أطلق كل من المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بإشراف وزارة الطاقة والمعادن سلسلة من الدراسات بتكلفة مالية تتجاوز 2 مليار سنتيم من أجل ما سمي ب «تسهيل عملية الدمج بين المؤسستين». وفي الوقت الذي مازالت تثار فيه الردود حول دواعي الدمج والقيمة المضافة، ينتظر أن تشكل نتائج تلك الدراسات التي تهم الجوانب القانونية والجبائية والمالية والتنظيمية أساسا «لتسريع عملية المصادقة من قبل المؤسسة التشريعية على المشروع النهائي للدمج». ومن بين مشاريع الدراسات التي «يلفها الغموض» حول مدى استيفائها لمقتضيات قانون الصفقات العمومية تلك التي أسندت إلى مركز دراسات مقرب من نافذ في السلطة. ومن أجل إنجاح مشروع القانون رقم 09-40 المتعلق بدمج المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء في مكتب واحد، تكلفت أربع مراكز دراسات أجنبية ومغربية بإعداد دراسات ستعرض على أنظار البرلمان. والهدف من إطلاق تلك الدراسات حسب مصدر من وزارة الطاقة والمعادن هو تسهيل السير العادي للمؤسستين في علاقتهما بالالتزامات المتعهد بها سابقا، ثم الحفاظ على السلم الاجتماعي داخل المؤسستين اللتين تشغلان 9700 إطار ومستخدم، ثم ضمان الإنتاج. وفي الجانب القانوني تكلف مركز دراسات أجنبي متخصص في قانون الأعمال بتكلفة مالية تتجاوز 600 مليون سنتيم، ومهمته دراسة إشكالية انتخاب المندوبين داخل المكتب الناتج عن عملية الدمج، ثم تحديد العوائق القانونية الناتجة عن اختلاف بعض المساطير القانونية بين التجربتين، ثم تحديد الصيغ القانونية لتدبير عقار المؤسستين. وفي الجانب الضريبي والمالي تكلف مكتب دراسات بإعداد صيغ لملاءمة الوضع الجبائي للمؤسسة الناتجة عن الدمج مع القوانين المعمول بها حاليا، مع البحث عن الطرق التي ينبغي التعامل بها في الجوانب المالية خلال الفترة الانتقالية. أما في ما يتعلق بالجوانب التنظيمية والمسطرية، فخصص لمكتب دراسات مبلغ 550 مليون سنتيم من أجل إعداد الشروط الكفيلة بتسهيل عملية الدمج، وكيفية تقريب أنشطة المؤسستين. في السياق ذاته، تم تفويت صفقة لمكتب دراسات «مينا ميديا كونسيلتينغ»، بقيمة مالية بلغت 750 مليون سنتيم، لإنجاز دراسة حول استراتيجية التواصل داخل القطاع الجديد. والهدف من الدراسة التي تضم تفاصيلها 17 بندا تحديد آليات التواصل المؤسساتي، ثم تدبير العلاقات بين مختلف المتدخلين في عملية الدمج. ويشار إلى أن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يعيش فترة استقلالية لماليته وتوازن مالي جيد مع مديونية خارجية فقط لا تتعدى 7.7 مليار درهم عكس المكتب الوطني للكهرباء الذي فاقت مديونيته الداخلية من المستحقة للدولة 19.6 مليار درهم، ومديونيته الخارجية 16.2 مليار درهم مع متم سنة 2007 وتطلب تدخل الدولة لإنقاذه من الإفلاس أواخر سنة 2008. ويفسر عدد من المراقبين عملية الدمج بالرغبة في توفير السيولة المالية للمكتب الوطني للكهرباء لتجاوز حالة العجز المزمن في ميزانيته، وأيضا تسديد تكلفة عملية إعادة دمج صندوق التقاعد الذي تبلغ كلفته 12 مليار درهم، وأيضا التمكن من الوفاء بعدد من الالتزامات المبرمجة في مخططه. لذلك تم تكليف علي الفاسي الفهري رئيس المؤسستين بإدارة المكتب الناتج عن الدمج، الذي تصفه الأوساط النقابية ب «الدمج القسري وغير المبرر». وكانت أصوات قد ارتفعت قبل عملية الجمع بين مكتبي الكهرباء والماء، مطالبة بإنقاذ المكتب الوطني للكهرباء، الذي كان يعاني من صعوبات مالية كبيرة، لم تخول له إنجاز الاستثمارات الكبيرة التي التزم بها، مشيرة إلى أن عملية الدمج ستساعد مكتب الكهرباء على الاندماج في الاستفادة من «مالية» المكتب الوطني للماء الصالح للشرب.