طالَ عَيْشُكَ يا مَوْتُ في أرْضِنا . طالَ نابُكَ أكْثرَ مِمَّا على عَظمِنا من لُحومٍ وَطالَ سَرابُكَ قُلْ إنَّكَ الغَيْثُ لا نَسْتَغِثْ قُل لَنا لِنُصَدِّقَ أنَّ البُذُور بَعْثُها دَفْنُها قُل لنا..وَانْبَعِثْ قَمَرًا في القُبورْ قُل لَنا نَجْمةً في سَوادِكَ حتَّى نظَلَّ نُزَغْرِدُ في زَفَّةِ الشُّهَداءِ وَلا نَكْتَرِثْ!
طالَ عَيْشُكَ يا موتُ في أرْضِنا.هَلْ لَنا كَالرَّصاصَةِ أن نَتَنَزَّهَ في الحَقْلِ دونَ دَمٍ في الخُطى؟ هل لنا أن نُطِلَّ على شارِعٍ هادِئٍ؟ هل لنا أن نُزَوِّجَ أبناءنا قَبْلَ تَأبينِهِم؟ هل لنا أن ننامَ كَماءٍ زُلالٍ وَنَنْهضَ في جَدْوَلٍ دافِئٍ؟ هل لنا أن نَمُوتَ عَلى مَهْلِنا آمِنينَ بلا طَلْقَةٍ في الجَبينْ؟ هل لنا أن نَسيرَ وَلا نَتَلَفَّتَ ذَاتَ الرَّصاصِ وَذاتَ الكَمينْ؟ هل لنا أن نُفَوِّتَ نَشْرَةَ أخْبارِ هذا الصَّباح؟ طالَ عيْشُكَ يا موتُ طالَ نَعيقُ السِّلاحْ!
سَنُسَمِّيكَ حَقْلاً وَنَحْفرُ أثْلامَنا كُنْ رَفيقًا بنا حِينَ نَبْذرُ أجْسامَنا فِيكَ،يا مَوْتُ كُنْ في المَناديلِ بَرْدًا.. كَفَى! لا تكُنْ أنْتَ أمْنِيَةً لا تَكُنْ أنْتَ أحْلامَنا! *** إهدئي يا سماءُ طَويلاً كأحْزانِنا بَعْدَ صَحْوِ الرَّحِيلِ ..سَيَحْلُمُ جَدِّيَ بالفَجْرِ دونَ مَناقِيرَ تعْزِفُ نارَ العَويلِ: يَقومُ إلى حَقْلِهِ وَيُعِدُّ زِفافَ عَروسَتِهِ الأرْضِ لِلْغَيْمِ قبلَ احْتِفالِ الشِّتاء
..أينَ قريتُهُ؟ أين غيمتُهُ؟ أين خُطوتُهُ؟ كيْفَ يَنْهالُ صخرٌ كَرَمْلٍ وَتنهارُ شمسٌ كَرمْشٍ وَترحَلُ أرضٌ كَغَيْمٍ وَتفنى سَماءْ؟
كيفَ تخلو القُرى مِن عَصافيرِها فَجْأَةً: لا نِساءَ على العَيْنِ تَحْلبنَ ثَدْيَ الصُّخورِ وَلا صِبْيَةٌ يلعبونَ (هَلِ اخْتبأوا مُنْذُ دَهْرٍ وَظَلُّوا هُنا يلعبونَ) وَلا بَيْدَرٌ لِتَدورَ الحياةُ. وَلا نِسْوةٌ عائِداتٌ بِصَيْدِ الحَطَبْ لا رجالٌ غَدَوْا ثُمَّ عادُوا وَنامُوا مَعَ الشَّمسِ ، أو سَهِروا كَالشُّهُبْ لا حَميرٌ ، وَلا ثَمَرٌ في السِّلالِ وَلا فَرْحةٌ بالغِلالِ وَلا نَأْمةٌ.. غير نَوْحِ الرِّياحِ فَيا لَلْعَجَبْ كيف تخلو القُرى مِن عَصافيرِها فَجْأَةً؟ لا يُبَلِّلُ قَطْرُ النَّدى أوْجُهَ النّائِمينَ على أسْطُحٍ مِن خَشَبْ؟ هكذا..دونَ أيِّ سَبَبْ
إهْدئي يا سَماءُ كَأحزانِنا .. كَم أريحا سَيُحرقُها يوشَعٌ فَوْقَ أكفانِنا ؟ كُلُّ أرضٍ حَلَلْنا بها هَزَّها يوشَعٌ وأراقَ تُرابَ النُّجومِ وَكُلُّ سماءٍ حَلَلْنا بها رَجَّها يوشَعٌ بالدُّخانِ .. اهْدَئي يا سَماءْ أكثيرٌ عَلَيْنا البَقاءْ؟ سامر خير (فلسطين)