- السيد عبد الرحمان اليزيدي، أسندت وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى أحد مكاتب الدراسات إنجاز دراسة حول قطاع الصيد البحري، يبدو أن وقت الإصلاح قد أزف.. < يجب أن نذكر بأن وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، التزم بمجرد توليه ّأمور هذه الحقيبة بأن يعلن عن استرتيجيته الجديدة الخاصة بقطاع الصيد البحري. لكنه وجب الانتظار إلى حدود شهر أبريل الماضي كي تعلن الوزارة عن طلب عروض من أجل بلورة دراسة مندمجة. وتبين أن طلب العروض لم يفز به أي مكتب دراسات، ربما لأنه لم يلق الاهتمام المنتظر. وفي الشهور الأخيرة أطلقت الوزارة طلب عروض جديد، وقد أعلن عن المكتب الفائز به في الأسبوع الماضي. وزير الفلاحة والصيد يردد دائما أنه لا يقوم بأي شيء في أي قطاع قبل وضع دراسة استراتيجية، على ضوئها تتخذ القرارات الواجبة. وأنا لدي بعض الملاحظات حول ما أعلن عنه. فقد عين أخنوش وزيرا للفلاحة والصيد البحري في أكتوبر 2007. غير أننا رأينا أنه بادر إلى إنجاز دراسة حول الفلاحة وتقديمها في مناظرة مكناس، بينما لم يلتفت إلى الصيد البحري إلا اليوم، حيث بالكاد أعلن عن المكتب الذي سيتولى إنجاز الدراسة والذي يتوفر على بضعة شهور كي يقدم الدراسة النهائية. وهذا يؤشر على تفاوت في الأهمية التي يوليها للقطاعين اللذين يشرف عليهما. وثمة ملاحظة أخرى تتمثل في كون الوزير قال إنه يؤكد أنه لن يتخذ أي إجراء قبل إنجاز الدراسة، غير أننا لاحظنا أنه أعلن عن برنامج كبير في الأشهر الأخيرة لعصرنة الصيد الساحلي، والذي يهم 8000 باخرة. هذا البرنامج انطلق في عهد الوزير الساهل وأوقفه الوزير الخياري لأنه وقف على تجاوزات شابته. وتواصل تعليق البرنامج على مدى عشر سنوات بعد ذلك، غير أن أخنوش بعثه من جديد على إثر الإضراب الذي خاضه قطاع الصيد الساحلي هذه السنة. هذا البرنامج أطلق في ظل غياب استراتيجية وفي ظل عدم وجود معايير وطنية لبناء بواخر الصيد في المغرب. في نفس السياق، نلاحظ أن الوزير لم يبد نفس الحرص في تطبيق القانون الجاري به العمل من قبيل تطبيق بنود مخطط تهيئة مصايد الأخطبوط، مما يعني أن خطاب الوزير حول عدم الإقدام على اتخاذ أي إجراء قبل بلورة استراتيجية لم يكن دقيقا. - لكن ما كان على الوزير أن ينتظر الاستراتيجية، فاتخاذ قرارات وإجراءات لفائدة القطاع من صميم مهمته.. < أنت ترى أن هناك أمورا لم تكن تحتاج إلى انتظار الدراسة، فهناك تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مثلا، الذي لاحظ مجموعة من الاختلالات في تدبير القطاع وأوصى بمجموعة من الحلول التي لم تأخذها الوزارة بعين الاعتبار، بحيث لا يفترض أن يأتي مكتب دراسات كي يبرز لنا مكامن الخلل. فتقرير المجلس وقف عند اختلالات آنية يهدر بسببها المال العام، منها ما يتعلق بالبنزين المدعم ومنها ما يهم التهريب. - ما هي انتظاراتكم من هذه الدراسة؟ < لا يعاني القطاع من أزمة مشاريع أو قلة في الدراسات، بل يعاني من أزمة تدبير حقيقية. نحن نلح على ضرورة أن يتواصل منجزو الدراسة مع الجميع بدون استثناء، وألا يقصى البحارة. وننتظر أن ينصب اهتمامهم على عمق المشاكل، بما يسمح بجعل تدبير الوزارة للقطاع متسما بالحكمة والمسؤولية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق دون التحرر من تأثير اللوبيات في الوزارة التي يفترض أن تكون رسالتها حماية الثروة السمكية ومناصب الشغل في القطاع وحماية وحدات الصيد. إذن، يفترض في الدراسة أن تتناول الاختلالات الكبيرة التي يعاني منها القطاع والناجمة، في أغلب الأحيان، عن العجز عن تطبيق القانون الذي من تجلياته ما رأيناه من كون برلماني بأكادير اكتشفت لديه شحنة أخطبوط مهرب خلال فترة الراحة البيولوجية، حيث اكتفت الوزارة بمتابعة صاحب الشاحنة وسائقها ولم تزعج صاحب وحدة التجميد. سلوك كهذا من شأنه أن يقوي مواقع التهريب وشبكات المصالح، مما يعني أن الدراسة يجب أن تعالج المشاكل الحقيقية، لأن قطاع الصيد البحري يشكل دولة داخل الدولة العاجزة عن معاقبة ذوي النفوذ، فالجميع يعلم ما اقترفته شركة «مارونا «التابعة لمجموعة «أونا» قبل نهاية الراحة البيولوجية الأخيرة، حيث ضبطت لديها شباك غير قانونية، غير أن الوزارة لم تتحرك، وقد تكتفي بالغرامة دون أن تحيل الملف على القضاء كي يقول كلمته فيه، لذلك يجب تحرير الوزارة من هيمنة اللوبيات. - في نهاية المطاف، الدراسة لن تضع، في أحسن الحالات، سوى خارطة طريق، بينما تحرير القطاع من اللوبيات يحتاج إلى إرادة حقيقية للتطبيق.. < هناك في قطاع الصيد البحري ما يكفي من الدراسات، ولا أدل على ذلك من الافتحاص الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، والتي لو أخذت بعين الاعتبار لتمكنا من معالجة العديد من الاختلالات. لا اعتراض لدينا على إنجاز دراسة أخرى من قبل المكتب الذي اختارته الوزارة إن كانت ستتناول المشاكل الحقيقية، علما بأننا لاحظنا أن الوزير لا يولي للصيد البحري نفس الاهتمام الذي يخص به الفلاحة، فقد عبأ جميع الإمكانيات من أجل إعداد المخطط الأخضر الخاص بالسياسة الفلاحية، بينما يتوجب على قطاع الصيد الانتظار شهورا طويلة. - هل تتوقعون أن يستشار ممثلو البحارة أثناء إنجاز الدراسة.. < الوزارة اعتادت في تدبيرها للقطاع على إقصاء العاملين في البحر، فمخطط تهيئة مصايد الأخطبوط وضع في غياب ممثلي رجال البحر، بحيث ضمن أشياء مناهضة لمصلحتهم من بينها نظام الحصة والتحويل بين البواخر، علما بأن المنظمات الدولية تلح على المقاربة التشاركية . سياسة الإقصاء مازالت سارية، حيث إن الوزير عندما اختار شرح البرنامج الجديد الخاص بالصيد الساحلي اختار المرور عبر غرف الصيد البحري التي لا يؤمها قانون سوى المجهزين. ويجب أن نشير إلى أن الدراسة التي سينجزها مكتب الدراسات ستتم على أساس دفتر تحملات، ونحن نتخوف من ألا تضع في برنامجها استطلاع رأي البحارة عبر ممثليهم.