«الدستور والممارسة السياسية ببلادنا لا يربطان السلطة بالمحاسبة» هذه أبرز عنوان يجسد نظام النزاهة في المغرب وفق ورقة إطار منجزة من قبل ترانسبارنسي المغرب. واعتبرت الهيأة في إطار يوم دراسي نظم يوم الخميس 14 ماي 2011 أن نظام النزاهة المغربي ينخرط في ما يمكن «أن نسميه لا مسؤولية منظمة، وباتساع حقل الإفلات من العقاب، وشلل أغلب مؤسسات الرقابة أمام رشوة مستشرية». وفي هذا السياق، وأبرز عز الدين أقصبي أستاذ الاقتصاد وعضو ترنسبارنسي، أن وضعية النزاهة في بلادنا» جد سيئة وكارثية» والفساد في المغرب ذو شكل بنيوي، مبرزا في حديث مع «التجديد» أن وضع حد لكل أوجه الفساد يتطلب معالجة دستورية لعدد من القضايا، أبرزها قضية الإفلات من العقاب، ونظام المساءلة. وقال أقصبي «هناك في المغرب من يتلاعب بالمال العام دون حسيب ولا رقيب، بل إن يد التفتيش والافتحاص لا تصل أبدا إلى بعض الصناديق والمؤسسات». ومن جانب آخر، أكد أقصبي أن المعالجة «يجب أن تمتد إلى تعديل الفصل 30 من الدستور والمتعلق بمسألة التعيينات في المناصب»، في اتجاه «يربط بين المسؤولية والمحاسبة وإخراج منطق التعيينات من معطى الولاءات». كما شدد أقصبي على أن إصلاح نظام النزاهة في المغرب «يتطلب أيضا وضع حد للتداخل بين المال والسلطة في أشكالها الملتبسة». فمن منظور النظام السياسي والدستوري الراهن، اعتبرت ورقة الإطار أن الهندسة الدستورية والممارسة الانتخابية الحالية في المغرب «لا تترك دورا كبيرا للحكومة والبرلمان دورا حاسما أو ملموسا في تدبير الشأن العمومي وفي ممارسة رقابة فعالة على المال العام». فالحكومة لا تمارس الحكم الفعلي، أما المؤسسة البرلمانية فهي ضعيفة السلطات دستوريا مما لايخول لها ممارسة قوية ومنتظمة لدور الرقابة. أما القضاء فإن أغلب الدراسات تبرز أنه يعد من أكثر القطاعات فسادا بمختلف مكوناته من قضاة ومحامين وخبراء وشرطة قضائية ومسؤولين بوزارة العدل. وبخصوص أجهزة ومؤسسات الرقابة الحكومية والرسمية، خلصت ترانسبارنسي إلى أنه «من المؤسف أنه لا المفتشيات الخاصة بمختلف الوزارات، ولا المفتشية العامة للمالية لا تنشر أي تقرير عن أشغالها ناهيك عن التقارير التي تنجزها حول مختلف المؤسسات والإدارات»، كما أن عملها يظل مرتبطا دائما بطبيعة القرار السياسي. ومن مفارقات الممارسة الرقابية في هذا الصدد أن وزارة الداخلية، التي لها أفضلياتها السياسية، تمارس رقابة على أداء الجماعات المحلية التي تسيرها الأحزاب وهو وضع لا يطمئن لوجود رقابة محايدة. ويمكن تلخيص النواقص التي تعتري تدبير المال العام في أربع إشكاليات أساسية، أولا إشكالية الحكامة، ثانيا إشكالية جودة الإنفاق العمومي، ثالثا إشكالية نجاعة الطلبيات العمومية ورابعا، إشكالية الموارد البشرية. هذا الوضع يعود وفق التحليل ذاته إلى عنصر أساسي متمثل في»غياب إرادة سياسية لتفعيل استراتيجيات محاربة الفساد، مع تكرار الوعود بالإصلاحات». ذلك أن «البنية السياسية الدستورية والمؤسساتية تعد من أهم أسباب تعطل نظام النزاهة الوطني».