتاب الأمازيغ، وقال في هذا الصدد: «الاتجاه نحو اللغة النقية مرحلة لبناء اللغة الخالصة، وبالتالي لا يجب إحراقها»، وأضاف « الكلمات المقترضة ذات الطابع العالمي لا نجد حرجا في إدماجها، لكن الكلمات المقترضة التي تنافس اللغة الأمازيغية، يجب الحذر منها ومحاربتها». ومن جانبها قالت «عائشة بوحجار»، رئيسة مركز التهيئة اللغوية: «لا يجب أن يكون هناك تخوف من الاقتراض، لأنه موجود في جميع اللغات، بل يجب أن تكون هناك سياسة لتدبير الاقتراض، ويجب على الكاتب أن يكون واعيا بأن المتلقي سيؤول وسيقول لماذا استعملت هذه الكلمة بدل كلمة أخرى». وأشارت الكاتبة «سعيد فرحات» في تدخلها، إلى أن «الكاتب قبل بدء الكتابة يجب أن يراعي المتلقي، وبالتالي عليه أن يضع نصا يفهمه القارئ». ومن بين التوصيات التي أكد عليها المشاركون في اللقاء، تشجيع المعهد للبحث اللساني في اللغة الأمازيغية، كما أكدوا على ضرورة عقد دورات تكوينية لصالح المبدعين بالأمازيغية، وعقد دورات تعليمية لغير الناطقين بها، وأشاروا إلى ضرورة إيجاد لغة نقية معيارية، كما أوصوا بإدماج النصوص الأدبية في الكتب المدرسية.