انتخاب البكوري نائبا أولا لرئيس مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    بوريطة يتعهد بالتصدي لسماسرة مواعيد تأشيرات "شينغن"        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    كيوسك الإثنين | الخارجية تكشف عن الإجراءات المتخذة لمكافحة "سماسرة" الفيزا    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    شمس الحقيقة ستسطع مهما طال ليل التعتيم    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    محام صنصال: الجزائر تنتهك الحريات    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وطن عربي يجب أن يتحرر وينهض - بقلم منير شفيق
منير شفيق
نشر في التجديد يوم 09 - 05 - 2011

سكان البلاد العربية الذين يشكلون أمّة العرب استقبلوا بأغلبيتهم الغالبة ما حدث من ثورتيْن شبابيتين شعبيتين في تونس ومصر بتأييد وحماسة منقطعتيْ النظير.
وقد ترجم ذلك في عدد من البلدان العربية الأخرى بنزول جماهيري إلى الشارع. ووصل بعضها إلى حدّ شبيه بما حدث في تونس ومصر من حيث الزخم الجماهيري وكذا من جهة المناداة برحيل الرئيس وإسقاط نظامه. وهو ما عرفته ليبيا واليمن.
أما بعضها الآخر فقد اتخذ شكل مظاهرات واسعة أو احتجاجات أو إرهاصات تطالب بإحداث إصلاحات أساسية في النظام، مثلاً تحويل أقطار ملكية إلى ملكية دستورية، أو إصلاحات على مستوى إلغاء قوانين الطوارئ وإطلاق الحريّات العامّة والذهاب إلى الاحتكام الحزبي التعدّدي لصناديق الاقتراع.
حدث هذا كله خلال ثلاثة أشهر، وما زال متواصلاً، وإن أخذ يرتطم بنمط من المقاومة المضادّة المسلحة راحت تهدّد بالحرب الأهلية وبحمامات الدم، وتفتح القطر المعني، عن وعي، أو دون وعي، عن قصد أو دون قصد، للتدخل الخارجي. ولعلّ أبرز مثاليْن نجدهما في ليبيا واليمن.
ففي ليبيا قرّر معمر القذافي أن يستخدم كل ما لديه من قوّة عسكرية، وأعلن قراراً بسحق المدن والبلدات التي انضمت إلى الثورة الشعبية السلمية، واعتبر كل من عارضه جرذاً، واحتجّ مستشهداً بكل من دمّر خصوماً بالإبادة العسكرية كروسيا والصين وأميركا.
وقد جاء ذلك في مرحلة اتسّمت بانضمام قوى أمنية وعسكرية ضعيفة الإمكانات إلى الثورة الشعبية. الأمر الذي أدّى إلى أن تجد القوى الشعبية نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها بالسلاح أو تقبل بملاحقتها بيتاً بيتاً واجتثاثها واستباحتها، وهي مصرّة على سلمية تحرّكها.
إنه لمن البدهي أن الثورة الشبابية الشعبية في ليبيا كانت ستأخذ المسار نفسه الذي اتخذته الثورتان في تونس ومصر لو كانت ردود القذافي وقواته المسلحة كتلك التي عرفتها التجربتان التونسية والمصرية. ولانتصرت ثورة ليبيا كذلك، ولما فُتِح الباب على مصراعيْه للتدخل الأميركي-الأطلسي.
أما من يسوّغ للقذافي موقفه وممارسته فعليه أن يسقط من الحساب حق الشعب في الثورة السلمية.
وما قيل في هذا الجانب بالنسبة إلى ليبيا يمكن أن يُقال بالسهولة نفسها عن اليمن. ولكن في اليمن أيضاً ثمة قرار عند علي عبد الله صالح أن يتحدّى الملايين من المطالبين برحيله ولو أدّى ذلك إلى الحرب الأهلية وتمزيق اليمن وصوملته، فضلاً عن فتح الباب على مصراعيْه للتدخل الأميركي كذلك.
إن ما حدث في تونس ومصر، ولا سيما مصر، وانتقال الحراك الشعبي الذي كاد يغطي كل الخريطة العربية، أفزعا أميركا والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي، بل أفزعا كما يبدو حتى روسيا والصين والهند ومن انضمّ إلى جبهة الدفاع المباشر أو غير المباشر عن القذافي وعلي عبد الله صالح من نخب وأنظمة ورؤساء وملوك وأمراء.
إن وقوف المارد العربي على قدميْه من خلال ثورات شبابية شعبية لا يعرف أحد إلى أين سينتهي مسارها، إذا ما قدّر لها النجاح، ولا سيما إذا ما ذهبت في طريق تحرير الإرادة العربية والوحدة العربية، لا يسهل ابتلاعه بالنسبة إلى كل الدول الكبرى وفي المقدّمة أميركا والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي.
هذا يعني أن العالم الذي بناه الاستعمار القديم وكرسّته الإمبريالية والحرب الباردة بتجزئة العرب وزرع الكيان الصهيوني في وسطهم، وإحكام السيطرة على ثرواتهم وحراكهم، بل إخراجهم من التاريخ سوف يتداعى، أو قد راح يتداعى. وذلك إذا لم يوضع حد لثورة الشعب.
من ينظر إلى الخريطة العربية من المحيط إلى الخليج ومن يتأمّل ما يربط بين سكانها من مشتركات ممهورة بالدين والحضارة والثقافة والتاريخ واللغة والمصالح المشتركة وما تمتلكه من ثروات ومن طاقات بشرية وإنسانية، ومن موقع إستراتيجي عالمي، ومن مكانة إسلامية وأفريقية وآسيوية ومتوسطية، لن يصعب عليه أن يدرك كل ذلك الفزع الذي راح يهز عالم أميركا والصهيونية وأوروبا وحتى الدول الكبرى الأخرى.
لذلك يجب أن تتوقف هذه الثورة العربية، بداية في ليبيا واليمن، ليصار أو ليسهل إجهاضها في تونس ومصر بعد انتصارهما.
أما على مستوى الأنظمة العربية الأخرى، ولنقل أغلبها، فإن مشهد حسني مبارك وزين العابدين ونظاميْهما وهما يتهاويان، والأنكى مشهد ملاحقتهما والأسرتيْن الكريمتيْن والبطانة في قضايا الفساد والتحريض على القتل، فقد جعل وقف هذا المدّ للثورة الشبابية الشعبية ضرورة بل مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى تلك الأنظمة. هذا ومن دون ذكر ما حمله من فزع مشهد حسني مبارك ونجليْه وزوجته وهم يساقون للتحقيق والسجن.
هنا حدث تقاطع عالمي وإقليمي وعربي، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في العلن أو في الخفاء، لدعم القذافي وعلي عبد الله صالح ليكونا في الصف الأمامي لوقف هذا المدّ الشعبي الثوري الخطير، أو في الأقل تأزيم الوضع لتدبير أمر المرحلة القادمة وابتزاز القادمين الجدد وهم تحت سيف الحرب الأهلية.
من هنا بدأت مرحلة جديدة من التعقيد والمخاطر، فما كان تحقيقه سهلاً نسبياً في تونس ومصر أصبح من الآن فصاعداً دونه خرط القتاد. أي دونه حروب أهلية وربما تمزيق لوحدة القطر وإغراقه بالدم ودونه التدخل الأميركي الأوروبي سواء أكان على الطريقة الليبية أم اليمنية أم غيرهما.
على أن المهم قبل الحديث عن المخاطر المترتبّة على الوضع العربي منذ لحظة انتقال القذافي لسحق الثورة والتدخل الأميركي الأطلسي في ليبيا وما حظي به هذا التدخل من غطاء الجامعة العربية والمجلس الوطني الانتقالي، وما سيترتب على ذلك من كوارث وسلبيات، فإن من المهم أن نسجّل النصر الكبير الذي حققته الثورتان في تونس ومصر، ولا سيما مصر.
الأمر الذي يسمح بالقول إن الجانب الإيجابي في الوضع العربي وميزان القوى العام غالب مع ما يمكن أن ينشأ من مخاطر وسلبيات. فخلاص مصر من حسني مبارك ونظامه، ومن ثم استيقاظ المارد على أرض الكنانة هو الحاسم إستراتيجياً في ما حدث من متغيّرات منذ بداية عام 2011 حتى الآن.
لأن كل انتكاسة قد تحدث هنا أو هناك خارج مصر التي تحرّرت إرادتها أو هي في الطريق لتحريرها، تظلّ محدودة أو في الريش كما يقولون. ولكن لهذا حديث آخر. لقد أشير إليه لئلا تزوغ الأبصار ويُرمى ستار التشاؤم على الثورة الشبابية الشعبية العربية بمجموعها.
وبهذا أخذ الوضع يتعقّد كثيراً بعد قرار مجلس الجامعة العربية بإحالة المجازر التي راح معمر القذافي يرتكبها بحق الشعب إلى مجلس الأمن، وترحيب المجلس الوطني الانتقالي بذلك وبالتدخل العسكري الأميركي الأوروبي، فالأطلسي بدلاً من أن يكون الحلّ ليبياً عربياً إسلامياً بحيث تقاتل فيه بنغازي وتدافع عن نفسها كما فعلت وتفعل مصراتة والزنتان وقد استمرتا في الصمود والقتال تحت الحصار والقصف في ظل التدخل العسكري وتواطئه.
لقد تبيّن أن الاستنجاد بمجلس الأمن والتدخل العسكري الأميركي الأوروبي الأطلسي زاد من محنة قتل المدنيين، وأدخل الثورة في مأزق خطير من الابتزاز والمساومة واختراق العملاء.
من غير الصحيح القول إن المجلس الوطني الانتقالي والجامعة العربية لم يكن أمامهما غير خيار الاستنجاد بمجلس الأمن والتدخل الخارجي، فخيار المقاومة والنموذج الرائع الذي قدّمته عملياً مصراتة والزنتان وغيرهما مع دعم عربي شعبي وتسلحي ما أمكن ودعم رأي عام عالمي واسع، كان بديلاً.
وهذا يجب أن يُقال، بلا مزايدة، بالنسبة إلى كل من يُقدِم على الثورة السلمية أو غير السلمية. فالاستعانة بذلك الخارج يجب أن تسقط من الخيار. وما ليبيا إلاّ دليل آخر.
بالتأكيد هذا يجب ألاَ يغيّر من الموقف الحازم إلى جانب ثورة الشعب في ليبيا وتأييدها، بلا تردّد، في هدف تنحية القذافي ونظامه كما في الآن نفسه، شجب وإدانة التدخل الخارجي لمجلس الأمن ولأميركا وللأطلسي.
وأما بالنسبة إلى القذافي فيجب أن يوضع في عداد المستسلمين لأميركا منذ العام .2003 وقد سلّمها كل أوراقه ولعب دوراً خطيراً في فصل جنوب السودان عن شماله وسعى لتكرار ذلك في دارفور.
وأخيراً اعتبرها ''خانته'' وذكرها أن ذهابه ''سيشكل خطراً على إسرائيل''. وقد أعلن أنه وضع 34 مليار دولار لديها وحوالي 20 مليارا في بريطانيا. واعتمد توني بلير مستشاراً براتب خيالي.
أما المجلس الوطني الانتقالي، ومع تقدير ظرف تشكّله، فإن عليه أن يعيد تقويم موقفه ويستبعد من صفوفه كل الطارئين على الثورة ممن أتوا من الخارج وسعوا إلى التدخل الخارجي رغبة فيه، وعن سبق إصرار وتصميم. وقد راحوا يدعون الآن لتدخل خارجي برّي ليزيدوا الطين بِلّة في تشويه صورة الثورة البطلة.
وإن الأمر لكذلك في ما يجب أن يحافظ على الوقوف الحازم إلى جانب الثورة الشبابية الشعبية البطلة في اليمن وهي تواجه الرصاص بالصدور العارية، وتحافظ على رباطة جأشها في عدم الانجرار إلى المقاومة بالسلاح، كما في هدفها لتنحية علي عبد الله صالح ونظامه.
أما في البلدان الأخرى فلا بدّ من دعم الانتفاضات أو المظاهرات الشبابية الشعبية المطالبة بالإصلاح في ظل إبقاء باب الحوار مفتوحا.
وفي سوريا على الخصوص التي لعبت دوراً هاماً جداً في احتضان المقاومة الفلسطينية ودعم المقاومة وتسليحا في لبنان بل ومشاركتها عملياً في حرب ,2006 فضلاً عن دورها في دعم المقاومة في العراق وممانعة الشرق أوسطية والوقوف إلى جانب إيران وتركيا، فإن تحقيق الإصلاح وفتح باب الحوار والتراضي والحيلولة دون التأزيم الذي تدفع إليه أميركا هو الطريق لإنقاذ الوضع من التدهور والمؤامرات.
وبكلمة الوطن العربي يجب أن يتحرّر من التبعية والاستبداد والفساد ليسير على طريق الحريّة والوحدة والعدالة الاجتماعية. والأمّة العربية يجب أن تنهض لتحتلّ مكانها اللائق بها إسلامياً وعالمياً. ولا حريّة ولا كرامة للعربي أو للمسلم ما لم تحرّر فلسطين وتستنقذ القدس ويعود اللاجئون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.