اعتبر السيد عبد الهادي بوطالب أن خيار المقاومة المسلحة بالنسبة للشعب الفلسطيني هو الكفيل في المرحلة الراهنة بتقويض رغبة الصهاينة في تصفية القضية الفلسطينية، وأوضح السيد بوطالب في محاضرة ألقاها الثلاثاء 9 أبريل بالرباط تحت عنوان: طبيعة القضية الفلسطينية وسيرورتها" بمبادرة من اتحاد كتاب المغرب وبتنسيق مع منشورات الزمن، أنه يجب أن يقترن هذا الخيار خلال الظروف العصيبة الحالية التي تجتازها هذه القضية بتوحد جميع فصائل المقاومة ودخولها في السرية والاستقلالية عن السياسيين وأكد أن من شأن ذلك إعطاء فعالية أكبر للكفاح المسلح ومفاجأة الصهاينة، مذكرا أن تجارب المقاومة في العالم أثبتت على الدوام أن حروب التحرير لايمكن أن تهزم أبدا، وأبرز خلال هذه المحاضرة التي حضرها سفير دولة فلسطين بالمغرب السيد أبو مروان أن الجانب الثقافي والفكري يشكل بدوره جزء هاما في عملية المقاومة هاته مشددا على ضرورة قيام الباحثين والمتخصصين ب" تعرية واقع المجتمع الصهيوني المرتكز على نشرأسطورة المسألة اليهودية واستغلال المعتقدات الدينية لأهداف سياسية. وقدم السيد بوطالب قراءة تاريخية موجزة للقضية الفلسطينية والآليات التي ارتكز عليها مشروع إنشاء الدولة اليهودية كوطن ليهود الشتات مجددا التأكيد على أن إنشاء "إسرائيل" كان نتيجة لاتفاق القوى الاستعمارية عقب الحرب العالمية الثانية بهدف زرع كيان دخيل في المنطقة العربية يعهد إليه بمهمة تقويض وحدة ونمو الشعوب العربية وإهدار ثرواتها، واعتبر أن النظام العسكري الصهيوني الحالي الذي يقوده آرييل شارون يحكم بالاعتماد على الأصولية اليهودية موضحا أن أسطورة المسألة اليهودية تستند على أربعة محاور تتمثل أساسا في الخرافات والعنصرية والاستعمار الاستيطاني، وكذا التوسع على حساب سيادة الدول العربية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، وأشار إلى أن العدوان الذي يقوم به شارون حاليا ضد الشعب الفلسطيني جعله يحاصر المجتمع الدولي ويظهره بمظهر العاجز كما يحاصر الأخلاق الدولية مؤكدا بهذا الخصوص على ضرورة فضح ما أسماه ب:الظاهرة الشارونية باعتبارها تتشكل من النازية والتطرف الديني والهمجية والعنصرية ومبعث للخراب. التدخلات من طرف الحضور كانت قوية وركزت في مجملها على التخاذل العربي في التعامل مع القضية، ففي الوقت الذي ترفض فيه جميع الدول العربية الحلول التقسيمية لفض النزاعات بينها وبين الدول المجاورة، نجدها كلها تقبل بقرار 181 الخاص بتقسيم فلسطين، ولا تجد في ذلك أي غضاضة، هذا التخاذل يفرض الحديث عن صراع فلسطين صهيوني فقط، وليس عن صراع عربي صهيوني، لأن ذلك تزوير للحقائق، في الوقت الذي يذبح فيه الشعب الفلسطيني المجاهد. السيد بوطالب وفي معرض رده على هذه الأسئلة، أكد على أن الصراع العربي (الإسرائيلي) تحكمه عدة ضوابط موضوعية يجب أن يغيب عنها الانفعال العاطفي، من ثم، فلا يجب الدخول في حرب عربية (إسرائيلية) لأن نتائجها محكومة سلفا، بالنظر إلى الترسانة العسكرية والتحالفات الاستراتيجية التي عمل (الإسرائيليون) على ضمانها منذ أمد طويل، في الوقت الذي كان فيه العرب منشغلين بقضايا أقل أهمية وأقل تأثيرا. من هذا المنطلق يؤكد السيد بوطالب بأن المقاومة هي الخيار الأوحد لتحرير الأرض، مع ضرورة تقويتها بحملة سياسية وإعلامية مهمة للحفاظ عليها وضمان سيرورتها. وأضاف بأن "أوسلو" كان مرحلة تمهيدية للمقاومة (!!؟)، موضحا بأن هذه المقاومة عليها أن تخرج من الإطار الدعائي لتضمن نجاحها. وبخصوص التطبيع أبرز بأن (إسرائيل) لا تريد ولا تستطيع أن تمضي في هذا المسار، لأن تطبيق هذا المبدأ يعني الانتقال من حالة (الحرب) والدخول في حالة أخرى (السلام) الشيء الذي لا يطيقه قادة (إسرائيل)، الذين أوضحوا في كل وقت وحين دمويتهم. من جهة أخرى، أوضح المستشار الملكي السابق، في معرض رده عن سؤال ل"التجديد" حول دور اليهود المغاربة داخل الكيان المحتل، بأن هذه الفئة من اليهود لم ولن يكون لها أي دور لصالح القضية الفلسطينية باعتبارهم يهودا قبل أن يكونوا مغاربة، موضحا في هذا الإطار أن اليهود المغاربة دائما كانوا يصوتون لصالح الأشخاص الذين يختارون، متغاضين عن "النصائح" التي كان يقدمها لهم بعض الزعماء العرب أما اليهود بصفة عامة، فقد ذكر السيد بوطالب بأنهم راهنوا منذ البداية التأسيسية للولايات المتحدةالأمريكية على التغلغل داخل مؤسساتها السياسية والإعلامية، ليصبحوا مع مرور الوقت أهم مجموعة ضغط في أقوى دولة في العالم، وبالتالي فليس من الغريب أن تتمتع دويلة الكيان بهذا الدعم اللامشروط من واشنطن، وقد ذكر في هذا المجال قصة جرت له إبان وجوده في أمريكا كسفير، حيث قال أنه طاف على جميع أعضاء الكونغرس الأمريكي ليشرح لهم قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية، وأضاف بأنه كان يلمس من بعضهم اقتناعا، لكنهم كانوا يؤكدون له بأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء "لأنهم مدينون بمناصبهم للصوت اليهودي"! تجدر الإشارة في الأخير إلى أن السيد أبو مروان سفير دولة فلسطين بالمغرب، أكد في مداخلته التي اختتم على إثرها اللقاء، بأن الصهيونية هي حركة متجذرة وقديمة، كان مؤتمر بال عام 1896 إعلانيا عنها وليس تأسيسيا كما يشاع، موضحا في هذا الصدد بأن الحركة الصهيونية بدت غير يهودية وتورط فيها بشكل الخاص البريطانيون الذين لعبوا دورا محوريا في احتلال فلسطين، منذ ما يقرب من مائتي سنة. أحمد الوجدي + إسماعيل العلوي