أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة أن الدستور يخول للملك تعيين عدد كبير من الموظفين الكبار مدنيين وعسكريين، وحيث يتوقف مصير هؤلاء على إرادة الملك فإنهم يبقون عمليا في منأى عن المساءلة من قبل أي هيأة أو سلطة أخرى فوقهم تراقبهم وتؤطر سلوكهم وتحدد مصيرهم على ضوء أدائهم. وهذه حالة عشرات المؤسسات العمومية التي تلعب دورا كبيرا في السياسات العمومية وتحدد مصير الناس ومستوى عيشهم وحالة الاقتصاد الوطني في عدد من القطاعات الحيوية. ولعل هذه البنية السياسية الدستورية والمؤسساتية تعد من أهم أسباب تعطل نظام النزاهة الوطني، وفق «ورقة إطار منجزة من لدن عبد العزيز النويضي، عرضت خلال لقاء الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة النظام الوطني النزاهة في المغرب: «تأملات أولية من منظور النظام السياسي والدستوري الراهن». وأكد المصدر ذاته أن المفتشية العامة للمالية تعد هيأة عليا للمراقبة المالية أنشئت بقانون 14 أبريل 1960 الذي يحدد اختصاصاتها، وهي تمارس مهاما واسعة للمراقبة والتدقيق في مصالح وصناديق ومحاسبة وأموال مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والشركات العمومية والمقاولات ذات الامتياز، كما تراقب تدبير المحاسبين العموميين والآمرين بالصرف والمراقبين للتأكد من من شرعية وصدقية وفعلية العمليات المسجلة في الحسابات وكذا تقييم جودة التدبير. وهي تراقب أيضا تدبير الشركات والنقابات والجمعيات وكل شخص معنوي يتلقى مساعدة مالية من الدولة أو من جماعة محلية. كما تدقق وتبدي رأيها في حسابات المشاريع الممولة من الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية في إطار التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف. ويمكن أن تسفر رقابة المفتشية العامة للمالية على إحالة بعض الحالات على المجلس الأعلى للحسابات أو على القضاء الجنائي تبعا لنوعية المخالفات، غير أن هذه الإحالة تتوقف على قرارات السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة المالية وبالوزراء المعنيين بالقضايا المثارة. إنها تتوقف على قرار سياسي في نهاية المطاف. ومن المؤسف أنه لا المفتشيات الخاصة بمختلف الوزارات، ولا المفتشية العامة للمالية لا تنشر أي تقرير عن أشغالها ناهيك عن التقارير التي تنجزها حول مختلف المؤسسات والإدارات. واعتبر المصدر نفسه أن المحاكم المالية تحركت منذ حوالي خمس سنوات بعد طول جمود فنشرت عددا من التقارير بداية من 2004 تبرز اختلالات التدبير في عدد كبير من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية والوزارات وملخصا للملاحظات والاقتراحات المتعلقة بتحسين تسيير المالية العامة وبتدبير المرافق والأجهزة التي شملتها المراقبة. وجاء في مقدمة تقرير 2009 على أنه « يمكن تلخيص النواقص التي تعتري تدبير المال العام في أربعة إشكاليات أساسية. ولم تبدأ، الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، عملها إلا في بداية 2009، ولهذا فكل حكم عليها يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جملة من المعطيات لعل من أبرزها ضعف الإرادة السياسية الأولية التي حكمت خلفية إحداثها والتي تحكمت في سلطاتها ووسائل عملها. وتميز نظام النزاهة المغربي - الذي يرتبط بمختلف الفاعلين والمؤسسات الذين يمكن أن يكون لهم ثأثير (إيجابي أو سلبي ) على ممارسات وثقافة الفساد - خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم الملك محمد السادس بما يمكن أن نسميه لا مسؤولية منظمة وباتساع حقل الإفلات من العقاب وشلل أغلب مؤسسات الرقابة أمام رشوة مستشرية حسب مؤشرات مختلف المؤسسات الوطنية والدولية. فالدستور والممارسة السياسية ببلادنا لا يربطان السلطة بالمحاسبة. الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة جمعية ذات منفعة عامة