ألهب الفنان أبو راتب حماس الجماهير المكناسية التي حجت بكثافة ليلة الأحد الماضي، إلى ساحة الهديم بمدينة مكناس، لحضور مهرجان فني حاشد نظمته كل من حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية والنسيج الجمعوي لمدينة مكناس، وحضره الآلاف من ساكنة المدينة والمدن المجاورة لها، امتلأت بهم ساحة لهديم التاريخية، وردد الآلاف من الأشخاص شعار «الشعب يريد الفن الملتزم، الشعب يريد الفن الملتزم»، قبل أن يرددوا الشعب يريد أبو راتب»، بعدما تأخر صعوده للمنصة وفق البرنامج المسطر للحفل الفني، وألقى أبو راتب فور صعوده للمنصة مرتديا الجلباب المغربي، كلمة عبر فيها عن اعتزازه بوجوده في مهرجان مكناس، وقال «أمد يدي مصافحا لعرى المحبة، لكل واحد منكم، وأقول لكم إني أحبكم في الله»، وأنشد أبو راتب عددا من أناشيده الحماسية، تضامنا مع القضية الفلسطينية ومع قضايا الأمة، وأخرى في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقف الجمهور مرددا مع أبو راتب نشيدا جديدا أهداه للشعب السوري، ابتدأه بالقول «سلم عليهم تسلم أيديهم، شعبك يا سوريا سلم عليهم، سلم على الثوار في ليل المنارة، يا شعبنا المغوار يا رمز الجسارة». وحظي أبو راتب بتكريم خاص من طرف الهيآت المنظمة للمهرجان، وذلك «تقديرا للمجهودات والعطاءات المتميزة»، وسلم شاكر المودني، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، مخطوط جلدي طبيعي، خطه الخطاط عبد الإلاه الشبوكي، بخط عربي أصيل، وحملت توقيع مسؤول حركة التوحيد والإصلاح بمدينة مكناس، وضم المخطوط «المتمنيات بالمزيد من الإبداع والتألق في مسيرة الفن والإبداع». وفي تصريح ل»التجديد»، عبر أبو راتب عن سعادته بمشاركته في المهرجان، وقال «كان التفاعل كبير من طرف الجمهور، ردد معي الأناشيد، ويحب الفن الملتزم، وبالرغم من انه الحفل الأول، كان متعطشا للمزيد من الاناشيد، وظل صامدا»، وختم أبو راتب حديثه بالقول، «أنا جد مسرور وأحيي جمهور مدينة مكناس، وشكرا للجهات المنظمة». وافتتح مهرجان مكناس بوصلات إنشادية لمجموعة كورال الفردوس، التي تضم فئة اليافعين واليافعات، وأنشدوا أنشودتين، تحت عنوان «أشرق المولى»، و»يا دنيا اتركيني»، كما تألقت الطفلة حسنة بغطيطي والشاب أحمد أمين بنمهدي في أداء مواويل مقتبسة من أشعار وحكم الإمام الشافعي رحمه الله، وأكد عبد الإلاه شبوك، رئيس المجموعة التي تأسست قبل عشرون سنة بمدينة مكناس، أن رسالة المجموعة تهدف إلى تحسين الذوق والغناء الجاد، مؤكدا في تصريح ل»التجديد»، أن التربية فوق كل شيء بالنسبة للمجموعة، وأفاد الشبوكي بأن أفراد المجموعة يسنتفيدون من دروس في التجويد وأخرى لضبط مخارج الحروف، وهو ما توج هاته السنة بتأهل أحد أطفال المجموعة إلى نهائيات هاته السنة من مسابقات القناة الثانية في تجويد القرآن، بينما تأهلت السنة الماضية لنفس النهائيات الفتاة شيماء نضاح. يذكر أن مجموعة كورال الفردوس، شاركت في عدة مهرجانات وملتقيات، من بينها مهرجان وليلي، ومهرجان أنشودة الطفل الذي فازت فيه بدورتين متتاليتين. وأكد شاكر المودني، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، أن المهرجان أدى الأهداف المتوخاة منه، وقال في تصريح ل»التجديد»، إن أهم الرسائل هي رسالة الانفتاح، لان النشاط انعقد في ساحة عمومية، ومر في أجواء جيدة وحضره الآلاف، تفاعلوا بشكل كبير مع الإنشاد الإسلامي»، وأضاف المودني أن الرسالة يجب ان تصل إلى كل العاملين في درب الدعوة، «لينتبهوا إلى أهمية الانخراط والتفاعل بقوة مع قضاياهم بكل مبدئية وجرأة وحيوية، من أجل أن ينفتحوا على مجتمعهم وواقعهم ويعانقوا هموم شعبهم وأمتهم»، أما الرسالة الثانية فاعتبرها المتحدث تتمثل في الرد على من يعتقد أن «الفن لا يمكن أن يكون بدون ابتذال، ومن غير حركة أو نشاط تخرج الإنسان عن جادة صوابه، وتنزله إلى مرتبة الإسفاف، فرسالتنا القوية اليوم»، يضيف المتحدث، «أن الفن يمكنه أن يؤدي وظيفته الترفيهية مع كامل الالتزام والانضباط»، وختم المودني حديثه بالقول، «أتمنى أن تصل هاته الرسائل بقوة إلى من يهمه الأمر، وخلال نفس المهرجان الفني، شاركت مجموعة طلائع المستقبل بوصلات إنشادية متميزة، وهي المجموعة التي تعتبر امتدادا لمجموعة المستقبل التي تأسست سنة 1988 بمدينة مكناس، وأفاد نائب رئيس المجموعة في حديث مع «التجديد»، بأن «طلائع المستقبل» اشتغلت على مادة مجموعة المشاريع اللبنانية، والتي كانت تعرض مشاريع أعمالها على الراحل الدكتور فريد الأنصاري، لضبط المصطلحات والمفاهيم الشرعية، وعرفت المجموعة منذ تأسيسها بحضور الأنشطة الثقافية والفنية بالجامعة المغربية، قبل أن تنفتح على التراث المغربي والقصائد الشعبية، والتي لقت تفاعلا من طرف عموم شرائح المجتمع، وبخصوص مهرجان مكناس، أكد المتحدث بأن الحفل يأتي في وقت يشهد فيه المغرب عددا من المهرجانات، وهو «بالتالي يقدم النموذج للفن الهادف، والبديل للفن المبتذل، حيث يمكن للأي أن يرافقة زوجته وأبناءه لحضور الحفل، والاستمتاع بالفن الراقي الذي يحترم مشاعر الآخرين». وشاركت مجموعة شموع الهدى بباقة مختارة من الأناشيد والمواويل، وهي مجموعة تأسست سنة 1997 بمدينة مكناس، وتعتبر النادي الفني لجمعية منبر الحوار، واعتبر رئيس المجموعة «ادريس حلمي في تصريح ل»التجديد»، أن «إشعال شمعة خير من لعن الظلام»، وأكد أن ما تقدمه المجموعة هو تعبير عن «مكوناتنا ودواخلنا وأحلامنا، وعن عصارة أفكارنا وجراح أمتانا»، يضيف المتحدث، ادريس حلمي، وأنشدت المجموعة أنشودة «يا رسول الله»، ثم نشيد «الصبح بدا»، وكذا موال حول «النصر للدين المحمدي». يذكر أن مجموعة الهدى القادمة من مدينة طنجة، شاركت بدورها في مهرجان مكناس، ورافقت أبو راتب خلال إنشاده، بينما رددت أناشيد أخرى بشكل منفرد. من جهته قال عبد العالي السباعي، الكاتب العام للنسيج الجمعوي لمدينة مكناس، إن المهرجان الفني حقق نجاحا كبيرا بالمقارنة مع الأهداف المسطرة، وأكد السباعي في تصريح ل»التجديد»، أن الأهداف التي سطرتها الهيآت المنظمة للنشاط، تتمثل في «الرسالة الدعوية النبيلة للفن الهادف»، ثم «دعم القضية الفلسطينية من خلال الفن الملتزم»، و»التواصل مع طاقات فنية وإبداعية محلية ووطنية، وتشجيعها من خلال إبرازها والتعريف بها»، وهو ما سيتوج حسب المتحدث بإنتاج شريط سمعي بصري خاص بالحفل الفني، وأكد السباعي أن مهرجان مكناس هو خطوة أولى فقط، في مسار احتضان وتشجيع الطاقات الإبداعية، يقول المتحدث الذي تقدم بالشكر للسلطات المحلية والجماعة الحضرية، ولكل من ساهم في إنجاح المهرجان.