«إنها محاولات للتهرب من المراقبة والمحاسبة» إلى هذه العبارة أرجع وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش ما يدور من تجاذبات داخل قطاع الصيد البحري. وشدد أخنوش، خلال لقاء خاص مع الصحافة أول أمس الإثنين، على أن اللوبيات التي تعرقل إصلاح قطاع الصيد تقف أساسا «ضد منطق مراقبة قطاع البواخر عبر الأقمار الاصطناعية، وهو برنامج اعتمدته الدولة لمراقبة تحركات البواخر بتكلفة مالية تقدر سنويا بنحو 82 مليون درهم». في هذا السياق يتساءل المهتمون بالقطاع: هل تؤدي التجاذبات بين أصحاب المصالح واللوبيات داخل القطاع إلى إفشال مخطط «أليوتيس» الذي عرض أمام جلالة الملك في 29 شتنبر 2009؟ وتعتبر وزارة الصيد البحري أن لوبيات مستفيدة من الوضع الحالي تقوم «عبر الركوب على المطالب الاجتماعية العادلة لشغيلة القطاع» بمساعي حثيثة لإفشال مشروع إصلاح قطاع الصيد البحري المجسد في مخطط «أليوتيس». وبالمقابل أكدت من الجمعيات العاملة في القطاع والتي خاضت وقفات خلال هذا الأسبوع بعدد من موانئ الصيد (أكادير، الداخلة، العرائش..) على أن الثروة السمكية ملك وطني، مطالبة ب `»فتح تحقيق شفاف ومسؤول حول الأضرار التي تعرض لها المخزون السمكي وتحديد المسؤوليات من أجل الحفاظ على ما تبقى من هذا المخزون». مشددة على أن مخطط «أليوتيس» ما هو إلا هدر للمال العام استفادت منه مكاتب الدراسات و شخصيات محدودة متنفذة وذات نفوذ. ويتضمن مخطط «اليوتيس» في صيغته» الرسمية» برنامجا لرفع عدد مناصب الشغل إلى 115 ألف منصب في مقابل 61650 منصب حاليا، إلى جانب زيادة قيمة صادرات منتجات البحر إلى أكثر من 3 مليارات دولار، سنة 2020، مقابل مليار دولار خلال سنة 2007. وفي قراءته لحالة القطاع، اعتبر عبد القادر اعمارة، باحث متخصص في قطاع الصيد البحري، أن «وجود الفساد في القطاع أصبح أمرا مسلما به من قبل الجميع»، معتبرا في حديث ل «التجديد» أن «وضع حد لمظاهر الفساد المستشرية في القطاع، ورخص الصيد إحدى تمظهراته، تتطلب إرادة سياسية قوية، إضافة إلى تدبير القطاع بشفافية أكبر من خلال فرض نمط تدبير نزيه للرخص عبر دفاتر التحملات. وشدد اعمارة على أن المعالجة الكارثية للقطاع انعكست سلبا على الوضعية الاجتماعية للبحارة، وأدت إلى هشاشة البنيات التحتية وكارثية وضعية المصايد». وقال اعمارة «إذا استمر التدبير العشوائي الحالي للقطاع 10 سنوات أخرى فلن يجد المغرب ما يصطاده من السمك». مشددا على أن «المغرب لم يستثمر 3500 كيلومتر من سواحله، بل إن الصيد أصبح مقتصرا على السواحل الجنوبية فيما الأسماك اختفت من السواحل الشمالية». وهذا نتيجة طبيعية، وفق اعمارة، للفساد الذي صاحب تدبير القطاع لعقود. أما عن مخطط «أليوتيس»، فشدد اعمارة على أن المخطط مقبول، لكن الوضعية الحالية تتطلب أمرين: أولا الاستمرار في تنفيذ برامج المخطط «ذلك أن القطاع يوجد بين الحياة والموت ووجود مخطط خير من عدمه بالرغم من أن المخطط تمت المصادقة عليه خارج المسار الدستوري». الأمر الثاني: فتح نقاش وطني موسع مع الفاعلين وشغيلة القطاع. إن أهم شيء ينقص القطاع، حسب عمارة، هو «غياب الصرامة»، فالمطلوب أن يحس الجميع بأن «سيف القانون مسلط عليهم بالرغم من نفوذهم أو مدى ارتباطهم بدوائر القرار السياسي ببلادنا». وفي الوقت الذي تتحدث فيه الوزارة عن لوبيات معرقلة للإصلاح، تخوض شغيلة قطاع الصيد الساحلي بعدد من الموانئ المغربية إضرابات متتالية من أجل تحسين الظروف الاجتماعية للعاملين في القطاع. حركة احتجاجية دعت إلى تنظيم مسيرة تحت شعار «ضد الحكرة « بعدد من موانئ الصيد وخاصة ميناء أكادير. وفي السياق ذاته نظمت جمعيات الصيد البحري، أول أمس بميناء الداخلة، وقفة احتجاجية للتحسيس بضرورة الحماية والاستغلال المعقلن للثروة السمكية. وأثار المشاركون في هذه الوقفة الانتباه إلى الأضرار التي يتعرض لها المخزون السمكي بالجهة بسبب الاستنزاف، مشددين على ضرورة اتخاذ التدابير المناسبة من أجل ضمان حماية ومراقبة هاته الموارد.