بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي        28 ناجيا من تحطم طائرة بكازاخستان    مسؤول روسي: المغرب ضمن الدول ال20 المهتمة بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"    التوحيد والإصلاح: نثمن تعديل المدونة    بلاغ رسمي من إدارة نادي المغرب أتلتيك تطوان: توضيحات حول تصريحات المدرب عبد العزيز العامري    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي    تأجيل محاكمة عزيز غالي إثر شكاية تتهمه بالمس بالوحدة الترابية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    الريسوني: مقترحات التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة قد تُلزم المرأة بدفع المهر للرجل في المستقبل    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: التحفيز والتأديب الوظيفي آليات الحكامة الرشيدة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    "ميسوجينية" سليمان الريسوني    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    بنحمزة: الأسرة تحظى بالأهمية في فكر أمير المؤمنين .. وسقف الاجتهاد مُطلق    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امحمد طلابي (عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح):الثورات العربية كسرت الفكر الكلاسيكي
نشر في التجديد يوم 02 - 06 - 2011

قال المفكر الإسلامي المغربي امحمد الطلابي إن الثورات العربية الحالية تجاوزت مفاهيم الفكر السياسي المتعلقة بالثورات وخاصة تلك التي كانت تشترط وجود طليعة وتنظيم سري وقيادة كارزمية لقيام الثورات كما وقع في الثورات القديمة مثل السوفيتية الإيرانية.
وأشار طلابي في حوار لصحيفة الأخبار الموريتانية، إلى أن العالم العربي يعيش ربيع الديمقراطية وصيف الديمقراطية وخريف الاستبداد السياسي، مضيفا أن الذي قاد الثورات في ربيع الديمقراطية في العالم العربي اليوم ليس شبابا جائعا وليس شبابا حركه الحرمان المادي.
وأكد أننا بحاجة الى مراجعة وتجديد في الفكر السياسي بعد الثورات التي عاشتها تونس ومصر والتي تعيشها اليمن و ليبيا وسوريا والثورة الهادئة التي تجري في المغرب ففي رايي نحن بحاجة الى التجديد في فكرنا كنخبة مفكرة في العالم الاسلامي واول هذا التجديد هو مراجعة علم الاجتماع السياسي:
يعرف عنكم الاهتمام بالسنن الحاكمة للتغيير وحركة التاريخ والآن نعيش ثورات في المنطقة العربية السؤال هو: كيف تنظرون لهذه التغييراتالجارية حاليا هل هي مقتصرة على الجانب السياسي أم أنها ثورات تبشر بنهضة جديدة للامة؟
بسم لله الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحابته وبعد: حين ندرس تاريخ المغرب في الواقع لابد أن نستشعر أنه ممتد إلى كل المنطقة الجنوبية فيوسف بن تاشفين وعبد الله بن يس من هنا مرا، ووحدة المغرب انطلقت من هنا فأنا أشعر أن مهد حضارة شمال إفريقيا في موريتانيا .
أما ما يخص السنن وما يجري اليوم فبالتأكيد أن ما يجري اليوم هو تعبير عن سنن تحكم حركة التاريخ خلال القرن ال 21 وقد صغتها سابقا في افتتاحية مجلة الفرقان وفي غيرها من المحاضرات وأعود اليوم وألخصه: .
أول سنة تحكم العصر عصر نهاية القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين أوالألفية الثالثة أول سنة تاريخية قوية هي سنة ما أسميه ببداية الهجرة نحو الله والسنة الثانية هي بداية هجرة البشرية نحو الحرية السياسية والسنة الثالثة وهي بداية هجرة الدولة القطرية نحو الدولة العابرة للأقطار والسنة الرابعة هي بداية هجرة الحضارة المادية الاقتصادية من الغرب نحو الشرق وهذه سنن تحكم الآن الواقع الذي نعيشه والذي يهمنا بالأساس للحديث فيهما سنتين رئيسيتين:
1 بداية هجرة البشرية نحو الله وهي الصحوة الدينية العالمية
2 بداية هجرة البشرية نحو الحرية السياسية وهي الصحوة الديمقراطية العالمية.
هاتان السنتان عميقتان قويتان وهما تمثلان في الواقع التيارات العميقة للمحيط التاريخي اليوم وليس زبد البحر، وأي محاولة للي عنق أي منهما ستفشل والحمد لله كنا نعيش السنة الأولى منذ السبعينات حيث عاد الدين من منفاه بعد أن وضعته الثورة الفرنسية في النفي وخرج من زنزانة الاعدام منتصرا بعد سقوط العالم الشيوعي الذي كان قد وضع لنفسه دينا رسميا وهو الالحاد وبسقوط الالحاد خرج الدين أي دين من زنزانة الاعدام وبانحسار دور العلمانية عاد الدين من منفاه ليلعب دورا في كيان الجتمعات البشرية شرقا وغربا وطبعا من هذه المجتعات التي تعرف سنة العودة إلى الدين المجتمع الاسلامي والحمد لله فالمسلمون يعودون إلى دينهم أفرادا وجماعات غربا وشرقا بل عن الغرب نفسه منخرط في الانتماء للاسلام وهذه سنة قوية جدا لانها يمكن أن نقول تمثل الموجة الاولى لعصر النهوض الحضاري للامة.
ولكن اليوم انضاف اليها في واقعنا العربي صحوة ثانية وهي الصحوة الديمقراطية طبعا الصحوة الديمقراطية بدات منذ منتصف السبعينيات في العالم حيث سقط نظام افرانكو الفاشي والنظام البرتغالي الاستبدادي والنظام العسكري التركي واليوناني وفي الثمانينيات سقطت كل الانظمة الفاشية في امريكا الاتينية وفي التسعينيات سقط النظام المستبد في روسيا واروبا الشرقية وتوج بسقوط أكبر نطام عنصري وفاشي وهو نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بانتصارثورة نيلسون مانديلا، إذن عشنا عاصفة للديمقراطية في التسعينيات ثم بدأت تهب نسيما وريحا هادئة.
لكن الحمد لله اليوم وبعد ان طافت الثورة الديمقراطية في البيئة اللاتينية وفي اروبا الجنوبية وفي اروبا السلافية الحمد لله شهدنا هذه الثورة ثورة الاصلاح العربي الديمقراطي التي نشهدها اليوم فاننا بالفعل وبكل وضوح نعيش ربيع الثورة الديمقراطي في العالم العربي والاسلامي وهي سنة قوية وستجرف كل اشكال الاستبداد، وفي الواقع نحن نعيش ثلاثة فصول في السنة في وقت واحد نعيش ربيع الديمقراطية وهي استنبات شجرة الديمقراطية في العالم العربي وفي نفس الوقت صيف الديمقراطية أي ثمار هذا الربيع الذي نراه في تونس ومصر بالملموس ونعيش في نفس الوقت خريفا الاستبداد السياسي اذن نحن نعيش ربيع الديمقراطية وصيف الديمقراطية وخريف الاستبداد السياسي والحمد لله هذه كلها سنن قوية جدا ومتينة، ستخرج أجمل ما فينا . فالاستبداد يخرج اسوء ما فينا ولكن الديمقراطية إن شاء الله كصحوة ستخرج اجمل ما فينا وستكون بداية النهضة أي ما بعد الديمقراطية.
أما ما يتعلق بالشق الثاني للسؤال فبالنسبة لنا بناء الصرح الديمقراطي في العالم العربي اليوم هو الانتقال من الصحوة إلى النهضة فالسؤال هل بدأنا ندخل عصر النهضة نعم نقول كنا في عصر الصحوة أي العودة إلى الدين العودة إلى الاسلام باعتباره الرافع الاساسي لنهضة امة العروبة والاسلام لكن بعد هذه الثورة الديمقراطية وهذا الربيع الديمقراطي في العالم العربي وما ادراك ا العالم العربي لان العالم العربي الان قدوة وهو مركز العالم الاسلامي وبالتالي انتصار الثورة الديمقراطية في العالم العربي سيكون أولا مؤذنا بامتداد التغيير في محيط العالم العربي والاسلامي بما فيه دول افريقيا وبالتالي فنجاح الثورات في العالم العربي سيكون مؤذنا اولا بامتداد الصحوة الديمقراطية في العالم الاسلامي فتكون بداية الانتقال من عصر الصحوة إلى عصر النهضة لاننا نرى ان عصر النهضة هو ان ننتقل من العودة إلى الدين إلى العمران المؤسس على الدين وفي رايي ان الديمقراطية وترسيخ مؤسساتها وبناء الدولة المدنية وليست الاسلامية سيكون مدخلا لعودة الدولة الاسلامية على المدى البعيد وعودة الاسلام للقيادة من جديد فهذا الزواج الكاثوليكي غير القابل للطلاق بين الاسلام والدولة الديمراطية هو التحول النوعي الجديد في القرن الواحد والعشرين بالنسبة للمسلمين والذي سيكون هو الرافع الاساسي للعمران والنهضة واخذ موقع لنا في خريطة الحضارة البشرية في منتصف القرن الواحد والعشرين في اقصى تقدير ان شاء الله.
إذا نظرنا إلى الفكر عموما في المرحلة الماضية نرى انه ربما سادته حالة سكون وتصالح مع الواقع كما سادت مشاريع التغيير السياسي والسؤال هو: كما قيل ان الشباب الثائر تجاوز رجال السياسة بطرحه هل يمكن ان يقال انه تجاوز المفكرين وقيادتهم له؟
أولا أنا أرى أننا بحاجة إلى مراجعة وتجديد في الفكر السياسي بعد الثورات التي عاشتها تونس ومصر والتي تعيشها اليمن وليبيا وسوريا والثورة الهادئة التي تجري في المغرب ففي رايي نحن بحاجة إلى التجديد في فكرنا كنخبة مفكرة في العالم الاسلامي واول هذا التجديد هو مراجعة علم الاجتماع السياسي باكمله فمفاهيم علم الاجتماع السياسي القديم التي كانت تعني الثورة ووجود تنظيم سري محكم مضبوط يقود الثورة وله راس وله زعيم كاريزمي قد انتهت هذا العلم علم الاجتماع السياسي قد انتهى الان والان لسنا بحاجة إلى حزب يقود الثورة ولسنا بحاجة إلى طليعة منظمة وزعيم للطليعة يقود الثورة كما حدث في الثورة الروسية أوكما حدث في الثورة الايرانية، في رأيي ان مسائل العلم كلاسيكية يجب مراجعتها ولا يعني أنها كلها قد ماتت ولكن إعادة شرحها وإعادة تجديدها.
فالجديد في الثورات اليوم إلى جانب وجود قوانين عامة تحكم كل الثورات هو قانون تفشي دوائر الإصلاح أوقانون العدوى فهذا قانون موجود في الثورات الكلاسيكية وقام في الثورات الحديثة من تونس إلى مصر وكما تأثرت اليمن بيلبيا (أعتبر ان اليمن تأثرت اكثر بالنموذج الليبي كانسحاب قادة الجيش) علما ان الثورات تمد بعضها البعض وتستفيد من تجاربها لكن أهم ما فيها هو ان أي ثورة تتطلب قيادة سياسية وجملة من الشعارات السياسية المركزية ففي الغالب في القديم كان يصوغها التنطيم اليوم هذه الجملة السياسية تتبناها الآلاف من المثقفين ليس عبر التنظيم الحزبي بل عبر الفيس بوك وعبرتويتر وعبر اليوتيوب وعبر الإعلاميات ولم نعد بحاجة إلى طليعة منظمة سياسية تقود، وإلى جملة سياسية تقود، هذه الجملة هي عبارة عن افكار وبرامج وخطط تم التنسيق عبر العالم الالكتروني الافتراضي (بين قوسين فكلمة الافتراضي حسب رأي يجب الا نستسلم لها فما دام عملا اراديا قائما على الفعل وتغيير موازين القوى وتغيير التاريخ فهو ليس بالعالم الافتراضي بل عالم حي بل هو مرتبط بالعالم الطبيعي).
اذن، أقول: نعم، الآن الفكر السياسي والشباب تجاوز التنظير الكلاسيكي للثورات فهو لا يحتاج إلى تنظيم لكي يعطيه الشعارات فقط جملة سياسية تنتقل عبر الفيس بوك وعبر تويتر واليوتيوب ويتم تنظيم الميدان لها وتبدا في فعلها من خلال ساحات وميادين التحرير والمسيرات وغيرها هذا جديد بالفعل فهو تجاوز للفكر الكلاسيكي السياسي كما هو تجاوز للمفكر الذي الان عليه مراجعة جميع مفاهيمه الفكرية في الفكر السياسي وفي كيفية التغيير ونظرية الاصلاح ونظرية الثورة فهذه النظريات التي صاغها المفكر في ازمان قديمة لم تعد تصلح ولابد من اعادة بنائها وبنظرية جديدة هي التي اقول انها نظرية تدخل في المجال لان التنظيم الكلاسيكي لم يعد هو المحرك بل ان لفضاءات مفتوحة في العالم الافتراضي.
اذن فالتجاوز قائم للسياسيين الحزبيين والتجاوز قائم ايضا للمفكرين سواء كانوا سياسيين اوكانوا مفكرين مثقفين ولكن هذا اعتبره تجاوزا ايجابيا وليس تجاوزا سلبيا بمعنى أنه يدفع المفهوم الكلاسيكي للعمل الحزبي والسياسي والمفهوم الكلاسيكي للتفكير انه يراجع كل شيء ويصوغ نظرية جديدة في الاصلاح وفي التغيير تتجاوب مع التغيير الذي احدث هذه الثورة المعلوماتية الكبرى ثورة التواصل الكبرى الفضائيات الفيس بوك وتويتر وفي رايي هذه التجاوازات للمفكر والسياسي الكلاسيكي تجاوزات ايجابية
فجاة طرأ هذا الاهتمام الغير مسبوق من طرف الشاب بالشأن العام هل ترون أن هذا الاهتمام ستواصل أم انه فورة شبابية ستخمد كيف تقرأون مستقبل هذه الشريحة من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي ؟
هذا أيضا يتطلب من المفكر ومن السياسي مراجعة مفهومه للشباب فكثيرا ما نقول ان الشباب تجرفه تيارات الشهوات والميوعة واللامبالات والاهتمام بالحياة الخاصة وعدم الاهتمام بالشان العام وكثيرا ما ننعته بانه غير ملتزم وهذا لان المفهوم الذي عندنا للشباب فيه الكثير من الخلل وان هذ الشباب شباب الفيس بوك وشباب الانترنت وشباب الشات هو الذي احدث الثورة اذن علينا اعادة مراجعة مفهونا للشباب اولا هو ان الذي قاد الثورات في ربيع الديمقراطية في العالم العربي اليوم ليس شبابا جائعا وليس شبابا حركه الحرمان المادي فوائل غنيم على سبيل المثال الذي نظم ثورة مصر هو ممثل غوغل في الشرق الاوسط ان مستواه المادي والاقتصادي معتبر، في رايي ان الشباب اليوم يمتلكون ثقافة سياسية عبر وسائل متعددة عبر الانترنت وعبر الاعلاميات وليس عبر الكتاب وبالتالي هو مثقف يمتلك معرفة فهو مثقف يمتلك العلم وهي خاصية كنا نرى انها غير حاضرة عند الشباب وكنا نقول ان هذا الشباب في الانترنت مهتم فقط بافلام الخلاعة وكل ما هو سلبي لكن يظهر ان هذا التفكير ليس صحيحا .
ثانيا : ان علينا ان نفهم ان الشباب الذين قادوا هذه الثورات شباب متعلم بمعنى شريحة اساسية وسطى فالفئة الوسطى في العالم العربي اليوم هي التي قادت الثورات، وتعرف بان جل المجتمعات العربية اونسبة كبيرة من المجتمعات العربية هم شباب هذه النسبة هي التي يمثلها الشباب داخل المجتمع العربي، اذن هم يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع هذا أولا، ثانيا ان هذه الفئة فيها صنفان فيئة غير متعلمة محرومة وفيئة متعلمة ذات شهادات عليا ومحرومة تعيش البطالة وفئة متعلمة ودخلها ووضعها الملي معتبر وانا في رايي ان الشريحة ذات الاهمية الكبرى هي الشريحة المتعلمة ذات الدخل المعتبر والشريحة المتعلمة المحرومة فلو كان شبابنا كله محروم وامي فانا لا اقدر ان الثورات ستحدث لان الحرمان مع الجهل يؤدي إلى الاستسلام في غالب الأحيان وسيؤدي إلى الخضوع ويؤدي إلى الخلاص الفردي وإلى البحث عن الحلول الفردية وبالتالي الانتهازية في حين انه حينما يلتقي في رايي الثقافة والوعي والحرمان المادي يرفع درجة التمرد
وهنا اقول بأن الشباب ذوي الشهادات العليا المحرومين من اسباب العيش كان اساسيا إلى جانب الشباب المتعلم المشتغل ذي الدخل المعتبر هاتان الفئتان في رايي لعبتا دورا اساسيا في ما حدث في العالم العربي في ليبيا والبحرين واليمن والمغرب وسوريا وغيرها في رايي علينا الاهتمام بهاتين الفئتين من الشباب ذات التعليم العالي الميسورة وذات التعليم العلي المحرومة وهاتان الفئتان برأيي هما اللتين حركتا المجتمع بشكل قوي نحو تغيير جذري في العالم العربي اليوم
بعض الدول العربية وصلتها هذه الثورات وبعضها لم تصله، هل تعتقدون ان التاثر بهذه الثورة سيقتصر على حدوث ثورة ام انه ربما في بعض الدول يحدث تأثر في الوضع السياسي والاجتماعي بدون ان تصلها الثورة بشكلها الدراماتيكي؟
نعم، طبعا كل الانطمة في العالم العربي بحاجة إلى اصلاح ديمقراطي وإلى تغيير ديمقراطي، هناك بعض البيئات لربما قد تتاخر فيها تغييرات مثلا دول الخليج ...
فانا اقول بان البيئة التي لن يحدث فيها تغيير كبير هي البيئة الخليجية ما عدا هذه البيئة في رايي ان جميع البيئات العربية مؤهلة إلى ان تعرف هذه العاصفة، عاصفة الديمقراطية التي تهب بقوة، وسوف تتاثر بها، وانا كنت اتخيل ان ليبيا ستكون متاخرة ولكن فاجاتني ليبيا واعتبرت ان سوريا ايضا مؤهلة مثلها لان النموذج المستبد في ليبيا يجري ايضا على سوريا وبالتالي جميع البيئات مؤهلة للاصلاح إما الاصلاح الديمقراطي الهادئ وإما تغييرات ثورية وديمقراطية جذرية كالنموذج التونسي والمصري، باختصار اقول إن الاصلاح الديمقراطي في العالم العربي سيعرف نهجين النهج الفرنسي وهو الثورة الفرنسية والنهج الانجليزي وهو التغيير المتدرج هذان النهجان سوف يكتسحان العالم العربي باكمله وتقديري هو ان عاصفة الديمقراطية ستسع العالم العربي باكمله، وبالتالي اقول بان الصحوة في العالم العربي ستكون بداية النهضة سننتقل من عصر الصحوة إلى عصر النهضة قريبا ان شاء الله، عقد من الزمان سيكون في تقديري هو اقصى الحدود لبداية انتقال المجتمع العربي والاسلامي من عصر الصحوة الدينية إلى عصر النهضة.
بالنسبة لقضية الاصلاح الإسلامي وبالنظر إلى موقعنا وموقع الغرب هل ترون ان مهمة الاصلاح الاسلامي هي اصلاح اوضاع المسلمين فقط، اوهي انقاذ العالم بشكل عام ونحن نعرف ان هناك أزمات أخلاقية يطرحها التقدم الغربي، وأزمات اخلاقية يطرحها تأخر المسلمين، وإلى غير ذلك من الازمات المشتركة بين المسلمين والغرب؟
في رأيي تيار الاصلاح الإسلامي الآن عليه أن يساهم أولا في إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية، بمعنى مدنية لا يعني انها ليست اسلامية ولكن دولة تقوم على أن الارادة الكلية في صناعة القرار هي ارادة الشعوب، فحينما نبني الدولة الديمقراطية أولا فإن هذا سيكون مدخلا لعودة الإسلام كشريعة وكعقيدة وكقوانين، على المديين المتوسط والبعيد، هذه الأولى، ثانيا هو ان حركات الاصلاح الاسلامية عليها ان تفكر ايضا إلى جانب اصلا ح ذاتها من اجل النهضة، أن تساهم ايضا في إصلاح ذات الغير، فالغرب يعيش ازمة روحية كبيرة، يعيش مجاعة روحية ومهمتنا الآن ان نمده بالقيم التي تعيد الاعتبار للجانب الروحي عند الفرد الغربي، في رايي ان عودة الغربيين إلى الدين وإلى الإسلام بالدرجة الاولى هذا عامل مشجع على ان ننخرط في اصلاح العمران الغربي فالاستخلاف في الغرب استخلاف رغم قامته الكبرى، رغم هذه الثورات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والتنظيمية والتكنولوجية وهي حضارة عملاقة، حضارة الغرب حضارة عملاقة، فهمتنا اليوم ليست تدمير هذه الحضارة ولكن اصلاحها لاننا ملزمون كأمة شهادة ان نقدم المنظومة القيمية التي يحتاجها الغرب من اجل معالجة الاختلالات الكبري في البنيان الحضاري الغربي فالمسلمون موجودون في الاتحاد الاوروبي وفي امريكا، وبالتالي هم يجب أن يكونوا بمثابة سفراء امة الشهادة يقدمون بالسلوك وبالفكر وبالعمل تلك الشخصية الإسلامية المتوازنة ويكونون فاعلين في بيئاتهم، لا منفعلين، الاصلاح والاندماج والتفاعل الايجابي وكل هذا مهم في اننا نساعد على انقاذ انفسنا نحن وكذلك ايضا نساعد الغرب على انقاذ نفسه من هذه المجاعة الروحية التي تجتاحه لأكثر من قرن من الزمن.
هناك من يقول إن المفكرين الإسلاميين ينصب اهتمامهم على الناحية السياسية وعلاقة الدين بالدولة، بينما المجالات الأخرى مثل فلسفة الاصلاح فلسفة الأخلاق فلسفة الحضارة والعمران، يندرالمفكرون الإسلاميون المهتمون بها كيف يكننا ان نقدم الرؤية الفلسفية الاسلامية العامة لمناقشة ومحاورة ومطارحة الفلسفات الأخرى؟
الحركات الاسلامية جاءت كردة فعل تعرف ان حركة الاخوان المسلمين تاسست 1928 كرد فعل على سقوط الخلافة1924 يعني انه كان رد فعل سياسي مباشر فالحركات الاسلامية في القرن العشرين قدمت الكثير من الاصلاح التربوي والكثير من الاصلاح الثقافي والكثير من الاصلاح الفكري إلى جانب التركيز على القضية السياسية التي هي إعادة بناء دولة الخلافة وبالتالي قضية السلطة بالفعل تركيزها بشكل مفرط ادى إلى حدوث الكثير من الاختلالات وردود الفعل اتجاه الحركة الاسلامية، وانا معك في أننا مطالبون اليوم كمفكرين سياسيين وإسلاميين ان نعيد بناء صرحنا الفلسفي الاسلامي وهذا يتطلب مجهود قد يدوم عقود من السنين ولكنه ضروري لان بناء الاساس الفلسفي للحضارة والعمران والنهوض الحضاري سيساعد العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي على ان يكون عملا راشدا عملا سديدا وبالتالي اقول اننا بحاجة بالفعل إلى اعادة بناء منظومة فلسفية جديدة، يعني اننا بحاجة إلى ما اسميه بالفيلسوف الفقيه، ونريد بالفعل ان نكون علماء ومفكرين في الفقه وفي الشريعة اي فقه النص ولكن هذا غيركاف ففي رايي يجب ان نكون علماء في الفقه السياسي وفقه الاقتصاد، وفي فقه الحضارة وفقه التاريخ وفي فقه سنن حركات التاريخ لم لا أن نكون نجمع بين فقه النص وفقه الواقع برأيي أن هذا سيساعدنا على ظهور نخبة مثقفة أوسمها بالنخبة العالمة، الفقيه الاستراتيجي اوالفيلسوف الفقيه سيساعدنا على ابداء الافكار للنهضة لكن ان يكون فقيها متخصصا في علم الشرع وأميا في علم الاقتصاد والسياسة فلا يمكنه أن يفتي، لا يمكن أن يبدع أفكارا كبرى نحن بحاجة إلى ابن رشد جديد، وبحاجة إلى ابن خلدون جديد، ابن خلدون للقرن الواحد والعشرين، وابن رشد القرن الواحد والعشرين أي نحن بحاجة إلى فيلسوف فقيه .
بالملامح الكبرى كيف تختصرون ابرز انجازات الاصلاح الاسلامي في المجال الفكري والسياسي والدعوي ولمختلف جماعات واتجاهات العمل الإسلامي طيلة القرن العشرين الذي تحدثتم عنه ؟
الصحوة الاسلامية ليست جديدة اليوم ربما نعيش الجيل الرابع من الصحوة الإسلامية، الجيل الأول بدأ في القرن 18 مع الحركة السنوسية في شمال افريقيا ومع المهدوية في السودان ومع الوهابية في شبه الجزيرة العربية والجيل الثاني بدأ في القرن 19 مع محمد عبده والأفغاني ورشيد عيده، والجيل الثالث في القرن 20 وكان تياره العام الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية في الهند وغيرها، في رايي أن الجيل الرابع هو الذي ندخله نحن وان أهم جديد في الجيل الرابع هذا هو أننا لأول مرة نريد تركيبا محكما بين اسلامنا كعقيدة وشريعة وطريقة في التفكير، وبين حضارة الغرب ايضا في قيمها السامية، إن ما يجري الآن هو التعبير عن الجيل الرابع، والأجيال كلها قدمت اصلاحات في العقيدة قدمت اجتهادات في الشريعة قدمت طرائق التفكير في كل هذه الاجيال، ولا أظن ان الإصلاحات وان ركزت على البعد السياسي في الحركات الاسلامية وخصوصا في العالم العربي تناست باقي الاصلاحات في مجال التربية وفي مجال العقيدة وفي مجال الفقه أرى ان كل هذه المجالات مشمولة وحاضرة ... ولكن الجانب السياسي كان مفرطا جدا .. الان عدنا إلى السياسة في هذه الصحوة الديمقراطية الجارية ولكن علينا ان نعود من جديد إلى بناء الصرح الفكري الذي يساعد على الانتقال بالفعل من عصر الصحوة إلى عصر النهضة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.