لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ذكر إسماعيل بن أبي أويس قال: سئل مالك عن رجل خطب امرأة وركنت إليه، واتفقا على صداق معروف حتى صارت من اللواتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه"؟ قال: قال مالك: إذا كان هكذا فملكها رجل آخر ولم يدخل بها فإنه يفرق بينهما وإن دخل بها مضى النكاح، وبينما صنع حين خطب امرأة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخطب على تلك الحال. قال: وسمعت مالكا يقول: أكره إذا بعث الرجل رجلا يخطب له امرأة أن يخطب الرسول لنفسه، وأراها خيانة. قال: ولم أسمع أحدا أرخص في ذلك. قال أبو عمر ابن عبد البر : ذلك عندي على أنه لم يذكر الرجل والجواب له، ولو ذكره وذكر نفسه لم يكن بذلك بأس على حديث عمر المذكور والله أعلم. ولم يختلف العلماء في أنه إذا لم يكن ركون ولا رضى أن النكاح جائز. واختلفوا إذا وقع النكاح مع الثاني بعد الركون إلى الأول والرضى به، فقول مالك ما ذكرنا، وقد روي عنه أنه يفسخ على كل حال، وروي عنه أنه لا يفسخ أصلا. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وقول الشافعي: إنه لا يفسخ، واختلف عنه هل هو عاص بفعله ذلك أم لا؟ وقال داود: يفسخ النكاح على كل حال، وقال ابن القاسم: إذا تزوج الرجل المرأة بعد أن ركنت إلى غيره فدخل بها فإنه يتحلل الذي خطبها عليه ويعرفه بما صنع، فإن حلله وإلا فليستغفر الله من ذلك، وليس يلزمه طلاقها، وقد أثم في ما فعل. وقال ابن وهب: إن لم يجعله الأول في حل مما صنع فليطلقها، فإن رغب فيها الأول وتزوجها فقد برىء هذا من الإثم، وإن كره تزويجها فليراجعها الذي فارقها بنكاح جديد، وليس يقضي عليه بالفراق. وقال ابن القاسم إنما معنى النهي في أن يخطب الرجل على خطبة أخيه في رجلين صالحين، وأما إذا كان الذي خطبها أولا فركنت إليه رجل سوء، فإنه ينبغي للولي أن يحضها على تزويج الرجل الصالح، الذي يعلمها الخير ويعينها عليه. قال أبو عمر: تحصيل مذهب مالك في نكاح من خطب على خطبة أخيه في الحال الذي لا يجوز له أن يخطب فيها، أنه إن لم يكن دخل بها فرق بينهما، وإن كان دخل مضى النكاح وبئس ما صنع. وقال الشافعي: هي مصيبة ويستغفر الله منها، والنكاح ثابت دخل أو لم يدخل، وهو مع هذا مكروه لا ينبغي لأحد أن يفعله، وبمثل ما قال الشافعي يقول أبو حنيفة وأصحابه وجماعة، وهو القياس. لأن النكاح لو كان فاسدا منعقدا لم يصح بالدخول، وعلى أصل مالك إنما يصح بالدخول من النكاح ما كان فساده في الصداق، وأما ما كان فساده في العقد فمحال أن يصح بالدخول، والنكاح مفتقر إلى صحة العقد، وقد ينعقد مع السكوت عن الصداق فافهم. عن كتاب التمهيد لابن عبد البر الجزء: 13 الصفحات: 21 إلى .25